صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

هل بدأت مهمّة الجولاني غرب البلاد؟
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لم يكن كاذبا من اعتبر أن سقوط نظام بشار كان بتدبير أمريكي تركي، ومن غير المستبعد أن تكون روسيا ضلعها الثالث، فكلّ ما تريده روسيا هو الحفاظ على قاعدتيها البحرية والجوية بالساحل السوري، ذلك التدبير نابع من حاجة إسرائيل إلى من يساعدها في قمع أنصار المقاومة من جهة الحدود اللبنانية السورية، وقد ذهبت فيها أمريكا شوطا، انتهى إلى ما عرفناه من سقوط مدوّ لنظام بشار، شبيه بسقوط بغداد.

هذا التدبير وخطّته بدأ التحضير لها منذ الفينات هذا القرن، وبعد تجميع التكفيريين في جنوب تركيا، أُطْلِقوا على سوريا وحوشا كاسرة لا تلوي على شيء 2012، وكانت قراءة حزب الله لما جرى صائبة بدخوله غمار معركة ضارية، اعتبرها تستهدفه قبل النظام السوري، الفشل القديم لم يثني رعاة المشروع الصهيو أمريكي من المحاولة مجددا، وقد تمكن الارهابيون من الحكم في سوريا، وسقوط أقنعة الحكام الجدد، كشف مدى عمق المؤامرة على مقاومة العدو الصهيوني.  

رواية الحكومة السورية لا أساس لها من الصحّة، فلا عناصر حزب الله الأكثر انضباطا بإمكانهم أن يقوموا بعمل سخيف كدخول الأراضي اللبنانية لا فائدة منه، وهم أول من يدرك جسامة التحدي الذي يمرّون به، حتى أنهم لم يردّوا على خروقات إسرائيل المتكررة على جنوب لبنان، فكيف تستقيم الرواية الرسمية السورية في هذه الحال؟

رواية تعارضها أخرى مصدرها المرصد السوري لحقوق الانسان فيها اعتراف بأّن ثمانية عناصر من الهيئة دخلوا الى لبنان من جهة الهرمل من أجل سرقة المواشي، فتصدى لهم الأهالي هناك وقتلوا منهم ثلاثة وجرحوا رابعا حالته خطرة، قام الجيش اللبناني بتسليم جثامنهم إلى الجانب السوري، هذا التسليم حصل على الحدود، وبمعنى آخر أن عناصر الهيئة دخلوا التراب اللبناني عمدا من أجل السرقة والقتل، وما حصل في الساحل السوري من أعمال تصفية للعلوية، من طرف عناصر هيئة تحرير الشام، الذين اعترف الجولاني نفسه بأنهم غير منضبطين، ولا يمتثلون للأوامر.

ان كان نسي الجولاني بأن عناصره غير منضبطة، وأن فيهم من ذهب بعيدا في إطار الإستفزاز بشعارات طائفية - جايينك ع كربلاء - لا يمكن البناء عليه، في اطار تعايش سلمي بين بلدين مهمّين لسوريا، ما يجمعها تاريخا وحاضرا ومستقبلا أكثر مما يفرّقهما، فما الذي دعا الحكومة السورية المؤقتة إلى اعتماد أسلوب الكذب وقلب حقيقة ما جرى؟

قبل ذلك تعالوا لنرى ما الذي حصل لسوريا منذ سقوط نظام بشار، حيث قامت إسرائيل بسلسلة من الغارات الجوية على مواقع ونقاط عسكرية، متوزعة على الأراضي السورية شمالا ووسطا وجنوبا، بلغت أكثر من 500 غارة، ثم قامت قواتها البرية بالتوغل واحتلال بقية الجولان المحرر، ومن غير المستبعد أن تضمّ إليها السّويداء، بعد أن أعلنت حمايتها من ارهابيي الجولاني، التمركز الجديد الذي وصلت إليه القوات الإسرائيلية لا يستبعد من أن تصل حدوده الى درعا، وهو وضع بحاجة ماسة إلى حركة مقاومة لهذا التوغل الخطير، لم يحصل شيء منه لحد الساعة، وبالمقابل انخرطت عناصر الجولاني التي تشكل منها جيش وقوات أمنية ، في أعمال تصفيات طائفية بالساحل السوري، لا تزال تجري على قدم وساق إلى اليوم.

فكيف يمكن لعاقل أن يقبل رواية حكومة الجولاني، وهو يتابع يوميا ما يجري هناك من انتهاكات، فضلا عن تهجير للشيعة والعلوية من سوريا تحت التهديد، وغصب مساكنهم وممتلكاتهم، لذلك فإنّ ما أعلنته بشأن ما حصل محاولة تغطية على اعتداء حصل من عناصرها الغير منضبة على الأراضي اللبنانية، وهي رواية ساقطة بجميع المقاييس التي يمكن ان يستدلّ بها عاقل، ولا يقبلها سوى فيصل قاسم والجزيرة القطرية، وكل من حمل الفكر الوهابي المريض.

كان من المفروض أن تبادر الحكومة السورية إلى الاتصال بنظيرتها اللبنانية، لحلّ الاشكال أو الحادث وتضميد جراحه، تفاديا لتعقيدات لا يمكن السيطرة عليها، بما يمليه عليهم حسن الجوار وما تفرضه عليهم القيم الإسلامية، لكنّه للأسف الشديد يبدو أن هذه الحكومة وقواتها المتعددة الجنسيات، ذاهبة إلى حيث هدف إسرائيل في حصر حزب الله وانهاء وجوده، فمع اعدائه من الداخل أصبح لديه أعداء من الجانب الشرقي يعتبرونه حزبا تسبب في هزيمتهم بسوريا ولا تزال معارك القصير ماثلة في مخيلة من نجا منها تستفزّه على الانتقام.

وعندما يلتقي هدف الجولاني – ولا أعتقد أنه غائب عنه – مع هدف إسرائيل في التخلّص من حزب الله، فإننا سنشهد تطورا دراميا على الحدود السورية اللبنانية، ويبدو أن العقل والتعقل مفقود عند أصحاب الجولاني، ودوره في المنطقة مقتصر فقط على تلقي الأوامر من الاتراك ولا فرق بينهم وبين أمريكا وإسرائيل، ولولا هؤلاء لما تمكن من اجتياح سوريا من شمالها إلى جنوبها دون مقاومة تذكر.

إنّ ما تأخر إنجازه بعد تعمّد الغرب إسقاط بن علي في تونس، وكان طُعما للسوريين حتى ينسجوا على منوالهم، قد تحقق آخر السنة الماضية، بترتيب دولي رعته أمريكا، أصل البلاء والفساد في العالم، وسقوط بشار مهمّد لقيام نظام أمويّ – لست أدري إن كان أصحاب تسميته هكذا يدركون حقيقة بني أمية – إقصائي يرفض التعايش مع أقليات شعبه فضلا عن غيرهم، وعلى أيّة حال فإنّ ما حدث لحد اليوم يؤكّد لنا نظرية مؤامرة، وقع ضحيتها أولا الشعب السوري ولا اعتقد أن يكون الشعب اللبناني في مأمن منه طالما يوجد في الجانب الشرقي حاقدون، جيء بهم ليتربصوا الدوائر بالمقاومة اللبنانية.

قناة الجزيرة تمثل اليوم منبر إعلاميا وتسويقيا للحكومة السورية المؤقتة، فكل تصريحاتها وجميع
أعمالها صحيحة مبررة، وأكثر من ذلك تبرر قتل المدنيين في الساحل وفي حمص، بأنه تتبع لفلول النظام، وهذا في منتهى السخافة، وعلى من يتابع هذه القناة أن لا يصدّق بما تقوله، يكفي أن أذكّر كيف نشأت؟ ومن دعمها من هيئة الإذاعة البريطانية بالخبرات العربية في مجال الإعلام؟ لنفهم في الأخير، أنها قناة تعمل لصالح أمريكا واسرائيل في مشروعها الشرق الأوسط الجديد.

خبران متزامنان يؤيّدان ما يذهب اليه كل عاقل، الخبر الأول قال: ان القوات الصهيونية استهدفت مبنى لقوات الروضان في الجنوب اللبناني، والخبر الثاني تمثل في دخول عصابات سورية إلى لبنان، من أجل سرقة الاغنام، وكلامها مكمّلان بعضهما في الهدف الذي تريد اسرائيل تحقيقه في المنطقة، وسيبقى لبنان بمقاومته عصيا على اسرائيل وهي بقوتها الكبيرة، وسوف لن تقلقه عربدة الجولاني، السؤال الطروح الحاح  اليوم متى ستعي شعوبنا خطر ما يُدبّرُ لها من مؤامرات من الداخل والخارج؟     


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/03/17



كتابة تعليق لموضوع : هل بدأت مهمّة الجولاني غرب البلاد؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net