كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

إيران تتجهّز للمواجهة الحاسمة

 

في سابقة عدوانية سافرة، أقدم الرئيس الأمريكي على قصف محطة فوردو النووية الإيرانية، مستخدما أقوى ما عنده من طائرات محملة بأثقل القنابل الخارقة للأعماق، مشاركا الكيان الصهيوني في العدوان،

بعد سلسلة عمليات فصف جوية، واغتيالات طالت شخصيات عليا عسكرية ومدنية إيرانية، من بينها علماء ذرة مستهدفين، منذ أن أعلنت إيران دخولها النادي النووي العالمي - وكانت أجهزة الإستخبارات الصهيونية تمكنت من اغتيال علماء آخرين قبل ذلك بسنوات - عدوان كان متوقعا في حجمه الكبير، ومفاجئا في مرحلته الأولى، بسلسلة هجمات عملاء من داخل إيران، واستهدفت مقرات قيادات عسكرية كبيرة، اسفرت على استشهاد عدد منهم.

لقد كان الهدف من تلك الهجمات الغادرة، إحداث ارتباك وبلبلة على مستوى القيادة الايرانية، من أجل زعزعة معنويات النظام الإيراني، وهي معنويات عالية عرفها الأعداء سمة إيران قيادة وشعبا، عملت خططهم الخبيثة على الحط منها، بإظهار ضعف وعدم قدرة من الجانب الداخلي الايراني عن صدها، لكنه وبفضل الله في استمرار حفظ وديعة غيبه في قوم سلمان المحمدي، إلى غاية استكمال دورها العظيم، في التمهيد للمصلح العالمي، المنتظر ظهوره في هذا الزمان، وهذا ما يسعى اليه الإيرانيون بقلوب مؤمنة.

كانت إيران تتهيأ لكل الاحتمالات الممكنة في مواجهة أعدائها، وفيما كان هؤلاء الأعداء يهيئون أنفسهم متربصين بها، وهي مدركة لكل الأخطار المحيطة بها، كان خبراءها وأهل الاختصاصات فيها من أوفياء أبنائها، يعملون بجد ومثابرة، باذلين أقصى ما عندهم من قوة عزيمة وإرادة، متسلحين بالإيمان الكامل الذي عرفوا به منذ انتصار ثورتهم الإسلامية، وعلى يقين تام بأن من أهلهم لهذا الدور الجسيم، لن يتركهم يصارعونه بمفردهم، فالهمهم رشدهم ويسر لهم وذلل الصعاب التي لم يكن أعداؤهم يتوقعونهم تجاوزها وهذا ما غير المعادلة وبدل الأدوار ليصبح الأعداء أهل الارتباك والخوف والحيرة عما سيقومون به، بعد استعادة إيران زمام المبادرة في هذه المواجهة.

جهوزية إيران العسكرية اثبتتها، منذ أن وجهت قواتها الصاروخية ضربة دقيقة لقلب القاعدة الأمريكية عيديد، فسارعت أمريكا لطلب وقف إطلاق النار، وإيران سليلة القوم موعودين من الله بنصر دينه، ويصلح بهم شأن أمّة اسلامية أثقل ظهرها حكام عملاء، أصروا بأن يكون أغلبهم في صف أعدائه، غير مبالين بمطالب شعوبهم، عابثين بحقوق الشعب الفلسطيني في تحرره واستعادة كامل أرضه، وأكثر من ذلك ما جاء من تسريبات ويكيليكس من تورط سبعة دول في دعم إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، غايتهم تطابقت مع العدو في نزع سلاح المقاومة في غزة، وبالتأكيد فمخطط نزع سلاح المقاومة يتجاوز اطار غزة إلى بقية محورها في لبنان والعراق واليمن وفي الأخير ان نجح ما أمّله الغرب فدور ايران غير متروك بل مقدّم على بقية الأدوار التآمرية على الأمّة.

ليس جديدا أن تظهر استعدادات ايران على ساحة المواجهة بينها وبين أعدائها، فقد اخذت في حساباتها الجوانب العسكرية الدفاعية والإعلامية، وشخذ همم أبنائها وانصارهم من اتباع خط الولاية، موقنة بأن المواجهة الشاملة أصبحت قاب قوسين أو أدنى، متوكلة نظاما وشعبا على الله صاحب النصر لمن سلك نهجه، وجهوزيتها ثابتة لا تقبل التشكيك فيها، وأعداؤها جميعا كبارا وعملاء يدركون ذلك جيّدا، بل ويحسبون كل طائرات الشحن القادمة اليها من روسيا وبواخر من الصين، وذلك فوق استعداداتها المحلّية، وقد أثبت نجاعتها وفاعليتها في  قصف مواقع حساسة من الكيان الصهيوني.

ايران مدركة بأنّ مسؤوليتها كبيرة، لذلك فهي على ثغرة تواكل وخذلان بقية الأمّة لا يمكنها التخلي عن واجبها في التصدي لأعدائها الذين هم نفسهم أعداء الأمة يريدون بها سوء هي ومن وراءها من الدول والشعوب حتى المتآمرين والمتخاذلين، فالحلف الصهيوني الأمريكي الغربي لن يترك هؤلاء دون أن يذّلهم ويهينهم في اوطانهم حاضرا ومستقبلا، غير عابئين ان كانوا من عملائه، والتاريخ أثبت أنّ العملاء لا قيمة لهم أمام مصالح الغرب.

ما يمكن لإيران القيام به مقابل اقدام الترويكا الأوروبية على تفعيل الية الزناد، أن تقابلهم بالمثل، فتعلن خروجها من الاتفاق بالإخلالات التي وقعت فيه، منذ خروج الرئيس الأمريكي منه تعسّفا، ونزولا عند رغبة الكيان الصهيوني، الذي لم يترك سبيلا للكذب وتهويل البرنامج النووي السلمي، على أساس أنه يتضمن برنامجا عسكريا، يستهدف زوال إسرائيل من الخارطة، في محاولات متكررة أفضت إلى تأثر ترامب بدعايات رئيس الحكومة الصهيوني ناتياهو، وانجراره إلى اعلان خروج بلاده من الاتفاق النووي +  ثم شن عدوان جوي على ايران، استهدف مواقعها النووية الثلاثة فوردو وناطنز واصفهان.

وأخذا بعين الاعتبار لما حصل، فإنّ ايران تبدو أكثر جهوزية وحماسة على مواصلة برامجها النووية العلمية المدنية، والصاروخية الدافعية، ورعاية محور مقاومة عدوّ الأمّة الأكبر، المحتل لأرض فلسطين وقامع شعبها باعتداءاته وجرائمه، إيران تتجهز بقوة وعزم، ومدركة حجم التحدي الذي تواجهه، موقنة بأن الله سيكون معها لأنها على الحق، ماضية في مشروعها التحرري وفلسطين، تبقى دائمات قبلتها من أجل تحقيق هذا الأمل العزيز، مهما كلّفها من ثمن، النظام الإيراني مستهدف ورأسه مطلوب من طرف اعدائه وعملائهم، لذلك لن تتوانى إيران عن القيام بما منى شأنه أن يحفظ نظامها، وينصر مشروعها المقدّم على بقية المشاريع المدرجة عنده وهي في أساسات غاياتها نصر الإسلام واعزاز المسلمين.

ايران.jpg

 

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!