صفحة الكاتب : رياض السيد عبد الأمير الفاضلي

من ظلامات إمامنا الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام)
رياض السيد عبد الأمير الفاضلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   إنّ شعور الإنسان بعدم الخصوصيّة له الأثر الكبير في تقييده وتنغيص عيشه وتجرعه الأذى والألم حتى يكون عمره غصّة بعد غصّة، وأنّ هناك من يهتك الحدود التي رسمت لكلّ انسان له الحقّ أن يمارس حياته اليوميّة بلا تقييد من أحد، هذا اذا كانت المضايقات مجرّدة عن الاعتداء المباشر ضدّه، وما كان يحصل لأهل البيت (عليهم السّلام) لم يقتصر على كونه مجرّد تضييق فحسب، بل كان ظلماً بأساليب مختلفة حتى أنّ من يطالع سيرتهم كسيرة أمامنها الحادي عشر من أئمّة الهدى ومصابيح الدجى الإمام الحسن العسكريّ (عليه السّلام)، يجد أنّه كان في بعض الأحيان وتحت ظلّ مجموعة من الأسباب التي شكلت ظروفاً عصيبة بلغت أشدّ حالات التقييد والإتقاء.
       فأيّ ظلم كهذا الظلم الذي عاشة حجة الله تعالى؟ وأيّ ألم عاشه اتباع اهل البيت (عليهم السّلام أجمعين)، وأيّ تسليم كانوا بحاجة إليه الذي نجح فيه قوم وخسره آخرون لم يكن لهم ذلك التسليم الذي ينجيهم من السقوط في معصية توجيه الإمام (عليه السّلام) فيزيدوا الأمر تعقيداً والشدة تشديداً،  وأمّا من أفلح في صيانة أمر التسليم، حيث أنّهم كانوا يعملوم ما يأمرهم الإمام (عليه السّلام) فهؤلاء أهل الموازين الذين يفلحون في كلّ زمن وعصر وفي أي بلد ومصر، حيث يحظون بالرضا عنهم والنور في بصيرتهم والسعادة في دنياهم وآخرتهم؛ لأنّهم في طاعة أئمّتهم الذي من اطاعهم أطاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومن أطاع رسول الله فقد أطاع الله سبحانه وتعالى من طريقه الذي أراد.

       وقد وصف جلاله وعظمة شأنه وزير البلاط العباسي في عصر المعتمد أحمد بن عبيد الله بن خاقان مع أنّه كان يحقد على العلويين ويحاول الوقيعة بهم، وصفه كما جاء في رواية الشيخ الكليني فقال : ما رأيت ولا عرفت، بسر من رأى ، من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، ولا سمعت بمثله ، في هديه وسكوته وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان ، وجميع بني هاشم وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والحظ ، وكذلك القواد والوزراء والكتّاب وعوام الناس ، وما سألت عنه أحداً من بني هاشم والقواد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلاّ وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام ، والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على أهل بيته ومشائخه وغيرهم ولم أر له ولياً ولا عدواً إلاّ ويحسن القول فيه والثناء عليه.

       ويعلّمنا دروساً في شدّة الخوف من الله (عزّ وجلّ): ومن جملة معالي أموره والصفات البارزة فيه عليه السلام شدّة خوفه من الله عز وجل في صباه، فإنّه وإن كان القارئ قد يستغرب مما يقرأ بأنّ الإمام حينما ينظر إلى الحطب والنار يبكي خوفاً من الله ثمّ يغشى عليه وهو صبي، ولكن ذلك ليس بغريب ولا بعجيب من أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام).

روى الشبلنجي عن درّة الأصداف قال: «وقع للبهلول معه أنّه رآه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون، فظنّ أنّه يتحسر على ما بأيديهم فقال له: أشتري لك ما تلعب به؟
فقال: يا قليل العقل ما للّعب خُلقنا، فقال له: فلماذا خلقنا؟
قال: للعلم والعبادة. فقال: من أين لك ذلك؟ فقال من قوله تعالى:(أفحسبتم إنما خلقناكم عبثاً وانك إلينا لاترجعون)( سورة المؤمنون، الآية: ۱۱۵).
ثمّ سأله أن يعظه موعظة فوعظه بأبيات ثمّ خرّ الحسن عليه السلام مغشيّاً عليه، فلمّا أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير ولا ذنب لك؟
فقال: «إليك عنّي يا بهلول إنّي رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد إلاّ بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم»( نور الأبصار: ص ۱۸۳، الصواعق المحرقة: ص ۲۰۷).

        وأضاف في صاحب إحقاق الحق عن كتاب وسيلة المآل الأبيات التي لم يذكرها الشبلنجي فقال: «فقلت: يا بنيّ أراك حكيماً فعظني وأوجز، فأنشأ يقول:

أرى الدنيـــا تجهز بانطلاق
مشمّرة على قــدم وســاق

فــلا الدنـيـا بـبـاقيـة لحيّ
ولا حيّ على الدنيـا بـبــاق

كأنّ الموت والحدثان فيها
إلى نفس الفتى فرسا سباق

فيا مغرور بــالدنيـا رويــداً
ومنها خذ لنفسك بالوثاق

(إحقاق الحق: ج ۱۲، ص ۴۷۳)

       وعن الشيخ الكليني عن علي بن محمد، عن جماعة من أصحابنا قالوا: «سُلّم أبو محمد عليه السلام إلى نحرير، وكان يضيّق عليه ويؤذيه، فقالت له امرأته: اتّق الله فإنّك لا تدري من في منزلك. وذكرت له صلاحه وعبادته وقالت: إنّي أخاف عليك منه، فقال:
 والله لأرمينّه بين السباع، ثم استأذن في ذلك، فأذن له، فرمى به إليها فلم يشكّوا في أكلها، له فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال فوجدوه عليه السلام قائماً يصلي وهي حوله، فأمر بإخراجه إلى داره.

الإرشاد وإعلام الورى و بحار الأنوار: ج ٥٠، ص ۳۰۹.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض السيد عبد الأمير الفاضلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/09/09



كتابة تعليق لموضوع : من ظلامات إمامنا الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net