الشاعر والرادود الحسيني الحاج عزيز الگلگاوي
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

بعض الشعر مستودع للحكمة والفصاحة، فهو الديوان الحافل بالأحداث والوقائع التاريخية المهمة. وقد سطّر الشعراءُ منذ الرعيل الأول للعصر الإسلامي وإلى يومنا آيات الولاء والحبّ التي تكنّها قلوبهم وضمائرهم، وتعتلج بها صدورهم تجاه النبي المصطفى (ص) وعترته الأطهار (ع)، مؤكدين أصالة هذا المبدأ العقائدي وأهميته، ومبينين آثاره ومعطياته. ولعل قضية عاشوراء تركت الأثر البالغ والأكبر في نفوسهم، ففاضت دواوينهم حتى صارت معلقات حزن تصف فاجعة الطف الكبرى، واعتلت حناجرهم صهوة الحزن الأبدي.
الشاعر والرادود الحسيني الحاج (عزيز الگلگاوي) عطاء ثر ونبض دائم، تألق من أجل القضية الحسينية صوتا وقلما، حدثنا عن بداياته وذكرياته في كتابة الشعر، وإبتكار الردات والأطوار الحسينية:
كان ذلك في العام 1945، وأذكر أول قصيدة كتبتها جاء فيها: (يا هلي شصار شصار ما تدلوني * وين حارس خيمتي * وين الي يطفي النار ما تدلوني). وقد قرأت هذا النص على المنبر، وأيضا قرأ هذه القصيدة أكثر الرواديد في كربلاء، وخصوصا المرحوم الحاج حمزة الزغير. كتبت بهذا اللون، لتأسيس هويتي وإنتمائي الحسيني، ومنذ كتاباتي الأولى، بدأت بخط طريقي الشعري الجديد، متمثلا ذلك في طريقة اختياري للبحر الذي أكتب فيه، والطريقة التي أنظم بها، فقد ذهب شعراء ذاك الوقت إلى كتابة الشعر على البحر الطويل، او الموشح، او الميمر، والميمر المذيل، اما أنا فخرجت عن هذا، بشكل حديث، يتلائم وروح ذلك العصر، سواء على صعيد النص الشعري، او على صعيد الطور الحسيني بالنسبة للنعي وغيره. وهذا جعل الكثير من الرواديد الحسينيين يتجهون لقراءة قصائدي، لما فيها من تجديد وتحديث على مستوى الطور والشكل الشعري، وهذا لاينفي انني اعتبرت من سبقني في كتابة الشعر من الشعراء الكبار أساتذة وموجهين لي، وأولهم كان أستاذنا الكبير المرحوم كاظم المنظور الكربلائي، وأيضا الشيخ المرحوم كريم أبو محفوظ، وأيضا المرحوم كاظم البناء، والمرحوم عبد الأمير الترجمان، وأسماء كثيرة غيرهم. أما في الفترة المظلمة التي كان يحكم فيها البعث الكافر، فقد كتبنا وقرأنا فيما بيننا، كشعراء ورواديد، فاتجهنا بذلك إلى بيوتاتنا لنظم وقراءة القصائد الحسينية، مخافة القتل والإعتقال والتغييب، فقد كان آنذاك وكما هو معروف للجميع منع قسري وهمجي لكل ما يمت للقضية الحسينية بصلة. حتى ان مسألة طباعة المجاميع والدواوين الشعرية لم تكن متاحة، ولكن اليوم وبفضل الله وبعد زوال هذا الكابوس، بتنا قادرين على الطباعة والنشر، لذا أول مجموعة لي هي في المطبعة الان، وهذا بعد مسيرة أكثر من ستة عقود في طريق الشعر الحسيني، والخدمة المباركة هذه، حيث منَّ اللهُ علينا بأن نرى ثمرة هذا العمل الدؤوب بعد رحلة طويلة مليئة بالمخاطر والصعاب، ولكن كل هذا امام العطاء الذي خطه الإمام الحسين (ع) يبدو قليلا جدا مهما قلنا او كتبنا أو قرأنا. وتأخير الطباعة أيضا يعود إلى سوء حالتي الصحية وانعزالي عن المجتمع الثقافي والحركة الثقافية في المحافظة.
ماهو الفرق بين البارحة واليوم لطريقة تأدية الطقوس العاشورائية والحسينية سواء في كربلاء المقدسة أو خارج كربلاء؟
كربلاء اليوم باتت مختلفة رغم انها كذلك منذ دخلها الإمام الحسين (ع)، لكننا نشهد اليوم اختلافا واضحا ومهما، لما نراه من ممارسات لشعائر أهل البيت (ع) بحرية تامة وتنظيم وعناية بالغة، والخدمة التي يقدمها خدمة أهل البيت (ع)، تدل على الشعور الحسيني النابع من صميم الولاء والإنتماء للقضية الكبرى والهدف الأسمى الذي نادى به سيد الشهداء يوم الطف. نحمد الله انه مدّ بأعمارنا إلى هذا اليوم الذي نسمع فيه الرادود وهو يجهر بحبه وعشقه من خلال قصيدته على الملأ في الشارع والمواكب الحسينية التي نراها أيام عاشوراء لهي أكبر دليل على ذلك.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat