آيات قرآنية في کتاب معجم الفروق اللغويه للعسكري (ح 8) (الانزال والتنزيل، الانظار والتأخير)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في کتاب معجم الفروق اللغوية بترتيب وزياده للمؤلف أبو هلال العسكري: الفرق بين الاناة والتؤدة: أن التؤدة مفارقة الخفة في الامور وأصلها من قولك وأده يئده إذا أثقله بالتراب ومنه الموؤدة وأصل التاء فيها واو ومثلها التخمة وأصلها من الوخامة والتهمة وأصلها من وهمت والترة وأصله من ترت، فالتؤدة تفيد من هذا خلاف ما تفيد الاناة وذلك أن الاناة تفيد مقاربة الامر والتسبب إليه بسهولة، والتؤدة تفيد مفارقة الخفة ولولا أنا رجعنا إلى الاشتقاق لم نجد بينهما فرقا ويجوز أن يقال ان الاناة هي المبالغة في الرفق بالامور والتسبب إليها من قولك آن الشئ إذا انتهى ومنه " حميم آن " (الرحمن 44) وقوله " غير ناظرين إنيه " (الأحزاب 53) أي نهايته من النضج. الفرق بين الانام والناس: أن الانام على ما قال بعض العلماء: يقتضي تعظيم شأن المسمى من الناس قال الله عزوجل " الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم " (آل عمران 173) وإنما قال لهم جماعة وقيل رجل واحد وإن أهل مكة قد جمعوا لكم، ولا تقول جاءني الانام تريد بعض الانام وجمع الانام آنام، قال عدي بن زيد: إن الانسي قلنا جمع نعلمه فيما من الانام والامم جمع امة وهي النعمة.
وعن الفرق بين الانجاء والتنجية يقول العسكري في كتابه: كلاهما بمعنى التخليص من المهلكة. وفرق بعضهم بينهما فقال: الانجاء في الخلاص قبل الوقوع في المهلكة. والتنجية يستعمل في الخلاص بعد الوقوع في المهلكة. قلت: ويؤيد الاول قوله تعالى: "ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين" (الأنبياء 9). فإن المراد بالمنجين: الانبياء، وقد أنجاهم الله من العذاب قبل وقوعه على الامم. ويؤيد الثاني قوله تعالى: "وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب" (البقرة 49). فإن إنجاء بني إسرائيل من آل فرعون وذبح أبنائهم، وتحميلهم الاعمال الشاقة كان بعد مدة من الزمان. هذا وقد يستعمل كل منهما في موضع الآخر إما مجازا أو بحسب اللغة. الفرق بين الانذار والاعلام: الانذار: إعلام معه تخويف، فكل منذر معلم، وليس بالعكس. ويوصف القديم سبحانه بأنه منذر، لان الاعلام يجوز وصفه به، والتخويف أيضا كذلك لقوله تعالى: " ذلك يخوف الله به عباده " (الزمر 16) فإذا جاز وصفه بالمعنيين، جاز وصفه بما يشتمل عليهما، قاله الطبرسي.
وعن الفرق بين الانزال والتنزيل يقول أبو هلال العسكري: قال بعض المفسرين: الانزال: دفعي، والتنزيل: للتدريج. قلت: ويدلك عليه قوله تعالى: "نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والانجيل" (آل عمران 3) والآية بعدها " من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله ذو انتقام" (آل عمران 4). حيث خص القرآن بالتنزيل، لنزوله منجما، والكتابين بالانزال لنزولهما دفقة. وأما قوله تعالى: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب " (الكهف 1) فالمراد هناك مطلقا من غير اعتبار التنجيم، وكذا قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" (القدر 1). فإن المراد إنزاله إلى سماء الدنيا، تم تنزيله منجما على النبي صلى الله عليه وآله في ثلاث وعشرين كما وردت به الروايات.
وعن الفرق بين الانظار والتأخير يقول العسكري في كتابه: قد فرق بينهما بأن الانظار: إمهال لينظر صاحبه في أمره، خلاف التقديم. ويرشد إليه قوله تعالى حاكيا عن هود عليه السلام مخاطبا لقومه: "فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون" (هود 55). الفرق بين الانعام والنعم: قال الحريرى في " درة الغواص ": قد فرقت بينهما العرب، فجعلت النعم اسما للابل خاصة، والماشية التي فيها الابل، وجعلت الانعام: اسما لانواع المواشي من الابل، والبقر، والغنم، حتى إن بعضهم أدخل فيها الظباء، وحمر الوحشي، متعلقا بقوله تعالى: "أحلت لكم بهيمة الانعام" (المائدة 1). الفرق بين الانفاق والاعطاء: أن الانفاق هو إخراج المال من الملك، ولهذا لا يقال الله تعالى ينفق على العباد، وأما قوله تعالى "ينفق كيف يشاء" (المائدة 64) فإنه مجاز لا يجوز استعماله في كل موضع وحقيقته أنه يرزق العباد على قدر المصالح، والاعطاء لا يقتضي إخراج المعطي من الملك، وذلك أنك تعطي زيدا المال ليشتري لك الشئ وتعطيه الثوب ليخيطه لك ولا يخرج عن ملكك بذلك فلا يقال لهذا إنفاق. ومنه قوله تعالى "وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله" (البروج 8) وذلك أنهم أنكروا منهم التوحيد وعذبوهم عليه في الاخدود المقدم ذكره في السورة وقال تعالى "وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله" (التوبة 74) أي ما أنكروا من الرسول حين أرادوا إخراجه من المدينة وقتله إلا أنهم استغنوا وحسنت أحوالهم منذ قدم بلدهم والدليل على ذلك قوله تعالى "وهموا بما لم ينالوا" (التوبة 74) أي هموا بقتله أو اخراجه ولم ينالوا ذلك، ولهذا المعنى سمي العقاب انتقاما والعقوبة نقمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat