صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) ٧٨
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يدل النص الوعظي المدرك بنشاطاته القيمة من الصحيفة السجادية المباركة، على الجمالية العالية والأطر الفكرية والنص الخصب بما يحمل من مضامين، تقرأ لنا الصحيفة السجادية المبدعة قراءة عصرية، والتأمل في البعد الاستباقي، هناك زمن ماض وزمن تحقيق المعلومة الاستباقية للنبوءة، ويستشرف في آفاق المستقبل بعصمته على التواصل.

الأدعية تدور حول المستقبل، اللهم (ارزقنا - وفقنا - اهدنا) لنستشرف من خلال أفعال الدعاء عن المستقبل فإن الفتن والابتلاءات كثيرة، وكل يبتلى بحسب رؤيته، هناك فضاء واسع يدرس أصحاب الابتلاءات في المنطلقات فكرية، فالابتلاء بالرزق حد أن يتهم الله سبحانه وتعالى بعدم التدبير، ببعض الابتلاءات تؤطر بأطر مزاجية لا واقع شرعي لها، يريد كل الأمور تدفع لمزاجه ورؤاه، وإلا تجرأ على كل مقدس، لو نتابع حكاية الإمام الصادق "عليه السلام" بتفعيل المعرفة الاستشرافية والاستباقية ودلالة معانيها تتجلى الأسس التي تدني عليها الاستباق لفكرة أو حدث، بعض أولاد الإمام الحسن "عليه السلام" والمعاصرين للإمام الصادق، أولاد عمه اعترض الإمام على المبايعة لمحمد ذي النفس الذكية وهو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ويكنى بأبي عبد الله وكان أهل بيته يسمونه بالمهدي، ويقدرون أنه هو الذي جاءت به الرواية، وكان علماء آل أبي طالب يمتلكون الكثير من المضامين الاستباقية فهم يقرأون إنه المقتول بأحجار الزيت.
رؤية الإمام كانت تشير إلى مستقبل الثورة، وكان يدرك أن ثورة بني العباس ستنتصر، لكن ليس على يد محمد ذي النفس الزكية، وإنما اتخذوه جسرا ومن ثم سيقتلونه، لذلك نبه إلى وجود هذا الخطر حرصا على محمد ذي النفس الزكية، فلما اعترض على بيعته أطلق والد محمد على الإمام الصادق "عليه السلام" عبارات غير مؤدبة في حق الإمام "سلام الله عليه"، الرجل يمتلك كينونة مغلقة في حدود البنية الفكرية التي لا ترى إلا مصالحها؛ ومن لا يتبنى رؤاه فهو ليس منهم ولا يقبلوه في صفوفهم حتى أن كان ابن عمهم، لهذا فهو يرى أن تلك الاستباقية ليس نتيجة التراكم العلمي الغيبي، وإنما اعتبره مجرد حسد لا أكثر، يحمله على هذا الحسد لابنه محمد، الأفق المرسوم لهذه الاستباقية لا تحتمل المعنى الاحتمالي، بل كان الحدث نبوءة ويقين، فهو أشار إلى أن الثورة والخلافة ستكون لأبي العباس السفاح، وإخوته وأبنائهم دونكم، وضرب بيده على ظهر أبو العباس السفاح، أما محمد ذي النفس الزكية سيقتل، القضية عند الإمام ليست قضية ذاتية بل هي أطر معرفية ومنطلق هذا الهاجس الاستباقي لأنهم يمتلكون أفكارا مستقبلية، لهذا نقف عند عدد من المحاور المهمة في هذه الحكاية المكثفة والقصيرة.
يقرا سماحة السيد أحمد الصافي بين ثناياها إن في بعض الحالات لا يرجع الإنسان إلى وجدانه، ولا يرجع إلى عقله ولا يرجع إلى ضميره وإنما يركب الأمور كيف ما اتفق، لأنه تربى على هذا النمط ودخل في متاهات قد لا يخرج منها، لهذا دائما مرتكزات الدعاء مستقبلية (اللهم اجعل عواقب أمورنا إلى خير، واحسن عاقبتنا)، يختصر لنا هذا الدعاء الرغبة والإيمان والصلاح،  في آخر لحظات الدنيا يحتاج الإنسان إلى بخت ليدرك منتهى السؤال، وغايه الأمل لنصل إلى المدرك القصدي من هذه القراءة الواعية بأن كلام الأئمة "عليهم السلام" يورد في عدة مهام ومنها العلم بمضامين أهل البيت "عليهم السلام"، وتعاليمهم وبعدها العمل، ومن أذنب عليه أن لا يصر على الخطأ، وإذا أذنب الإنسان بسبب من الأسباب فقد فتح الله تعالى له أبواب الرحمة الواسعة، هنا تلعب الإدارة في استيعاب الابتلاء بكل أنواعه، الابتلاء المالي أو الصحي طلب العافية، هناك ابتلاءات تحتاج إلى وعي، وهي ابتلاءات الدين التي لها إمكانية أن تخرجنا من الدنيا صفر اليدين،
الحكمة في معنى هذا المضمون، إن الحياة التي نعيشها هي لمرة واحدة، ورزقنا الله العقل لنعرف كيف نعيش هذه الحياة ولا يمتلك الإنسان على الله حجة الهداية وإدامة الهداية، بقاء عملية الاستعانة بالله تعالى، هل (وفقني) تشمل عوالم الماضي أم عوالم المستقبل؟
و(ارزقنا) لا علاقة لها بمادية الحياة، إن رزقنا توفيق الطاعة، فالطاعة نفسها توفيق، ونتأمل بنقاوة المستقبل الذي يطلبه الإمام "عليه السلام" (اهدنا) لك لأنها تهدي إليك وتريني الطريق إليك.
قضيه الزمن المستقبلي قضية زمانية كونية مهمة لو تأمنا في معنى (فرصة) ظرف ووقت مناسب للقيام بعمل ما ينبغي اغتنامها، والإمام "عليه السلام" يقول (إضاعة الفرصة غصة) إذا ضاعت الفرصة تكون غصة لا تعود، أغلب اشتغالات الأئمة الفكرية والثقافية تتمحور في المستقبل، حتى الماضي يكون منطلقا لرسم الغد، فالنصيحة للابتعاد عن المعاصي أيضا محور زماني مستقبلي، الإذن يوم القيامة تسمع فليسمعها الإنسان حلاوة الأداء، والمضمون لا ينكس المستقبل في رأي الأمة بالتوقع وإنما باليقين، وهذا اليقين له مميزات الإدراك والطبيعة العارفة، وما يطلق عليها قدرة التمييز عند وجود التناقضات الفكرية والتطرف والمذاهب اتخاذ العقيدة لدعم هذا المستقبل اليقين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/14



كتابة تعليق لموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي) ٧٨
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net