كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

الانتخابات والأفق البعيد.

 

🔸كيف يمكن للفرد العراقي، وهو يختار ممثّليه في الحكومة والبرلمان، أن يُبقي عَينهُ على الأُفق الأبعد، أُفق العدالة المهدويّة المنتظَرة؟! فلا يكتفي بحساباتٍ فئوية آنية ضيّقة، بل ينحاز إلى قيمٍ هادفة تمهّد لبزوغ مجتمع أكثر وعيًا.. أكثر استعدادًا لاستقبال قيادة إلهيّة معصومة في زمن العدل الموعود.

🔸إنّ الوعيَ المهدويّ ليس انتظارًا محدودًا، بل هو استحضارٌ فعّال لقيَم العدالة والكرامة يجسّدها كلّ سلوكٍ يُلزِم الإنسان به نفسه، سواء على الصعيد العَقَدي الديني أم السياسي أم الاجتماعي، بما في ذلك المشاركة في الانتخابات، والتي تُعدّ عملية وطنية شرعية تسهم في تعزيز مصلحة البلد الأُمّ، فضلًا عن كونها حقًّا لكلّ مواطن ينتمي لبلد المقدسات "العراق".

🔸والتصويت -في جوهره- موقف أخلاقيّ قبل أن يكون إجراءً إداريًّا، وهو شهادة تدلّ على مدى إيمان المجتمع، بأنّ الإصلاح يبدأ من الإنسان نفسه، وأنّ العدالة الموعودة بقيادة المعصوم (عليه السلام) لا تأتي بمعزلٍ عن السعي البشري لتهيئة الأرض لها.

🔸فكلّما ارتقى وعي الناخب إلى مستوى المسؤولية والضمير ازداد المجتمع قدرةً على مقاومة الفتن والانقسامات، التي تصِفها النصوص الدينية ملامحًا لآخر الزمان.

🔸وبالتالي، فإنّ ربط الانتخابات بزمن الظهور المبارك ليس ادعاءً بمعرفة الغيب، بل استدعاءٌ لمسؤولية الحاضر في تهيئة المساحات النظيفة في ضوء الأمل بالغد المشرق.

🔸إنّها دعوة لأن نفهم الوجه الآخر للمشاركة في الانتخابات، إذ إنّ كلّ ورقة اقتراع قد تكون في معناها الأعمق سهمًا صغيرًا في معركة كبرى بين الحقّ والباطل، بين الوعي والغفلة، بين التمهيد والتهاون.

🔸فلا يجب أن تكون الانتخابات مسرحًا لإعادة إنتاج الفوضى والفساد، ولا يجب أن يعود القمع والاضطهاد بسبب الابتعاد عن المشاركة، بل ينبغي أن تكون جسرًا إلى ضفة الإصلاح والتغيير، ووسيلةً لإثبات حقّ الشيعة في استلام الحكم، وهذا هو أحد وجوه الانتظار لدولة العدل المنتظر، وإن أخفقَ البعضُ في تحقيق العدالة كما ينبغي، فذلك أهون من تمكُّن الحكم الأموي المعاصر، بثوبه الوهابيّ الداعشيّ الإسرائيليّ، والذي لا تخفى مبادئه الدموية على مسلمٍ عاقل.

🔸ومن هذا المنطلق، تصبح الدعوة للمشاركة في الانتخابات العراقية فرصة لاختبار "الضمير الجمعيّ"، ومختبرًا لقياس مدى تحوّل الانتظار من حالة شعورية إلى فعلٍ اجتماعي وسياسيّ ناضج، يجسّد معنى التأسيس لمشروعٍ إصلاحيٍّ متدرّجٍ، يمهّد للعدل الذي سيكتمل ظهوره في الزمن الموعود بأمر الله (عزّ وجلّ).

🔸فلتكن خياراتنا اليوم شاهدة على شرفِ انتمائنا وأهدافنا لمعنى الانتظار، لا على غفلتنا المؤدّية إلى فسح المجال للأفسدِ من المتحكّمين المتربّصين بنا حاضرًا ومستقبَلًا.

photo_2025-10-26_18-50-34.jpg

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!