صفحة الكاتب : صادق مهدي حسن

اللِّصُّ المُحتَرف
صادق مهدي حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بعد أن تناول عشاءه ذات ليلة شاتية، فتح أمامَهُ ما يقرب من عشرين نافذة لمواقع الكترونية متنوعة على شاشة اللابتوب.. اعتاد على التجوال فيها يومياً لبضع ساعات دون كلل أو ملل: (الفيسبوك على عدة صفحات بتوجهات مختلفة، الإيميل، منتديات بأقسام عديدة... الخ)، ينشر مقالاً أو صورة هنا، ويقتبس فكرة أو رأياً من هناك، يقرأ النسخ الإلكترونية لعدة مجلات وصحف تارة، ويراسل بعض الإخوة والأصدقاء تارة أخرى، وأحياناً يمضي وقته عابثاً بين مواقع الشبكة العنكبوتية دون هدف محدد..!

 شعر بشيء من الإرهاق، فقرر ترك الحاسوب خلال نصف ساعة، ولكن بينما كان يتصفح في ذلك العالم الفسيح، وجد ضالته في موقعٍ مختصٍ بإصدارات مختلفة تتعلق بتخصصه الدراسي، فرح بمئات الكتب التي طالما بحث عنها، أعجبته كتب أخرى لما تحويه من مواضيع تشبع نهمه الفكري، نسي ما اعتراه من تعب، وبدأ بتحميل الكتب الإلكترونية من ذلك الموقع، ولم يتوقف حتى فوجئ بالأذان يرفع من مئذنة المسجد القريب، انتفض مستغرباً حين وجد الساعة قد جاوزت الخامسة فجراً.. وإذا بتلك الساعات الطوال مرت كأنها دقائق معدودة..!
 أتمَّ صلاته.. وارتمى في سريره منهكاً، وما لبث أن استيقظ بعد ساعتين فقط ليذهب إلى عمله.. فقضى يوماً شاقاً جداً لعدم أخذه قسطاً وافياً من الراحة.. وفي لحظة تَحَدٍّ أصرَّ على أن (يعاقب نفسه)..! فأقسم أغلظ الأيمان، وعاهد الله تعالى أن يترك الإنترنيت لشهر كامل.. ومضى الشهر على مضض، ومع هذا لم يجدد اشتراكه بخدمة الإنترنيت مرَّة أخرى، وحين اتصل بعض أصدقائه، ليعرفوا سبب غيابه، كتب إليهم: 
 "رغم كل ما فيه من إيجابيات وفوائد جمَّة، إلا أنني أدركت في الأيام الماضية أن الإنترنيت (لِصٌّ مُحتَرفٌ)، يسرق الوقت الثمين دون شعور، سرق أوقات راحتي وأوقات عبادتي.. فأبعدني عن القرآن والدعاء وكثير من المستحبات، سرقني من عائلتي حتى أصبحنا كغرباء تحت سقف واحد.. قصَّرت في كثير من واجباتي نحوهم، فما عدت أسأل عن أطفالي في البيت أو المدرسة، ولا أزور أبي وأمي إلا في مناسبات متباعدة، سرقني من عملي فأسأت أداء مهماتي على الوجه الأكمل، سرق مني الكثير الكثير، أما الآن فقد عزمت على أن أكبِّل هذا (اللِّص) وأسجنه خلف قضبان إرادتي بعد أن كبَّلني لوقت طويل بأصفاده الناعمة..! فبتُّ لا أستخدمه إلا عند الضرورة، ولن أتواجد على مواقع التواصل والمنتديات إلا في أحيان متباعدة.. أخواني وأصدقائي الأعزاء.. شكراً لسؤالكم الحفي عني، ولمشاعركم الفياضة بالمودة الخالصة.. أنتم جميعاً في شغاف قلبي".
نشر كلماته على صفحته الشخصية.. مصحوبة بباقة ورود بيضاء، تناثر على وريقاتها ندى الفجر البديع.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صادق مهدي حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/17



كتابة تعليق لموضوع : اللِّصُّ المُحتَرف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net