صفحة الكاتب : صادق مهدي حسن

أقاصيصٌ مُلَوَّنَة..
صادق مهدي حسن

 من نوادر المتسولين:

     كنت أقف قريباً من جاري، بينما كان منشغلاً بتنظيم الأغراض في دكانه، قاطعه أحد المتسولين طالباً منه المعونة، وكان المتسول ذا شيبة كثيفة، وربما قد تجاوز منتصف العقد السابع من عمره، ومع ذلك لم تكن آثار التعب أو المرض بادية عليه.. أعطاه صاحب الدكان (ألف دينار) وقال له: أنا بحاجة لمن يعمل معي، ما رأيك لو عملت في دكاني من الفجر حتى صلاة الظهر، وسأعطيك في اليوم أجراً قدره (عشرون ألف دينار).. أليس أفضل من ذلة تكفف الناس؟ ضحك المتسول العجوز وقال: شكرا لهذا العرض الكريم.. ولكن لماذا هذا العناء وهذا الالتزام بالدكان ومواعيده مع قلة الأجر؟! أنا أكسب (75000 دينار) وربما أكثر أحياناً في ساعتين أقضيهما متجولاً في الأسواق أو بعض الأحياء السكنية وأرتاح بقية اليوم، وما أسهله من عمل لا يحتاج إلى بضاعة أو رأس مال!!.. ومضى في طريقه تاركاً صاحب الدكان فاغراً فاه.
دَرسُ الاستِدانَة:
   بعد أن بقي في الحانوت المدرسي مجموعة من (اللفات) قام معاون المدير، وهو المسؤول عن الحانوت، بجولة بين الصفوف في الدرس الأخير لبيعها على التلاميذ؛ تجنباً لأي خسائر في الممتلكات..! محطته الأولى كانت الصف الأول الابتدائي حيث يدرس طفلي، ويغتذي من علم المدرسة وأخلاقها.. رفع الأستاذ صوته: ((منو يريد لفّة ويجيب الفلوس باﭼر؟)) هرع التلاميذ إلى معلمهم فرحين، وتسابقوا للفوز بهذا الكرم العظيم، وكان ابني أحدهم.. بعد أن عرفت الأمر وجهت ابني أن لا يقوم بالشراء بهذه الطريقة مرة أخرى، وافق ابني على مضض، ولكنه كان يقص لي كل يوم قصة المعلم الفاضل لتصريف الباقي من (لفات الفلافل)..!
بعد عدة أيام، فاجأني صاحب الدكان القريب من داري بأن ولدي أخذ بعض الحلويات ولم يدفع الثمن، ووعده بأن يجلب المال غداً.. وهكذا تعلم ابني درس الاستدانة!!   
الكوب المفقود:
       استغرب العاملون في إحدى المقاهي المشهورة لتكرر هذا الحدث الغريب.. ففي المقهى مائة كوب، ولكنهم يومياً يفقدون أحد الأكواب المائة ولا يجدون له أثراً واستمر الحال لعدة أشهر، جُنَّ جنونهم.. فدبر أحدهم مكيدة للإيقاع بالجاني وزرع سراً بعض العيون التي ترصد حركات العاملين ورواد المقهى.. وبينما كان الرصد مستمراً لمح أحدهم (صاحب المقهى) ومنذ الصباح الباكر وهو يضع الكوب في جيبه بعد أن أنهى شرب الشاي، وبعد إغلاق المقهى ليلاً تبع العامل صاحب المقهى وهو متوجه إلى بيته حتى وصل منتصف جسر على أحد الأنهر، وهناك رآه يخرج الكوب من جيبه ويرميه وسط النهر.. أراد أن يمضى في طريقه، ولكن أمسكه العامل من يده، وقال سبحان الله.. ما أعجب ما رأيت منك..! أتسرق نفسك، لماذا يا عم؟!! 
تنهد الرجل وقال: عذراً يا ولدي.. لقد كنت في زمن الطيش ممن يهوى التلذذ بآلام الآخرين وسرقة بعض أغراضهم، وبعد أن منَّ الله عليَّ بفضله وتبت توبة خالصة، كانت تنازعني النفس الأمارة بالسوء إلى ذلك الفعل البغيض، ولا أجد راحة إلا إذا سرقت شيئاً.. وهذا ما يدفعني إلى ما رأيت مني فقد كنت أتلذذ بسرقة الكوب من مقهاي ورؤية الحيرة في أعينكم.. أعرفت السارق الآن؟! ضحك العامل وقال: حقاً إنَّ لله في خلقه شؤون..!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صادق مهدي حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/19



كتابة تعليق لموضوع : أقاصيصٌ مُلَوَّنَة..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net