صفحة الكاتب : صادق مهدي حسن

هَكذا فَلتَكُن زيارَة الأربَعين..
صادق مهدي حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حشود حجيجٍ كالسيل يزحفُون (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) نحو كعبةِ العشق والفداء، فيطوفون ملبين في محراب الدماء: لبَّيك، لبَّيك يا سيد الشهداء.. ويسعون بين شمس الإباء المحمدي وقمر الوفاء العلوي، ويصلون خلف مقام وارث الأنبياء.. ملؤهم الفخر والعنفوان، غير مبالين بطول الطريق وأهواله، وأتعاب الجسد وآلامه.. إنها الزيارة الأربعينية، وما أدراك ما الزيارة الأربعينية؟! 
 هي من أعظم - إن لم تكن أعظم - الشعائر الحسينية التي أوصلت رسالة النداء الحسيني للعالم أجمع، هي ثورة عشق إلهي هادرة تجمع أنصار الحق على اختلاف مللهم وتوجهاتهم من كل جهات المعمورة، لتثبت رغم أنوف الحاقدين أن الحسين (عليه السلام) جذوة ألق للثائرين لا ينطفئ وهجها، وفيضُ خلقٍ نبوي لا ينفد أبداً لأن (ما كان لله ينمو).
 وقبل هذا كله، فزيارة الأربعين هي إحدى علامات المؤمن، كما ورد عن الإمام العسكري (عليه السلام) ولأجل أن نحصل على ثمرة طيبة من هذه الزيارة المباركة، ولكي نواسي أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المصاب الجلل حقَّ المواساة.. فلنتذكر ونحن شاخصون إلى أبي عبد الله (عليه السلام) لماذا خرج مضحياً تلك التضحية الكبرى مع الخُلَّص من أهل بيته والثلة المؤمنة من أصحابه؛ كي تكون لنا دستور حياة كريمة ملؤها التقوى والعزة: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون/8) 
• خرج الحسين (عليه السلام) منادياً للعمل بالقرآن، بعد أن عادت جاهلية بنية أمية الجهلاء لتنخر بنية الإسلام بمكائدها الدنيئة.. فلنكن ونحن نعيش ذكرى الشهادة ممن ننادي بالقرآن، والتمسك بتعاليمه، وخصوصاً ونحن نعيش في بحور جاهلية القرون الحديثة، وهي تحمل بين أمواجها سيلاً جارفاً من الانحرافات المختلفة التي عاثت بالأرض فساداً، وأهلكت الحرث والنسل.. 
• خرج الحسين (عليه السلام) إحياءً لسنة رسول الله (ص)، بعد أن حاول الطلقاء وأبناء الطلقاء إماتتها.. ولا زال مدهم وطغيانهم إلى الآن يحاول تدنيس تلك السنة المطهرة بشتى أساليب الشياطين، فلنكن ممن أحيا واستنَّ بسنة محمد (ص)، ونتقي شر كل سنة ابتدعها الظالمون في كل زمان ومكان؛ ليطمسوا معالم الإسلام الحنيف. 
• خرج الحسين (عليه السلام) للإصلاح آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر.. فلنكن ونحن متجهون بقلوبنا وشخوصنا إن شاء الله تعالى ممن ائتمر وانتهى واستجاب لدعوة الإصلاح في جميع جوانبه الفكرية والعقائدية والأخلاقية.. فنكون بهذا ممن لبى دعوة الحسين واستغاثته لنصرة الإسلام. 
 فلتكن زيارة الأربعين المباركة أنموذجاً إسلامياً عالمياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. ولتكن زيارةً نقية من كل شائبة تعكر صفوها.. ولنتخلق بأخلاق الحسين (عليه السلام) وهي أخلاق النبي الأعظم محمد (ص)، ولتكن هذه الزيارة المباركة نقطة انطلاق إيمانية كبرى لتهذيب النفوس وتوحيد الصفوف؛ لأن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن لطائفة دون أخرى، بل وليس للمسلمين فحسب، إنما هو للإنسانية جمعاء.. وما أروع أن نكون ممن نال شرف دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) لزوار ريحانة رسول الله (عليه السلام): ((اللهم يا من خصنا بالكرامة، ووعدنا بالشفاعة، وخصنا بالوصية، وأعطانا علم ما مضى وما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني وزوار قبر أبي الحسين (عليه السلام)، الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم رغبة في برنا، ورجاء لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيك، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضاك، فكافئهم عنا بالرضوان... 
إلى أن يقول: فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، وارحم تلك الوجوه التي تتقلب على حفرة أبي عبد الله، وارحم تلك الأعين التي خرجت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش)).. 
أما والله إنَّه لشرفٌ رفيعٌ وأجرٌ جزيل: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت/35)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صادق مهدي حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/20



كتابة تعليق لموضوع : هَكذا فَلتَكُن زيارَة الأربَعين..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net