تم التأديب... نعم، لا تتفاجأ ، ليست مسرحية، ولا بيان شجب ،هذه المرة الضربة وقعت، والعويل صعد، و ( المدللة )صرخت: ماما إيران ضربتني!
سجّلها التاريخ، وبالحبر الأحمر لا بالحبر الأسود، لأول مرة منذ أن تحوّلت الأمة الإسلامية إلى ( جمعية الرحمة لرعاية بيانات الشجب) ، يحدث ما يشبه الرد ، لا بل التأديب ،لا بل تأديبٌ مدروس، محسوب، موثّق بالصوت والصورة، جاء من الجمهورية الإسلامية في إيران، ودوّى صداه بين أقبية البنتاغون وقاعات الكنيست وغرف نوم القادة الذين كانوا يظنون أن المنطقة ملعب بلا حُرّاس.
نعم، تم التأديب بنجاح... بعد سنواتٍ من تذوّق طعم الذل بالتقسيط، وبعد أن صار أقصى ما نفعله أمام جرائم إسرائيل هو إعادة "تويت" غاضب أو منشور (حزين ) ، جاء هذا الردّ بحجم الحلم المكبوت.
نحن، أمة أرسلنا ملاحظة احتجاجية عبر القنوات الدبلوماسية ، رأينا للمرة الأولى شيئًا غير الملاحظات، وغير البيانات، وغير المساعدات الطبية التي ترسل بعد دفن الضحايا!
لكن أرجوك، لا تنسى المفارقة المخزية: في جانب من الخريطة، زعماء سلّموا قرارهم وخزائنهم لابن العم سام، واشتروا رضا تل أبيب بترليونات الدولارات ملفوفة بخصلات الشعر الأسود وهزات الخصر ، وهم يبتسمون بلطف سفراء النوايا الحسنة ، وفي الجانب الآخر، من جعلوا صواريخهم تقصف التغطرس من ارتفاع منخفض ، ومن أسمعوا العويل الإسرائيلي لمن لم يسمعه من قبل!
كان عويلهم يصل السماء، وأبواقهم تهمس: ما الذي جرى؟ لم نعتد أن يُرَدّ علينا!
أما نحن، فننظر بدهشة: يا للزمن! لقد قام أحدهم وفعل شيئًا غير الشجب.
هذا ليس مقالاً دعائيًا، ولا قصيدة مدفوعة الثمن في صحيفة رسمية ، بل هو نَفَس طويل خرج من رئة أُمّة ظلت تكتم الغضب، تكتب الخوف، وتختمه بعبارة ( اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك ) .
اليوم، لم يُوكل الأمر إلى السماء فقط ، نزل الردّ، وكان التوقيع من الأرض، وكانت الرسالة موجهة بالعبرية المبسطة:
(لم نعد أولئك الذين تعتادون صفعهم دون ردّ ) .
فلتتذوّق تل أبيب الآن طعم القلق، كما تذوّقه أطفال غزّة وهم يعدّون ثواني الموت ،
ولتُسحب الأنفاس عميقًا هناك، كلّما صدر إنذار أو اهتزّ الجدار، ولتدرك إسرائيل أن زمن الاحتكار الحصري للردع انتهى.
أما نحن، ففي زمن الهرولة والانبطاح، نحفظ هذا المشهد جيدًا. ليس لأنه معجزة، بل لأنه المرّة الأولى منذ زمن طويل... التي لم تنتهِ فيها الجملة بـ (وقد عبّر مصدر مسؤول عن قلقه العميق ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat