كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

دَلالةُ (لَبَّيكَ يا حُسينُ)

إِنَّ ربَّنا اللٰهُ الواحدُ الأَحَدُ الفردُ الصمدُ الذي لا شريكَ له ، ولا ولَدَ. هذه عقيدتُنا الراسخةُ عليها نشأنا ، وبها نَحيا ونَموتُ.

وإِذا قُلنا: (لَبَّيكَ يا حُسينُ) ؛ فلا إِشكالَ ، ولا إِشراكَ ؛ فلماذا يَفتري علينا الجَاهلون ، أَو يَظُنُّ بنا سُوءًا الآخَرون ؟! ما لكم كيف تَحكُمون ؟!

 

تعالَوا معي أُبصِّرْكم:

أَورد ابنُ منظورٍ في معجمِ (لسانِ العرب): ((وفي حديثِ الإِهلالِ بالحجِّ: (لبَّيكَ اللهمَّ لبَّيكَ) هو مِن التَّلبيةِ ، وهي إِجابةُ المُنادِي ، أَي إِجابتي لكَ يا ربِّ… وقيلَ: معناهُ إِخلاصِي لكَ)). و((وحكَى أَبو عُبيدٍ عنِ الخلِيلِ أَنَّ أَصلَ التَّلبيةِ الإِقامةُ بالمكانِ ، يُقالُ: (أَلبَبْت بالمكانِ ، ولَبَّبْتُ) لغتانِ إِذا أَقمتُ به)). و((وقولُهم: (لَبَّيكَ ولَبَّيهِ)…أَي لُزومًا لطاعَتِكَ…أَنا مُقيمٌ على طاعَتِك. قال:

إِنَّكَ لو دَعَوتَني ودُونِي زوراءُ ذاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ
 لَقُلتُ: لَبَّيْهِ لِمَن يَّدعُوني)).

و((قال الفرَّاءُ: معنى لبَّيكَ إِجابةً لكَ بعدَ إِجابةٍ)). و((وحكَى أَبو عُبَيدٍ عنِ الخلِيلِ أَنَّه قالَ: أَصلُه مِن أَلبَبْتُ بالمكانِ. فإِذا دعَا الرجُلُ صاحبَه ؛ أَجابَه: لبَّيْكَ أَيْ أَناْ مُقِيمٌ عندَكَ)).

وبعرضِ هذه الدَّلالةِ الواضحةِ لـ(لَبَّيكَ) على قولِه تعالى: ﴿يا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللٰهَ وأَطيعُوا الرَّسولَ وأُولِي الأَمرِ مِنكُم …﴾ [النساء/٥٩] ؛ يتحصَّلُ لنا أَنَّ للٰهِ سبحانَه طاعةَ العبوديةِ وما يتفرَّعُ عنها ، وأَنَّ للرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) طاعةَ الامتثالِ لأَمرِه ، وأَنَّ للإِمامِ الحُسينِ (عليهِ السلامُ) - وهو من أُولي الأَمرِ - طاعةَ الاستجابةِ لإِصلاحِه وأَمرِه وندائِه.

إِذًا (لَبَّيكَ يا حُسينُ) بمعنى: أَجبتُكَ يا حُسينُ ، وأَناْ عندَكَ أَسمعُ نداءَكَ وتوجيهَكَ ، وأَمتثِلُ لإِصلاحِكَ ، وأَعملُ بنهجِكَ وقِيَمِكَ وسِيرتِكَ ، لا يَقطعُني ولا يَمنعُني عنِ الاستجابةِ لكَ بُعْدٌ زمانيٌّ ، ولا اختلافٌ مكانيٌّ ؛ فأَنا بأَمرِ القرآنِ أَعتقدُ بكَ وليًّا لأَمري ، وأُحِبُّكَ كي يُحبَّني اللٰهُ ؛ فأَنتَ من رسولِ اللٰهِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) وهو منكَ ، طاعتُكَ طاعتُه ، وتلبيتي لكَ تلبيةٌ له. والتلبيةُ لكما تلبيةٌ للٰهِ سبحانَه.

أُجيبُكَ وأَناْ في حضرتِكَ ، أَو أَناْ في مكاني (لَبَّيكَ يا حُسينُ) ؛ لأَنكَ حيٌّ تُرزَقُ أَشعُرُ بكَ بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿ولا تَقولُوا لِمَن يُّقتَلُ في سَبيلِ اللٰهِ أَمواتٌ بَل أَحياءٌ ولٰكِن لَّا تَشعُرونَ﴾ [البقرة/١٥٤].

لقد أَعطيتني نهجَ الكرامةِ بالذُّلِّ للٰهِ ، والعِزِّ على الظالمين ؛ فلماذا لا أُعطيكَ نُصرتي بطاعتِكَ ؟!

طباعة
2021/08/20
2,262
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!