بين قداسة السلك ونجاسة المسؤول !!
زيد الحسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زيد الحسن

منذ أربعةٍ وعشرين عامًا والكهرباء في العراق تخجل أن تُكمل نصف يومها معنا، كأنها في علاقة سامة معنا نحن الشعب، ( تتدلل ) علينا وتختفي، ثم تعود لدقائق كي تُذكرنا أن هناك شيئًا اسمه تيار كهربائي، لكنّه تيار فاشل... كأنه حزب جديد في الحكومة.
الكهرباء عندنا لا تُشبه الكهرباء في باقي بلدان العالم، فهي في العراق أبرد من أسلاكها، لكنها تشوي ظهور الفقراء وتلسع جيوبهم قبل أن تلسع الهواء. المواطن العراقي لا يعرف معنى فاتورة كهرباء ، بل يعرف (فاتورة مولدة )، وفاتورة ثلاجة احترقت ، وفاتورة مريض مات لأنه لا يوجد تبريد في مستشفى حكومي .
رؤى الإصلاح الكهربائي التي تخرج من أفواه الوزراء واللجان والخبراء، تشبه وصفة طبخ يكتبها أعمى لصديق أطرش... الكل يتكلم عن الإصلاح، ولا أحد يرى النور بالمعنى الحرفي ، لأن الرؤية في العراق لا تحتاج إلى رؤية، بل إلى حصة في كعكة المحاصصة، وهنا مربط الذلّ .
في تموز، الشمس تحكم، والحكومة تبرر، والمواطن يحتضر ، الطفل الرضيع يتحول إلى كائن يغلي في مهده، والمرأة المسنّة تهمس للموت: (تعال خلصني)، بينما المسؤول يشرب عصير ( الضحك على الذقون )، في مكتبه المكيف، ويدلي بتصريحات باردة أكثر من التبريد المركزي.
وحده ملف الكهرباء كفيل بأن يجعل الإصبع الذي يصوت في الانتخابات خجولًا، مذنبًا، وربما كافرًا بالنظام والدولة والدستور والمولدات معًا. هذا الإصبع الذي يختار السياسيين كل أربع سنوات، يجب أن يُقَطَّع أربعًا أربعًا، ويُسلَّم للمولد الأهلي كقسط مقدَّم.
الكهرباء في العراق ليست مجرد خدمة، إنها فضيحة على مدار الساعة ، وأما المسؤولون، فهم مثل ( الترانسفورمات )، لا يعملون إلا إذا لمسهم دولار، ويقعون عند أول ضغط شعبي، وينفجرون إذا واجهوا الحقيقة.
أيها العراقي، لا تطلب من الحكومة كهرباء، اطلب منهم اعترافًا: اعتراف أنهم فاشلون، وأن المحاصصة صنعت لهم عقولًا كالبطارية الصينية، تنتهي صلاحيتها قبل أن تبدأ.
في النهاية، لا يسعنا إلا أن نقول:
اللهم كما عذبتنا بشمس العراق، فعذبهم بوهج الضمير... إن كان لديهم ضمير .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat