حلوة وتهزّ... بس الوطن ينوح !!!
زيد الحسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زيد الحسن

في لحظة تاريخية ـ أو فلنقل لحظة استعراضية مهينة ـ نزل الرئيس الأمريكي من طائرته، فاهتزّت الأرض تحت قدميه، لا لأن العرب استعادوا القدس، أو أطلقوا قمراً صناعياً يراقب حدودهم المسروقة، بل لأن فتيات في عمر الزهر كنّ يهززن شعورهن على إيقاع الموسيقى، ونساء "عربيات الأصل والمنشأ" يرقصن ويلوّحن كأنّهن يُجدّدن بيعة القرن.
رئيس أقوى دولة في العالم لا يحتاج استقباله إلى استعراض عسكري أو حفاوة دبلوماسية راقية، لا، هو بحاجة إلى عروض راقصة، وكأنّما الخليج قرر أن يستعيد شرفه الضائع على أنغام الـDJ وعبق العطور الفرنسية، لا على مآذن القدس أو ملاحم الموصل.
ثم ماذا؟
جاء الرجل، صافح، ابتسم، وحلبهم ، نعم، حلبهم كما تُحلب البقرة المباركة في مزرعة الذل الاستراتيجي.
تريليونات من الدولارات خرجت من خزائن "الشعوب النائمة" لتغذّي مصانع السلاح الأمريكية، وتموّل بطالة واشنطن، بينما العاطل العربي يشرب الشاي ويعدّ أيامه حتى يتكرّم عليه صندوق التنمية بزجاجة زيت وسلة رز.
ثم يُقال لك: هذا هو المجد العربي الحديث.
أي مجد؟ مجد الجِزم التي تُلمّع بالألسنة؟ أم مجد الرقص بين جثث أطفال اليمن وسوريا والعراق وغزة وكل ارض فلسطين .
يا سادة، هذه ليست سياسة، هذه دعارة دولية بطعم البخور الملكي، حيث تُقدّم الكرامة الوطنية قرابين على موائد الغُرف المغلقة، مقابل بقاء الكرسي ورضا "العم سام".
تخيلوا لو أن جدًّا عربيًا حقيقيًا بعث من قبره ورأى أحفاده يستقبلون الغزاة بالرقص ويودّعون أموال شعوبهم بابتسامة، لربما عاد إلى القبر طواعية وكتب على شاهد قبره: "هنا يرقد آخر رجل كان يظن أن العروبة شرف".
لقد أصبح الخليج اليوم شاشة عرض كبيرة، تُعرض فيها مشاهد الولاء بلا خجل، وتُوزّع فيها الثروات وكأنها كيس حلوى في عيد ميلاد سيّد البيت الأبيض.
أما الشعوب؟
فهي تصفّق، تبكي، تسخر، لكنها لا تتحرك. لأنها تعيش بين خيارين:
الطاعة أو السجن... الرقص أو الرحيل... التصفيق أو المقبرة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat