صفحة الكاتب : منتهى فالح آل مريان

ماذا لو كانت الجنه غير موجودة  والنار غير موجودة
منتهى فالح آل مريان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 دخلنا المطعم قبيل الغروب. جلسنا، وجاء النادل لأخذ الطلبات. استأذنت للحظات، ولما عدت، مازحني أحدهم قائلاً:

"أين ذهبت يا دكتور؟ تأخرت، هل ضعت؟"

أجبت: "كنت أُصلي."

قالت "ميما" بسخرية: "أما زلت تُصلي؟ كم أنت قديم!"

فقلت: "قديم؟ وهل الله موجود فقط في الدول العربية؟ ألا يوجد في لندن؟"

تدخّل رجل قائلاً:

"دكتور، لدي سؤال وأرجو أن تتحملني."

قلت: "تفضل، بشرط: إن اقتنعت بجوابي، تعترف أو تدعمني."

قال: "وعد."

سألني: "منذ متى وأنت تُصلي؟"

أجبت: "منذ السابعة، وأحببتها في التاسعة، ولن أتركها قطً."

قال: "وماذا لو متَّ واكتشفت أنه لا جنة ولا نار؟"

قلت: "كما قال الإمام علي (ع):

«ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك، بل لأنك أهلٌ للعبادة».

والصلاة دقائق من يومي، أعتبرها رياضة للروح والجسد."

سأل مبتسمًا: "وكيف حالك مع زوجتك، في لندن، والصوم والنساء؟"

أجبته بابتسامة: "أخصص يوميًا ساعة للرياضة الصوفية. جددت حياتي. أما الصيام، فله فوائد صحية مثبتة."

قال: "ألم تجرّب متع الحياة؟ الخمر؟"

قلت: "الخمر ضررها أكثر من نفعها. كم من مريض ومُدمَّر بيوتهم بسببها؟ تقارير العالم تحذر منها."

سأل: "والعمرة؟ ماذا لو كان الله غير موجود؟"

قلت: "حتى في فرضيتك، كانت العمرة رحلة راقية، صفاء للنفس، تمامًا كرحلتك الاستجمامية."

ثم صمت قليلًا وقال:

"شكرًا لتحملك... أعترف لك بالهزيمة 

قلت: "بماذا تشعر وأنت تعترف بالهزيمة؟"

قال: "ربما أنت سعيد؟"

قلت: "بل حزين... لأنك لم تأتِ بسؤال، بل بجدال."

ثم قلت له:

"لديّ سؤال واحد:

أنا لم أخسر شيئًا إن لم يكن هناك إله، فقد عشت بطمأنينة.

لكن ماذا لو كان الله موجودًا، وكل شيء بعد الموت حقيقي؟

ماذا ستفعل حينها؟"

نظر إليّ طويلاً، 

وهنا... ساد الصمت، لا لأن الجواب صعب، بل لأن السؤال مسَّ شيئًا أعمق من الجدل:

مسَّ الروح.

لم أكن أبحث عن انتصار في نقاش، ولا عن تصفيقٍ من حاضر،

كنت أرجو فقط أن تُزرع بذرةُ تفكّر،

أن يولد في داخله سؤال لا ينام.

فالهداية لا تأتي من حُسن الجدل، بل من صدق البحث،

ومن لحظة صفاء يواجه فيها الإنسان نفسه دون أقنعة.

 

وغايتي كانت أن أقول:

إنني لم أخسر شيئًا إن كنت على خطأ،

لكنك... إن كنت أنت المخطئ، فالثمن أكبر من أن يُوصف.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


منتهى فالح آل مريان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/07/10



كتابة تعليق لموضوع : ماذا لو كانت الجنه غير موجودة  والنار غير موجودة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net