صفحة الكاتب : ريما الحايك

الحقيقة العلمية للوجود المبارك
ريما الحايك

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الصراع القائم بين الحق والباطل قديم قدم البشر، وحين يكون الصراع حول حقيقة أزلية لا تقبل التشكيك، تجد الباطل يضع العراقيل، ويحيك الشبهات، ليصطاد في الماء العكر ويستميل ضعاف العقول، متناسيًا أنه يؤمن بهذه الحقيقة حينًا، وينكرها حينًا آخر، حسب ما تمليه عليه أهوائه ومعتقداته الفاسدة.

 
ومن هذه الحقائق التي لا تقبل التشكيك حقيقة الوجود المبارك لمولانا صاحب الزمان (عج)، وبغض النظر عن إيماننا الراسخ بالقدرة الإلـٰهية المطلقة فإننا إذا رجعنا بالزمن إلى الوراء نجد أن هذه الحقيقة تكررت في كثير من الأمم، وفي رموز صالحة كالأنبياء، بل تعدت ذلك لتُمنح للطالحين، وأولهم إبليس اللعين.

إن طول العمر سمة بارزة في الأمم السابقة، فقد تضمنت التوراة أخبار المعمرين كآدم وشيث وإدريس "عليهم السلام" وغيرهم كثير، ممن تبلغ أعمارهم التسعمائة سنة، وقد تضمن نظيره في الإسلام ولم نجد أحدًا من علماء المسلمين يخالفه أو يعتقد فيه البطلان، بل أجمعوا على جواز ذلك.

فهـٰذا نوح النبي عاش ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعو قومه، وقيل: أن لقمان بن عاد الكبير أطول الناس عمرًا بعد الخضر(ع)، وأنه عاش ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة ويقال: إنه عاش عمر سبعة أنسر، وكان يأخذ فرخ النسر الذكر فيجعله في الجبل فتعيش فإذا مات أخذ آخر فرباه حتى كان آخرها لُبَد وكان أطولها عمرًا فقيل: أتى أبد على لُبَد.
أما العبد الصالح الخضر(ع) فإن الله تعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له، ولا لكتاب ينزل عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بل إن الله تعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر في عمر القائم (ع) في أيام غيبته، وعلم من إنكار عباده لمقدار ذلك العمر في الطول، طول عمر العبد الصالح من غير سبب، فما أوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال على عمر القائم، وليقطع بذلك حجة المعاندين، لئلا يكون للناس على الله حجة.
قال الإمام الصادق (ع) لأحد أصحابه حين رآه يتعجب من طول الغيبة: (إن الله تعالى أدار في القائم منا ثلاثةً أدارها لثلاثة من الرسل، قدر مولده تقدير مولد موسى، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى، وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح دليلًا على عمره "يعني الخضر "ع")

ثم إن أهل العناد والجحود يصدقون بخبر الدجال وغيبته وطول بقائه وخروجه في آخر الزمان ولا يصدقون بأمر القائم (عج) وأنه يغيب مدة طويلة، مع نص النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) باسمه ونسبه وإخبارهم بطول غيبته.

فإن قال قائل: فكيف يرجع في صورة فتًى رشيدٍ قويٍّ ابن ثلاثين سنة بعد تلك الغيبة الطويلة؟!
نقول له: كيف تتعجب من رجوعه محتفظًا بمقومات شبابه إذ أجرى الله تعالى عليه ما أجرى لغيره من الصالحين؟ فإن طول عمره صارعن محض الإرادة الإلـٰهية التي قدرت طول العمر لكثير من الصالحين والطالحين فيما مضى، فهذا عزير خرج مع أهله وامرأته في شهرها وله خمسون سنة فلما ابتلاه الله عز وجل بذنبه أماته مئة عام ثم بعثه، فرجع إلى أهله وهو ابن خمسين سنة واستقبله ابنه وهو ابن مئة سنة، أهـٰذا أعجب أم قضية صاحبنا؟!

 وهـٰذه زليخا امرأة عزيز مصر قد رجعت شابة بعد شيخوختها، فليس في ذلك إشكال، فالله سبحانه خلق جسم المعصوم تامًا معتدلًا في جميع مقومات حياته، ولا يصيبه الموت إلا بعارض خارجي كالسم والقتل كما حدث لآباء القائم (عليهم أفضل الصلاة والسلام)، على أن الإنسان العادي السليم الجسم لا يداهمه الموت إلا إذا طرأ عليه ما يفسد جسمه ويعطل نظامه.
ومن الناحية العلمية فإن جماعة من العلماء المعاصرين: أمثال الدكتور جاك لوب والدكتور لورن لويس وزوجته وغيرهم قاموا بإجراء عدة تجارب في معهد (راولكفر) بنيويورك على أجزاء لأنواع مختلفة من النبات والحيوان والإنسان وكانت من بين تلكم التجارب ما أجريت على قطع من أعصاب الإنسان وعضلاته وقلبه وجلده وكليته، فشوهد أن هذه الأجزاء تبقى حية نامية ما دام الغذاء اللازم موفوراً لها وما لم يعرض لها عارض خارجي، وإن خلاياها تنمو وتتكاثر وفق ما يقدم لها الإنسان من غذاء، وانتهت التجارب بالقول: إن باستطاعة الإنسان أن يعيش آلاف السنين، ويعمر كما تعمر الأشجار ونحوها، وقد ذكر العلماء الموثوق بعلمهم أيضاً: إن كل الأنسجة المرئية من جسم الإنسان أو الحيوان تقبل البقاء إلى ما لا نهاية له، وأنه بالإمكان أن يبقى الإنسان حيًّا ألوفًا من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تقطع حبل حياته، وقولهم هذا ليس مجرد ظن، بل هو نتيجة علمية.

هكذا تظافرت الأدلة الدينية والتاريخية والعلمية على تأكيد إثبات وجوده المبارك، ولكن المشككين يجحدون ذلك إرادة منهم لإطفاء نور الله "عزوجل" وإبطالًا لأمر ولي الله (وَيَأبَى اللهُ إلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ)

……………………..
المصادر:
المهدي المنتظر (عج) والمعتمرون من البشر لإبراهيم المنيعي.
مناقشة الأستاذ كامل سليمان والشيخ الصدوق لمسألة طول العمر. 
الإمام الاثنى عشر لمحمد الموسوي. 
سورة التوبة آية٣٢.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ريما الحايك
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/11


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • بإيابكم موقن  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : الحقيقة العلمية للوجود المبارك
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net