الصلاة لغة: فأصلها يرجع إلى معنيين أحدهما الدعاء والتبرك ومنه قوله تعالى:
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُم،(التوبة: 103)، وقوله: وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ (التوبة:84)
سمي الدعاء صلاة لأن قصد الداعي جميع المقاصد الحسنة الجميلة والمواهب السنية الرفيعة أولًا وآخرًا ظاهرًا وباطناً دينًا ودنيا بحسب اختلاف السائلين ففيه معنى الجمعية والله أعلم.
والمعنى الثاني اصطلاحًا فهي: العبادة ومنه قوله (عليه الصلاة والسلام) "إذا دعى أحدكم إلى طام فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطرًا فليطعم"
وقد قيل أن الصلاة في اللغة الدعاء وهو على نوعين دعاء عبادة ودعاء مسألة فالعابد داع كالسائل قوله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(غافر:60)
وقوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ(البقرة:186)
أما الصلاة سيد الناس وسيد الخلق وسيد السادات جميعًا محمد بن عبد لله فقد جمعت فهي فرض على كل مسلم ومسلمة ولا تقبل صلاة دونها وأمر بها صاحب العزة والجلالة بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا،(الأحزاب:56)
وقد نهى سيد الخلق عن الصلاة البتراء أي الصلاة عليه دون آله بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
"لا تصلوا علي الصلاة البتراء"
في هذا الشأن يقول الإمام الشافعي:
يا آلَ بَيتِ رَسولِ اللَهِ حُبَّكُمُ
فَرضٌ مِنَ اللَهِ في القُرآنِ أَنزَلَهُ
يَكفيكُمُ مِن عَظيمِ الفَخرِ أَنَّكُمُ
مَن لَم يُصَلِّ عَلَيكُم لا صَلاةَ لَهُ
ولصلاة على رسول وآله صيغ مختلفة صيغت تحببًا وتقربًا من أهل محبته، تقربًا إلى الله عز وجل بجاهه ومكانته وقدره العظيم والبعض منها صيغت من قبل مشايخ الطرق الصوفية وقد كان لمردديها ومكرريها والمشتغلين بها بكثرة العدد أحوال ورؤى وحوائج تقضى واصحابها من مذاهب شتى
ومن هذه الصيغ صيغة الصلاة الابراهيمية: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا باركت على إبراهيم وآل إبراهيم"
والصلاة العظيمية وهي تستخدم لمن عزت عليه رؤية رسول لله (صلى الله عليه وآله) في المنام
"إني أسألك بنور وجه الله العظيم الذي ملأ أركان عرش الله العظيم وقامت به عوالم الله العظيم أن تصلي على مولانا محمد ذي القدر العظيم وعلى آل نبي الله العظيم بقدر عظمة ذات الله العظيم في كل لمحة ونفس، عدد ما في علم الله العظيم صلاة دائمة بدوام الله العظيم، تعظيمًا لحقك يا مولانا يا محمد يا ذا الخلق العظيم وسلم عليه وعلى آله مثل ذلك، واجمع بيني وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظاهرًا وباطنًا يقظة ومناما واجعله يا رب روحا لذاتي، من جميع الوجوه في الدنيا قبل الآخرة يا عظيم ـ نرجو التفصيل وجزاكم الله عنا خيرا"
والصلاة الكمالية وصيغتها: "اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله". وأما عن قصتها تذكر الروايات أن أحد العارفين رأى النبي محمد صلى (الله عليه وآله سلم) في المنام وسأله عما إذا كان هناك من يصلي عليه أكثر منه. فأجابه النبي بأنه الشيخ أحمد الدردير، فقصد هذا العارف الشيخ الدرديري فسأله كم مرة تصلى على رسول لله ( صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ألف مرة فأنكر العارف ذلك عليه وقال له أنا أصلى على سيد الخلق أكثر منك وقد تشرفت برؤيته في المنام وأخبرني إنك تصلي أكثر مني عليه
فأجاب صديق حبيب الله وصيغة صلاتي هي: " اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال الله وكما يليق بكماله" وأذكرها بعدد ألف مرة
ومن صيغ الصلاة على الحبيب المصطفى وآله الصلاة التفريجية أو النارية وسميت بذلك لسرعتها في التفريج وألتهام الهموم كما تأكل النار الحطب "اللهم صل صلاة كاملة وسلم سلامًا تامًا على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتقضى به الحوائج، وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم، و يستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله"
ومن صيغ الصلاة على النبي وآله هي الصيغة التي يرددها ويشتغل بها المتصوفة الكسنزانية " اللهم صلِ على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما"
وقد روى لي أحد الأخوة العاملين بها إنه تشرف برؤية رسول لله
فتمثلت له بأبيات حسان بن ثابت في مدحه (عليه وعلى آله أتم الصلاة وأكمل التسليم):
وأحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
فأجابني لا والله ما أنصفه حسان
فتمثلت بأبيات عمه ابو طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثِمال اليتامى عصمة للأرامل
فقال أبلغ ابو طالب وجمال الرسول ونوره أكبر من كل قول وفعل وإني حين تشرفت برؤيته عليه الصلاة والسلام كنت منشغلًا بصلاة عليه وعلى آله فإذا بنوره يدفعني من نهاية الغرفة إلى بدايتها وإني ما طقت النظر لوجهه الشريف ولو رأيته لعذرتني فما استطاع شاعرا أن يبلغ جماله ولا نوره ولا تبسمه ولا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مثل جمال سيد الخلق دون أن ينطق فيكف لو تكلم.
وقد روى لي أحد زملائي في الدراسات العليا إنه يخصص ساعتين قبل النوم يتوضأ فيهما وينشغل بصلاة على النبي وآله وتشرف في أحدى الليالي برؤية سيد السادات وقد رأها يقف في مقدمة سفينة بينها وبين الأرض من المسافة كما بين الأرض والسماء ويدعو زميلي لصعود معه فيقول زميلي: استغربت في نفسي وقلت من أنا لأصعد معك فكرر سيد الخلق دعوته لي فقلت كيف أصعد والسفينة بعد السماء عن الأرض وإذا بي أرتفع حتى بلغتها لكن ما استطعت النظر لوجهه الشريف لقوة ما أنبعث منه نور وضياء لم أميز حتى الجهات.
وقد روت لي والدتي إنها رأت في أكثر من منام على مدار سنوات أن الصلاة على النبي محمد وآله تنجييها من المهالك وهي كذلك في اليقظة والمنام
ومن صيغ الصلاة الجميلة عليه وعلى آله هي الصلاة الياقوتية الشافعية وقد سمعتها أول مرة من التلفزيون الإيراني قبيل الصلاة المغرب في رمضان وهي بصيغة التالية" اللهم صلِّ أفضل صلاةٍ على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمدٍ وعلى آله وسلم عدد معلوماتك ومداد كلماتك كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، وعدد ما أحاط به علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك".
ومن صيغ الصلاة التي شاهدتها منقوشة على أحد الأضرحة في إيران وقد أحببتها وحفظتها من أول مرة، صيغة تقول "اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله في الأولين وفي الآخريين وفي الملأ الأعلى والمرسلين عدد الأنفاس والملايين وكل وقت وحين إنك حميد مجيد"
فصلى الله عليك وعلى آلك ياسيدي يا رسول لله وسبحان من أعطاك هذه المكانة وجعل الصلاة عليك دواء وشفاء لكل داء وحل لكل معضلة يا جد الحسين بك استشفعنا وإليك تقربنا اللهم فبلغ روح سيدنا محمد وآله ثواب ما كتبنا وأجعل ما علمنا وما غفلنا صلاة متواصلة عليه وعلى آله سادة النسم كلما أشرق النور على علم وخط جيد الورق القلم وأرفع عنا بجاه كل غمة وألم فأننا بشأنه عندك نعتصم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat