صفحة الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

الإِنسانُ بين الخِلقةِ والمصيرِ
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تدبُّرًا في قولِه تعالى: ((ولقد جِئتُمونا فُرادَى كما خلقناكم أَولَ مرةٍ وتركتُم مَّا خوَّلناكم وراءَ ظهورِكم وما نرى معكم شُفعاءَكم الذين زعمتُم أَنهم فيكم شُركاءُ ، لقد تَّقطَّعَ بينَكم وضلَّ عنكم مَّا كنتُم تزعُمون)) [الأَنعام/94] يُفضي بنا إِلى حقيقةٍ واحدةٍ لا احتمالَ آخرَ معها:

أَنا وحدي فقط مسؤولٌ عمَّا يكونُ مني ، ولن يتحمَّلَ أَحدٌ غيري شيئًا مما كان مني وعليَّ ؛ إِذًا لماذا أَمسخُ نفسي بجعْلِ شخصي مجهولًا لا يَظهَرُ إِلَّا بـهُوِيَّةِ غيري ؟! ولماذا أَكونُ تابعًا لغيري ، إِمَّعةً له ، أَقولُ بما يقولُ هو فقط ؛ فلا قولَ لي ، وأَرى عندما يَرَى هو فقط ؛ فلا رأيَ لي ؟! وهل سيتحمَّلُ هو عني يومَ العَرضِ والحِسابِ في دارِ الآخِرةِ تبِعاتِ تبعيَّتي له في دارِ الدنيا ؟!

وأَنا وحديَ المسؤولُ عن شؤوني بما منحني اللـهُ تعالى من إِرادةٍ ؛ فلماذا أَنتظِرُ من غيري أَن يُجرِيَها لي؟!

وأَنا وحدي أَجدُني في وقْعِ أَحداثِ المفاجآتِ التي يَرى فيها كلٌّ منا شخصَه وشخصَه فقط ؛ فلماذا أَحلُمُ أَن أَجِدَ معيَ غيري ؟!

أَنا وحدي على طريقِ الهدايةِ عُرِّفتُهُ ، وبجانبِه طريقُ الغِوايةِ بُصِّرْتُه ؛ فلماذا أَحيدُ عمَّا عُرِّفتُه إِلى ما بُصِّرتُه ؟!

أَنا وحدي يجِبُ أَن أَجودَ بالخيرِ على غيري ؛ فعندها أَكونُ قد حققتُ رسالةَ ربي (التراحمُ) ، وليس من العقلِ أَن أَرهنَ وجودي بخيرٍ من غيري ؛ فعندها أَكونُ قد عطَّلتُ واجبي من تلكَ الرسالةِ ((وقلِ اعمَلوا)) [التوبة/ من الآيةِ105]. نعم عندما يُحققُ غيري هذه الرسالةَ أَكونُ قد نِلتُ خيرًا كما أَنلتُ خيرًا.

كن أَنتَ لنفسِكَ في ضوءِ رسالةِ ربِّكَ ، ولا تَـرْجُ خيرًا من غيرِكَ. وإِن جُدتَ أَنتَ ؛ فذاكَ (التراحمُ) ، وإِن لم يَجُدْ عليكَ غيرُكَ ؛ فذاك من لا يعرِفُ (التراحُمَ). وهل من العقلِ أَن يُؤمَلَ خيرٌ من فاقدِ (التراحُمِ) ؟!

أَنتَ وحدَكَ أَولَ أَمرِكَ كنتَ ، أَنتَ وحدَكَ آخِرَ أَمرِكَ ستكونُ ؛ فهل من سبيلٍ إِلى النجاحِ بغيرِكَ ؟! لا نجاحَ لكَ إِلَّا بنفسِكَ. ادعُ لغيرِكَ بالتوفيقِ والنجاحِ ، وادعُ لنفسِكَ بالعزيمةِ والفلاحِ ؛ لأَنَّ ((وقلِ اعمَلوا)) لكَ أَنتَ وحدَكَ ((وكُلَّ إِنسانٍ أَلزمناهُ طائرَه في عنُقِه ونُخرِجُ له يومَ القيامةِ كتابًا يَلقاهُ منشورًا ، اقرَأْ كتابَكَ كفى بنفسِكَ اليومَ عليكَ حسيبًا ، منِ اهتدَى فإِنما يَهتدي لنفسِه ومَن ضلَّ فإِنَّما يَضِلُّ عليها...)) [الإِسراء/13-15] ؛ فلا ترجُ خيرًا إِلَّا ممَّن أَوجدكَ فردًا ، ويُريدُ منكَ العملَ فردًا ، وسيَقِفُكَ يوما وحدَكَ فردًا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/26



كتابة تعليق لموضوع : الإِنسانُ بين الخِلقةِ والمصيرِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net