التأنيث والتذكير الظاهرةُ والعلاج في قراءةٍ فقهيةٍ وأخلاقيةٍ الجزء الأول
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي

منذُ أن خلقَ اللهُ تعالى البشر فقد صنّفهم الى صنفين: ذكر وأنثى إلاّ ما شذّ عن الطبيعة كالمُخَنّث تكوينياً. (وهذا خارج عن موضوعنا هذا).
فقال تعالى: حكاية عن إنحفاظ هوية كل صنف من البشر تكوينياً ووجودياً:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات: 13. وقال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) آل عمران: 36. وعلى الأصل الطبيعي للخلقة البشرية بصنفيها الذكري والأنثوي، سارت الحركة البشرية حياتياً في تلبية حاجاتها الوجودية عامة وخاصة.
ولكن حينما يتخذ هذا الأصل الطبيعي منحى آخر بإتجاه الهوية الأخرى، فمن حقنا أن نتساءل: لماذا يحصل هذا الميل إلى الصنف الآخر؟ ولماذا يُحاول أحدُ الصنفين التخلي عن الهوية الطبيعية الأصلية له بشرياً؟
وللعلم، إنّ ظاهرة (التأنّث والتذكّر) هي ظاهرة تأريخية ضاربة في أعماق الماضي السحيق، إلاّ أنها بقيت تلوح في الأفق كسلوك ومنهج بدأ يُستغل حتى طبيّاً بحجة الرغبة الواقعية في التحول عند الأفراد إلى الصنف الذي هم يرغبون به وجودياً، ولكن هذا لن يحصل دون أن يترك آثارَه الخطيرة على المجتمع البشري أخلاقياً وقيمياً؛ ولذا فقد تصدّى المُشرّعُ الإسلامي لهذه الظاهرة منذ الصدر الأول للإسلام، حيثُ تم رصدُ الظاهرة، وتحديد العلاج لها بعد بيان الحكم الشرعي لموضوعها.
وقبل أن أُبيّن حكمَ المُشّرع الإسلامي لهذا الظاهرة، سأُوضّح صورة التأنّث (تشبّه المرأة بالرجل) والتذكّر (تشبّه الرجل بالمرأة) بشرياً، بحسب ما جاء في متون الروايات في هذا الباب، وهي كالآتي:
فتارة تتحقق هذه الظاهرة ظاهرة تأنّث الذكر في لين سلوكه بوجه يشبه المرأة، وترقيق كلامه برقة صوت المرأة، وتكسّر أعضائه (يديه وحتى رجليه)، أي تحريكها بنفس ما تقوم به المرأة بحكم طبيعتها الأنثوية، ولبس ما تلبسه المرأة، وهذا خاضع للظرف والوقت الذي تحصل فيه الظاهرة بحكم العرف العقلائي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat