كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

النظام السوري الجديد في خدمة الصهيونية العالمية

فيما تواصل اسرائيل توغلها في  الجنوب  السوري،  متحدية الحكومة والشعب السوري فضلا عن المجتمع الدولي،  غير عابئة بما سينجر عن عدوانها من ردود أفعال متفاوتة، سيكون لها تداعيات على مستقبلها، كأنما حصل لها يقين بأن النظام السوري لن يبدي ساكنا، قد يكون ذلك عائد للعلاقة الحميمة التي كانت تربطه بالفصائل التكفيرية المسلحة، المتمركزة قريبا من حدودها،  فيما عرف بالثورة السورية ما بعد سنة 2011، والتي عرفت ضمن ما اصطلحت عليه القوى الغربية برعاية أمريكا بالربيع العربي، وهو الذي لم يكن ربيعا أبدا، بل كان خريفا قحطا جافا بما أظهره من تناقض أثبت عقم تلك الثورات.

 النظام الجديد أظهر بأنه استطاع أن يسقط نظام بشار ليس بالحرب، وإنما بمؤامرة دولية، اشتركت في صناعتها أطراف متعددة، ظهر بعدها مباشرة أنها كانت تفاهمات ركبت  في خدمة مشروع  الصهيونية الامريكي الغربي، ومن غير المستبعد أن يكون هناك جملة من التفاهمات التي وقع الاتفاق عليها مقابل اسناد الجماعات الإرهابية ومعالجة جرائم في المشافي الصهيونية سنوات، فوق الدعم اللوجستي الكبير الذي كان يقدمه لتلك الجماعات، ليس في درعا فقط، بل حتى في الشمال السوري، حيث تتفق أهدافه مع ما تسعى اليه الجماعات التكفيرية، من أجل اسقاط النظام البعثي، وهذا ما حفز الكيان لمواصلة تقديم دعمه المتنوع لتلك الفصائل، للوصول إلى غاية التخلص من عقبة كاداء، لم يستطع لها حولا بغير تحالف غير معلن، يكون سببا في بلوغ هدف التخلص من عدو تحالف مع عدو آخر هي ايران، التي تمركزت عسكريا على حدود فلسطين شمالا، وبدأت في بناء قواعد عسكرية هناك، بما يشكل تهديدا جديا، من شانه ان يغير الاجواء الامنة للكيان هناك، ويحولها الى مواجهات عسكرية خطيرة، على اساس اقتراب القوات الايرانية من فلسطين المحتلة، وخوض معارك برية أصبح مطروحا، في ظل ذلك الحضور والاستعداد

وهنا يطرح سؤال وجيه، مفاده هل بقي لهذه الثورة السورية من مصداقية، بعد تسلم قيادتها زمام السلطة في دمشق، خصوصا وقد تزامن ذلك السقوط بسلسة غارات جوية، فاقت الخمس مائة غارة شنتها الطائرات الصهيونية، على مناطق عسكرية مختلفة في العمق  السوري، وقد تركزت خصوصا على قواعد إيرانية، ولكنها لم تغفل ايضا على القواعد السورية، فقامت بتدميرها مرارا، حتى تاكدت خروجها عن الفاعلية والخدمة؟

ولا تقف جريمة الكيان الصهيوني عند سلبية تعاطي النظام السوري الجديد تجاهها، بل تتجاوز ذلك الموقف، لتلحق به تركيا حليفته، والتي لم تتخذ الى اليوم موقفا يثبت استحقاقها الذي ادعته، وبذلت من أجله جهودا كبيرة، وهي التي فتحت مطاراتها وأراضيها لمجاميع الارهاب التكفيري، حتى ألفوا تحت انظارها مجموعات إرهابية مسلحة، تم تدريب عناصرها المستوردين من اكثر من 82 جنسية، وتسليحهم وتجهيزهم لاجتياح الاراضي السورية والعراقية، من أجل اسقاط نظاميهما.

بفضل مشروع داعش التكفيري والفضل في ذلك راجع لغيارى ايران والعراق وجنوب لبنان ولفيف من ابناء أفغانستان وباكستان تطوعوا لدفع ذلك الوباء الداهم عليهم والذي لن يتوقف عند البلدين المستهدفين اولا ويبدو ان النظام التركي على دراية بمخططات تلك الجماعات فهو يعلم جيدا أنه تخطيط امريكي محكم وتركيا المحدودة ضمن حلف الناتو هي حليفة امريكا وفي نفس الوقت ذات ميول دينية لها جذورها التاريخية في رئاسة العالم الإسلامي وتطمع في استغلال موارده كما تفعل الآن في أذربيجان وما فعلته من قبل بالنسبة لسوريا حيث سمحت بدخول مئات الآليات الحاملة للتجهيزات معامل مدينة حلب الصناعية، وهذا دليل مادي خطير، أثبت تورط تركيا في كل ما جرى في سوريا والعراق، وشراكتها الواضحة لامريكا وإسرائيل بخصوص أحداث المنطقة باسرها، وليس ادل على ذكرت مؤامرة تقطير مياه دجلة والفرات على سوريا والعراق، ببناء سدود عديدة تركيا ليست بحاجة اليها بمثل تلك الضخامة والعدد.

كان الذين طبلوا وهللوا ليقوم بشار وقيام نظام تكفيري بدله يعتقدون أن شعاراته التي رفعها قائد فصائله الجولاني في اعتبار تحرير القدس أولوية له ولأتباعه، لكنه خابت آمالهم وهم يرون أنه لم يقم بأي إجراء دفاعي  بالتصدي لتوغلات القوات الصهيونية في الجنوب السوري، واختفى بالتنديد والتشكي للأمم المتحدة، فيما لا تزال عناصره الأمنية تعتدي على الاقليات السورية في مناطقها وبيوتها، فتقتل وتخطف وتعتدي بشتى الوسائل على أعراضهم وممتلكاتهم، في سلسة جرائم لم يحرك النظام الطائفي الجديد لأجل انهائها ساكنا، فكيف لمن جاء منفذا اجندات خارجية كلها في خدمة القوى المعادية للعرب والمسلمين، أن تأخذه حمية الدفاع عن الأرض والعرض، ورقبته في أيدي من سمحوا له باستلام الحكم في سوريا؟

تمادي الكيان الصهيوني في أعماله العدوانية لم يسترسل إلا لما وجد المجال مهيئا لتوغلاته الوقائية كما يعتبرها بلسان قادته، ضاربا كعادته عرض الحائط بالمواثيق الدولية، متحصنا بدعم أمريكا ودول الغرب له، في غياب الوجود العسكري الايراني وروافده من حركات المقاومة، عندما كان الصهاينة لا يجرؤون على القيام باعتداءات مكثفة على سوريا كما حصل هذه السنة، سوى بعض الغارات الجوية للحد من تقدم تلك القوات، في بناء قواعدها على الأراضي السورية، ولكي لا ننسى ما اشترطه النظام السوري الجديد على فصائل المقاومة الفلسطينية بنزع اسلحتها وتسليم قواعدها لقوات النظام، تزداد الصورة وضوحا، مع التصريحات الوقحة التي أدلى بها الجولاني، في اعتبار أن ما قام به كان خدمة مقصودة للكيان الصهيوني، باخراج القوات الإيرانية وروافدها من سوريا، وهذا كان سببا رئيسيا في إنجاح اسقاط النظام القديم، واحلال النظام الجديد بدلا عنه، خلاصته أن النظام السوري الجديد القائم على أساس طائفي، لن يقدم شيئا لاستعادة الاراضي السورية المحتلة مهما كانت تنازلاته ومهما بلغ رضوخه للعدو الصهيوني، ولن يفيد الشعب السوري في شيء، بل سيعمق فيه نزعة التكفير وتاصيل الطائفية بين مكوناته، وخلال فترة حكمه لن تنعم الأقليات بالأمن، فهل سيعي الواعون من هذا الشعب أنهم وقعوا في فخ ادامريكي تركي صهيوني تكفيري؟

الشرع_اسرائيل.jpg

 

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!