العودة إلى الحياة عبر دمعة متوثبة تشعل النار في قلب أبجدية لا تجيد لغة الانكسار، فلسفة الحزن حكمة تنمو كالأخلاق لا ترضخ لغفلة موجعة، يستيقظ الشاعر وعيا عند مرافئ الأنين، يحمل في كل حرف قنديل ضوء، ويحتفي بنحيب الفواجع عند عواصف الجراح التي يسميها البعض مناسبات ولائية
والسؤال قصيدة شعر، هل أنت شاعرة مناسبات ولائية
**
- سؤال فيه نبرته حرص على التعريف بي أكثر مما فيه حصري في إطار أو لون معين.
الحديث عن الشعر يشبه الحديث عن البحر قد ترى منه شاطئًا فتظن أن هذا هو مداه، بينما في أعماقه مدن من المعاني لا ترى.
أنا أكتب للحياة كلها، لكنني أضع المجال الولائي في الصدارة، لأنه النبض الذي يمنح بقية القصائد حياتها.
وأجد أن شعر المناسبات الولائية ليس قيدا يحد من أفق الشاعر، هو نبض الروح حين يستفزه المعنى.
حين يذكر آل محمد يتحول نبض الحرف إلى كائن يتنفس، بهم تغدو القصائد أجمل وأجزل وأشد صفاء، والصورة أكثر نقاء، هم اللطف حين يتجلى في صورة إنسان، الكون كله قد انتظم لأجلهم، والولاء لهم هو أعمق ما في الروح الإنسانية من قداسة.
والكتابة فيهم إنما هي ومضة الحق حين يسطع، وجرس الذاكرة حين يوقظ أمة من غفلتها، هي انطلاق في الفضاء الرحب، لا أضيق الأطر.
"صرخة الأرض"
كَانَتْ وَمَــا زَالَــتْ عَلَيْــكَ تُنَــادِي يَـــا سَيِّــدَ الـكَـوْنَيْـــنِِ وَالعُـبَّـــادِ
كَانَــتْ تَئِــنُّ وَتَسْتَغِيـــثُ تَوَجُّعًــا مِنْ شَرِّ شِـرْكٍ شَــبَّ بِالأَحْقَــادِ
أَنَّى اتَّجَهَتَ وَجَـدَتَ طَـاغُوتًـا بِهَـا بَسْطَ الضَّلالَ بِسَهْلِهَـا وَالــوَادِي
لَمْ يَبْقَ فِي الأَفْقِ المُضَـلَّلِ مُهْتَدٍ طُمِسَتْ أُمِيتَـتْ بَصْـمَةُ الإِرْشَادِ
فِي غَمْرَةِ الطُّغْيَانِ كَأْسُ سُلَافَـةٍ دَارَتْ لِتُنعشَ صَفْـــحَةَ الإفْسَـــادِ
شَــرٌّ يُعَــرْبِــدُ لَا يَــرَى وَعْيًـــا وَلَا صَحْــوًا لِيُنْقِـذَهَــا مِـــنَ الإلْحَــادِ
فَأَتَيْـتَ مِـنْ غَيْـبِ الإلَــٰهِ مُحَـــرِّرًا كُلَّ البَسِيطَةِ مِنْ أَسَى الأَصْفَادِ
وَأَتَيْـتَ مَبْعُــوثًــا أَتَيْـتَ مُوَحِّـــدًا وَأَتَيْـتَ تُرْسِــي لِـلعِبَــادِ مَبَــادِي
فلتسمني شاعرة مناسبات ولائية، أو شاعرة الحياة، أو شاعرة المطلق، فالأسماء لا تقيدني، لأن الهدف عندي أسمى من المسميات، والانتماء أوسع من حدود التصنيف
أنا أكتب للحياة بكل ألوانها، لكل ما يليق بالإنسان أن يحيا لأجله، لبهجة المولود، ولدمعة المودع، لرجفة الغيم، ولهيب الفقد، للنور، وللدهشة، والحكمة.
"في الفقد"
المَوتُ! مَا المَوتُ؟ شَيءٌ لَيْسَ نَألَفُهُ وَإِنَّهُ الحَقُّ... لَا أشْيَــاءَ تُوقِفُـــهُ
فَكَــمْ وَكَـمْ بِألِيــمِ الفَقْــدِ أدْهَشَنَـــا حَيٌّ عَلَى وَاقِعِ الأحْيَـاءِ مَوقِفُــهُ
يُلقِــي عَلَينَـــا بِــلا وَعْـــدٍ فَوَادِحَـــهُ فَيُصْبِحُ الدَّمْعُ جَمْرًا حِينَ نَذْرِفُــهُ
"وفي التهنئة- تخرج"
وَهَجٌ يَسْرِي عَلَى هَيئَةِ شِعْرِ أَينَعَتْ أُمْنِيَّةٌ فِي رَوضِ عُمْرِي
كُنْتِ مَا زِلْتِ أَيَا فُلَّــةَ رُوحِـــي أَمَلًا خَبَّأَتُهُ فِي جَيبِ صَــدْرِي
وَتَخَرَّجْتِ فَهَـٰذَا اليَــوْمَ سَعْـــدٌ وَبَهِيجٌ بِغَـدِيرِ الحُــبِّ يَجْــــرِي
"في قدوم مولودة"
يَـــا لَيَـــالٍ مَغْمُـــورَةً بِالحَيَـــــاةِ مُفْعَمَاتٍ بِالحُسْنِ كَالجُورِيَاتِ
مِنْ مَرَايَاكِ بَــانَ طَيــفٌ سَعِيــدٌ أَذْهَلَتْـــهُ إِطْلَالَـــةُ الحُورِيَـــاتِ
لَيتَ شِعْرِي هَلْ جَاءَ لِلكَونِ نُورٌ أَمْ فَتَاةٌ لَيسَــتْ كَـــأَيِّ فَتَـــاةِ
"ومن شعر الحكمة"
"التكبر"
اِخفِضْ جَنَاحَكَ لا تَكُنْ مُتَكَبِّرَا وَاحْذَرْ غُرُورَكَ، أَنْ تُذَلَّ وَتُقْهَرَا
إِنَّ الإلَـٰهَ لِمَـنْ تَكَبَّــرَ مُبْغِــضٌ وَبِذَاكَ قَدْ جَاءَ البَيَـانُ وَحَـــذَّرَا
"التواضع"
تَواضَعْ تَكُنْ كَالنَّجمِ وَاللهُ يَرفَعُكْ وَيَكسُوكَ تَاجَ المَـجدِ نُــورًا وَيُلمِعُـــكْ
وَلَا تَكُ كَالدُّخَانِ يَـرفَعُــك الــهَوَا إِلَى أَوْجِ زَيْفِ العُجْبِ مِنْ ثَمَّ يَصْرَعُكْ
"العجب"
لَا تُعْجَبَنَّ فَإِنَّ العُجْبَ مَهْلَكَــةٌ يُرْدِي الغَرُورَ بِهِ فِي الذُّلِّ وَالخَطَرِ
مَا نَالَ مَجْدًا أَخُو كِبْرٍ وَمَفخَـرَةٍ بَلْ تَاهَ فِي طَلَبِ العَليَاءِ وَالوَطَرِ
"الأخوة"
اِضْبِطْ مَوَازِينَ الأُخُوَّةِ كَيْ تَرَى أَنَّ الأُخُــوَّةَ لَا تُبَـاعُ وَتُشْتَــرَى
وَاعْلَمْ بِأَنَّ أَخَاكَ كَهْفُكَ تَلْتَجِيْـ ـهِ إِذَا تَقَاسَمَكَ الْبَـلَاءُ وَإِنْ فَـرَى
"الكذب"
يَظُــنُّ الكَاذِبُــــونَ قَبِـيـــــحَ فِعْـــلٍ سَيَخْفَى وَالحَقَائِقُ لَيْسَ تَظْــهَرْ
وَلَكِــنْ سَــوْفَ تَكْشِفُهَــا اللَّيَالِـي وَيَبْدُو الكَاذِبُــــونَ بِقُبْـــحِ مَنْظَـــرْ
لكن يبقى المجال الولائي موطني الأقدس، مرفأي الأبدي، ومسرح قلبي الأوسع، هو الأصل الذي أستمد منه مددي الذي تتفرع منه كل المعاني، والنور الذي تتغذى منه بقية الألوان الشعرية.
وفي الختام القصيدة الولائية بالنسبة لي هي تاج الشعر، وإن جرى قلمي في كل اتجاه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat