كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

عميد بيت الأحناف والحنفاء

بيت النبيّين الذي لا يلتقى ... إلا الحنائف فيه والحنفاء
خلقت لبيتك، وهو مخلوق لها ... إن العظائم كفؤها العظماء
اليوم قصدتك يا سيد البطحاء وعميد الحنفاء وأنا استشعر فرحك وقد أختارك الله لجواره الآن بعد ألف وأربعمائة عام أفكر في أنك قد ألتقيت سيدي وسيد الخلق أيها التمام نسبًا ونسلًا يا عين القلادة في ذرية ابراهيم ومناقبك هي الكوكب الدري في تقويم  الصحراء والذي يلهب أرواحنا ويروعنا يا لرعونة الزمن  وبؤسه إذ خلا من سيد مثلك تجل الملوك سفارته مهاب وأن اقتحم عليها عروشها وخلوتها كما فعلت مع سيف ذي يزن وهو يجيبك متشرفًا بنسبك يا أبن اختي، آه يا أبا الحارث تتقرب الملوك لك بعدنان وأنا أتقرب إليك بسيد الخلق وأتقرب إليه بك السلام عليك وأنت تزاحم شمس أم القرى بسيادتك من لي بسيد مثلك يرفع يديه فتقبل الإجابة يديه ويأتي دعائه بالابابيل ويحفظ بيت لله، عليك السلام وأنت على ملة ابيك ابراهيم وتبعث أمة لوحدك كما أخبرنا الصادق (عليه السلام) وأننا لنصدقه. 
السلام عليك سيدًا ينادي النبي بسيادة السلام حاضنًا ليتمه كارها فراق الدنيا لفراقه السلام عليك حامل السر لو أفضت به إلى الجبال لم تحمله السلام عليك أيها اليتيم كيتيم اللؤلؤ في سيرة الموحدين 
السلام تأتمن بنيك وهاشمًا وقريشًا على تاج الرسل كلهم وأنت القائل لأبي طالب:
أوصيك يا عبد مناف بعدي * بموحد بعد أبيه فردي 
فارقه وهو ضجيع المهدي * فكنت كالأم له في الوجدي
 قد كنت ألصقه الحشي والكبدي * حتى إذا خفت فراق الوحدي
 أوصيك أرجى أهلنا بالرفدي * يا بن الذي غيبته في اللحدي 
بالكره مني ثم لا بالعمدي * وخيرة الله يشاء في العبدي
 ثم قال عبد المطلب: يا أبا طالب إنني القي إليك بعد وصيتي، قال أبو طالب:
ما هي؟ 
قال: يا بني أوصيك بعدي بقرة عيني محمد صلى الله عليه وآله وأنت تعلم محله مني، ومقامه لدي، فأكرمه بأجل الكرامة، ويكون عندك ليله ونهاره وما دمت في الدنيا، الله ثم الله في حبيبه(2).
 وما زال يوصي أبي طالب بهادي الخلق إلى مولاها وهو نعم الموصى ونعم المؤتمن ثم توجه إلى بنيه فخاطبهم قائلًا:
"أكرموا وجللوا محمدا صلى الله عليه وآله، وكونوا عند إعزازه وإكرامه، فسترون منه أمرًا عظيمًا، وسترون آخر أمره ما أنا أصفه لكم عند بلوغه"
 فقالوا بأجمعهم: "السمع والطاعة يا أبانا نفديه بأنفسنا وأموالنا ونحن له فدية"
 ثم إن عبد المطلب غمض عينيه وفتحهما ونظر قريشًا " وقال: "يا قوم أليس حقي عليكم واجبا "؟ فقالوا بأجمعهم: "نعم حقك على الكبير والصغير واجب، فنعم القائد ونعم السائق فينا كنت، فجزاك الله تعالى عنا خيرًا، ويهون عليك سكرات الموت، وغفر لك ما سلف من ذنوبك، فقال عبد المطلب: أوصيكم بولدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله فأحلوه محل الكرامة فيكم وبروه ولا تجفوه، ولا تستقبلوه بما يكره"، فقالوا بأجمعهم: قد سمعنا منك وأطعناك فيه"
وأراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يقوم من عنده ففتح عبد المطلب عينيه وقال: يا محمد تريد أن تقوم؟ قال: نعم، فقال عبد المطلب: "يا ولدي فإني وحق رب السماء لفي راحة ما دمت عندي"
  فقعد النبي (صلى الله عليه وآله) فما كان إلا عن قليل حتى قضى سيد البطحاء نحبه(3)
ومن رثاء صفية بنت عبد المطلب لأبيها:
أعيني جودا بالدموع السواكب * على خير شخص من لوي بن غالب
  أعيني جودا عبرة بعد عبرة * على الأسد الضرغام محض الضرائب
  وقالت برة بنت عبد المطلب تبكي أباها وترثيه:
أعيني جودا بالدموع الهواطل * على النحر مني مثل فيض الجداول 
ولا تسأما أن تبكيا كل ليلة * ويوم على مولى كريم الشمائل
 أبا الحارث الفياض ذو الباع والندى * رئيس قريش كلها في القبائل
 فأسقى مليك الناس موضع قبره * بنوء الثريا ديمة بعد وابل(4)
السلام عليك يا سيرة الغيث على جيد العطش ويا درة الإيمان على غرة الخلد ويا علو عدنان تمنت الثريا علو قدمك سلامًا عليك أبد الدهر وجزاك الله خيرًا عن سيد الخلق وأسأل أن ألقاك على الحوض وأقبل طرف ردائك يارداءًا ما رفعت أكمامه إلا وسجد الطهر سلامًا جد النبي سلامًا وكل فؤادي لك سلام
.......................
(1) كتاب مختارات من أجمل الشعر في مدح الرسول، محمد سعيد البوطي،ص28.
(2) بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج ١٥، ص152.
(3) المصدر نفسه: ص153
(4) المصدر نفسه: ص154
 

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!