صفحة الكاتب : ايليا امامي

المهلكات الثلاث .. للحوزة العلمية. الجزء الثاني
ايليا امامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

٢) #المناطقية_القومية..

تخيل معي أن النبي صلى الله عليه وآله بقي لسنوات يحارب التفاخر (السلبي) بالقومية .. ثم يأتي جاهل مريض وينتقص من سلمان الفارسي !! حتى وضع النبي حداً لذلك..

(( فدخل "فلان" ونظر إلى سلمان فقال: من هذا العجمي المتصدر فيما بنى العرب؟!
فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فخطب فقال: إن الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط لا فضل للعربي على العجمي ولا الأحمر على الأسود إلا بالتقوى، سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد، سلمان منا أهل البيت )).

ثم تخيل معي أن يستمر هذا المرض إلى زمان لا تجد فيه شيخ قبيلة أو زعيماً قومياً يتكلم بهذا النفس الخبيث .. بل تجد المتكلم معمم !!

عمائم السوء كالصرخي وأمثاله يطالبون بمرجعيات عراقية !! حتى لقد كنا نعجز في النقاش مع جماعته إذا وصلنا إلى هذه النقطة .. ولا ترى على ملامحنا سوى الذهول من قناعتهم بأن هذا مطلب صحيح .. رغم وضوح مخالفته لثوابت الإسلام ..

نعم .. بعد أن انكشف حال الرجل .. وأنه خليط بعثي وهابي غريب .. زال عنا الذهول .. وعرفنا أن الرجل يعمل بأجرته .. والإمعات خلفه لا تفكر في شيء.

الحقيقة .. أن من نعم الله على الحوزة العلمية في النجف الأشرف .. أنها تحظى بكامل الانسجام مع المجتمع العراقي الطيب الذي تعيش فيه .. فإنك لا تجد أثراً للشعور بالفرق بين مرجعية كاشف الغطاء العراقي .. ومرجعية الخوئي التركي .. ومرجعية السيستاني الإيراني ..!

ففي عهد الثلاثة .. حمل العراقيون السلاح وبذلوا الدماء للدفاع عن مقدساتهم .. لأجل كلمة قالها المرجع في زمانه .. بقطع النظر عن هويته وقوميته..

كاشف الغطاء العراقي قادهم لصد هجمات الاخوان الوهابية.. وسلموه زمام أمورهم.
والخوئي التركي قادهم لتنظيم حالهم بعد الانتفاضة الشعبانية.. وسلموه زمام أمورهم.
والسيستاني الإيراني قادهم لتحرير أرضهم .. ومن قبلها في بناء القانون والمؤسسات في بلدهم.. وسلموه زمام أمورهم.

كل ذلك طاعة لأهل البيت عليهم السلام .. ووضعاً للعصبية الجاهلية تحت الأقدام .. فشكر الله العراق والعراقيين.

ومنذ سنوات حاولت قناة الشرقية بتقرير مسموم .. تشويه سمعة طلبة العلم الأجانب في إحدى مناطق النجف .. وفي تقريرها المكذوب (وأشهد بالله على كذبه لأني كنت أسكن تلك المنطقة) ركزت على بلد معين .. وأن مواطنيه المقيمين في العراق لدراسة الحوزة يفعلون كذا وكذا.

ووجدت للأسف بعض الإمعات من عامة الناس التي تردد كلامها .. ولقد سمعت أحدهم يقول ( شعدهم جايينه من بلد .... وبلد ... !!) وقبل أن أجيبه وأشرح له .. انبرى له رجل بنفس عمره .. وتالله لقد أغناني عن الجواب وأحسن .. فلقد صاح به .. ( بيك خير ألزم أولادك علمهم الدين .. وهاي وينها الحوزة كيلو متر عنك .. مو تريد تحاسب شباب عايف حياته وجاي يدرس هنا بضيافة أبو الحسن مو بضيافتك .. عمي هذوله خطار علي مو خطارنا .. وأنعم الله عليهم يجون يدرسون ويرجعون ينشرون الشيعة بمكانات لا أنت ولا أبو أبوك توصلها) ..

هذا النفس العراقي هو السائد بحمد الله .. قلوب مفتوحة للأجانب .. زواراً على طريق الحسين عليه السلام .. وللأجانب طلاباً في حوزة أمير المؤمنين عليه السلام ..


ثم إذا ظهر مولانا بقية الله عجل الله فرجه .. وكان أصحابه 313 من مختلف الدول والقوميات .. وليس بينهم غير الألفة والأخوة  .. فبالغ شرفنا أن نقول له:

يا مولانا هاك وانظر بواطن قلوبنا وتصفح ما انطوت عليه نفوسنا .. والله لن تجد فيها ذرة من عصبية الجاهلية .. ورغم مئات السنين .. التي شهدنا فيها ولادة مئات التيارات القومية والمدارس الفكرية السياسية .. وبلوغها للذروة .. ثم موتها .. فإننا لم نتراجع ولو ذرة .. ولم نبدل ولو حرفا .. وبقينا على نفس الإيمان بالقرآن .. في اعتبار التقوى هي ميزان الكرامة والتفاضل بين الناس.

نحن على عهد جعفر بن محمد الصادق عليه السلام  .. الذي كان تلامذته العجم على حد سواء مع تلامذته العرب .. دون حزازة في النفس .. أو عصبية في القلب.

جاء في صحيحة جميل، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ( بشر المخبتين بالجنة: بريد ابن معاوية العجلي، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست).

فترى أن بريد بن معاوية وأبا بصير من أصول عربية .. وزرارة بن أعين ومحمد بن مسلم من أصول عجمية ( وفي الأخير اختلاف) .. وفضلهم فاق العرب والعجم.
وإلى الله المشتكى أن يصل بنا الحالي للتذكير بهذه البديهيات!!

ومما أضحكني على سخافة رأي العمائم القومية (وهي شرذمة على عدد أصابع اليد الواحدة) أن بعضهم (وهو عراقي للأسف)  كان يقول .. (نريد مرجعية عراقية لأنها ستكون أقرب للمجتمع وهمومه ومشاكله) وهو لم يزر العراق منذ أربعين سنة .. ويقضي وقته في الإمارات ..

والسيستاني "الإيراني" متكفل بتسعين ألف يتيم عراقي !!

وتلاحظ أيها القارئ الكريم أني لم أقم دليلاً على بطلان هذه القضية (الخلطة القومية الدينية) لأني بصراحه لا أعرف كيف أبرهن على بطلانها .. وتوضيح الواضحات من أصعب المشكلات.

في الحوزة يفتخر الطالب العربي العراقي أو اللبناني أو الخليجي .. أن يدرس مبادئ اللغة العربية عند عالم أفغاني مثل الشيخ محمد علي المدرس قدس سره .. ويتشرف العربي بتقليد مرجع (يستظهر) من رواية المعصوم (عربية الألفاظ) حكماً يدين الله تعالى به.

وأختم هذه النقطة بالقول .. إن علماء الدين من العجم في المذهب السني .. أكثر بأضعاف منهم في المذهب الشيعي .. ولكن دعونا نعتبرها منافسة شريفة ونقول .. هيهات أن يكون السنة أقرب إلى سحق القومية الدينية وإعدامها .. منا نحن أتباع علي عليه السلام .. وسلمان الفارسي.

يتبع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايليا امامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/06/22



كتابة تعليق لموضوع : المهلكات الثلاث .. للحوزة العلمية. الجزء الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net