الإمام الصادق: ريادَةٌ علمية وميراثٌ نبويّ..!
كوثر العزاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كوثر العزاوي

🔸الإمام الصادق"عليه السلام"، هو الجامعة الإسلامية الجعفرية التي تميّزت بعلومها الدينية ومعارفها الإسلامية والإنسانية والطبيعية. جامعة لا تنتمي لجهة أو طائفة أو عِرقٍ أو قومية.
ومن يطالع التاريخ يجد هذه القضية واضحة في مدرسة الإمام الصادق"عليه السلام"، فهو لم يكن مذهبيًا في العلم، بل كان يعطي علومَه للجميع، ولم يكن يوقف عِلمهُ على خاصة تلامذته.
🔸صحيح أنّ هدف المعصوم "عليه السلام" هو تركيز وترسيخ مدرسة أجداده الطاهرين، مدرسة التوحيد والعبوديّة المطلقة، والولاية الحقّة، لكنها في الواقع هي مدرسة الإسلام المنفتح على جميع الأديان والأمم والطوائف، وكل مَن شاءَ التزوّد منها آنذاك والى يومنا هذا.
🔸لقد حدّثنا التاريخ الزاخر بالروايات والأخبار، بأنّ عددًا كبيرًا من أئمة المذاهب الأخرى، قد درسوا تحت منبره الشريف، واغترفوا من بحر علومه، ونهلوا من نمير معارفه، فذا أبو حنيفة النّعمان، وقد نُقلَ عنه مقولة مشهورة نُسبت إليه:
"لولا السنتان لهلكَ النَّعمان". كما نُقلَ عن مالك بن أنس إمام المالكية قوله: {وما رأتْ عَينٌ، ولا سمعت أذنٌ، ولا خَطَر على قلب بشرٍ، أفضل من جعفر بن محمّد الصادق، علمًا وعِبادة، وَوَرَعًا}.
🔸ومما لاشك فيه، أنّ مدرسة الإمام الصادق"عليه السلام" ميراث نبويّ، كشجرة غزيرة الثمر، طيبة الأثر، إذ تأصّلت جذورها في عمق التأریخ، ومازالت باقية معطاء، مبارکة طیبة، أصلها ثابت في الأرض، وفرعها في السماء، تؤتي أکلها کلّ حین بإذن ربها.
ولاغروَ، فأنّ علوم المعصومين "عليهم السلام" سيما صاحب الذكرى ومدرستهُ، إنما تقف وراءها طاقات تکوینیة متینة، تستمد أسبابها من الخالق "عزوجل" مَلَكات محكَمة تكوّنت بأوعية طاهرة، لم تُنجَّس بأنجاس الشرك والأهواء، وكلّها تصبُّ في بوتقة الهدف الإلهيّ السامي، وتحقيق الغاية الأسمى، وهو بناءِ مجتمعٍ توحيديٍّ إسلاميّ صالح نقيّ، ثمرتهُ هو ذلك الفردٌ المسْلِم، القادر على معرفة ربّه وذاته، الجدير بصناعة الإنموذج الرساليّ المثاليّ، الذي یعیش سلامة المعتقد، وحریّة الفکر، وانعتاق الإنسانیة من ذلّ العبودية لغير الخالق المطلق
"عز وجل"، وإخلاص العمل ضمن شريعة الدين الحنيف، كي يتمكّن المؤمن من فهم ماحولَه، وتطهير نفسه والإرتقاء بها نحو الكمال.
🔸ذاك مثالُ من استثمر عطايا الله، فبذلها في طاعته وهو المنعم "عزَّ وجلْ" بالكدح المقرون بالصبر حتى بلغ الغاية.
لقد حدّثنا التاريخ عن نماذج جليلة، تربّت على نهج الإمام الصادق "عليه السلام" وتتلمذت على يديه، واستَقَت من مناهل علومه المتنوعة، فمنهم من اشتهر بالفقه والرواية، ومنهم من اختصّ بعلوم القرآن والدراية، ومنهم من تصدّر مجالس المناظرة في مجال العقيدة وغيرها.
وثمة عدد كبير من تلامذته ورواة حديثه "عليه السلام" ممن أسهَموا في تنشيط الحركة العلمية، ونشرها في أقطار العالم الإسلامي وغير الإسلامي، فكانوا كما أراد لهم إمامهم أن يكونوا، وهو الرائد والمؤسس للمدرسة الجعفرية، التي مايزال ينتمي إليها أتباع آل محمد "عليهم السلام"، وهم على مستوى القيم روّاد في العلم والأخلاق.
🔸ولعل ماجاء في الخصال للشيخ الصدوق -ص٣١٠- خير شاهد على ماذُكر: قال الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق "عليه السلام":
{إنما شيعة جعفر: مَن عَفَّ بطنهُ وفَرجَه، واشتدَّ جهاده، وعَمِل لِخالقِه، ورَجا ثوابه، وخاف عقابه؛ فإذا رأيتَ أولئك، فأولئك هم شيعة جعفر}.
فلينظر كلٌّ منّا مدى وفائه، ومدى تشيّعهِ وانتمائه إلى مدرسة العصمة الجعفرية محطّ فخر الخلائق أجمع.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat