إيران تقول: من أجل فلسطين يهون كلّ شيء
محمد الرصافي المقداد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الرصافي المقداد

أخيرا، انكشفت المؤامرة التي دُبّرت في الخفاء بين أمريكا والكيان الصهيوني وعملائه في الخليج، بعدما أمسكت إيران بجميع خيوط حبكها، فلم يفلت منها شيء، وكانت الضريبة التي دفعتها كبيرة، لكن الله حماها من كيد هؤلاء الفسقة الفجرة الكفرة، وأعطاها من القوة ما جعلها تبادر خلال ساعات قليلة بالردّ على كيان صهيوني لم يجرؤ عليه أحد غيرها منذ قيامه على ارض فلسطين، أمام دهشة العالم باسره من صلابة نظام إسلامي، سرعان ما استوعب العدوان عليه، فلم يتضعضع أركانه من استشهاد كبار قادته العسكريين، وثلة من علمائه النوويين، وكان الرّدّ غير متوقع ممن خططوا لإسقاط النظام، بعدما أمّلوا ذلك من خلال حركة الأمن والشعب الإيراني السريعة في كشف عناصر داخلية أمدّت إسرائيل وامريكا بمعلومات واحداثيات وقامت عناصر منها بتنفيذ عمليات اغتيال دقيقة كان مؤمّل منها زعزعة اركان النظام وادخاله في فوضى عارمة، وقد اعدّوا لذلك من العملاء والتجهيزات التي كانت بحوزتهم متمثلة في طائرات مسيرة صغيرة ومواد متفجرة وأدوات، ووسائل استخبار حديثة وصواريخ محمولة، ما ستكشف عن تفاصيله فيما بعد القوى الامنية الايرانية، بعد نجاحها في كشف عناصرها متلاحمة مع فئات الشعب الغيورة على وطنها ومكتسباته.
المؤامرة كبيرة لكن إيران نظاما ومؤسسات وشعبا على منهاج الولاية، كانا في مستوى كشفها ومواجهتها وإحباط بقيّتها، وذلك من فضل الله ورحمته، بقوم اختارهم لرفع واعلاء راية دينه، سابقت فيه الزمن من أجل تطهير الجبهة الداخلية، من هذا الكم من العملاء، ذلك لم يمنع مؤسساتها الأمنية والعسكرية، من العمل على امتصاص الصدمة، والمبادرة بالرّد على المصدر الرئيسي المَعْنيّ بها، فكانت بداية الوعد الصادق 3 مساء الجمعة 13/6/2025 والتي تلتها عمليات رشقات صواريخ مباركة تنوّعت من حيث سرعتها وقوة تدميرها، إلى مستويات عالية لم يعهدها الكيان الصهيوني من قبل ولا كانت في حساباته التي اختلطت عليه، فلم يعد يمسك بشيء من زمام المعركة، لولا ذلك التفوق البسيط في الدعم الجويّ الذي لا تزال أمريكا تقدّمه له، وتورط دول عربية سارعت إلى التنديد بالعدوان على ايران، لكنها في نفس الوقت بقيت تقدّم الدعم للقوات الجوية الصهيونية، فهي واقعا فضلا عن تورّطها في التحريض، ودفع الأموال الخيالية لأمريكا شريكة في العدوان، بتزويد الطائرات المعادية بالوقود.
انهيار الدفاعات الجوية الصهيونية بات من تحصيل حاصل، هذا ان سلمنا بمقالة شهود العيان بصمتها المطبق في التصدي لصواريخ إيران، ولكن هناك حقيقة أخرى أقرب الى الواقع تقول أن الصواريخ التي اصابت ليلة أمس وأول أمس متطورة كثيرا في سرعتها وتفوقها في المناورة بما اعجز أنظمة الدفاع الإسرائيلية عن صدّها أو اصابتها، فسلكت طريقها دون مقاومة، بل وان بعض صواريخ الدفاع الجوي المعادية اختلطت عليها الأمور، فعادت لتضرب بدورها المناطق التي انطلقت منها.
صواريخ خرمشهر، وفاتح، وسجيل، وغيرها من أنواع كثيرة تمتلكها القوات الحرس الجوفضائية الإيرانية، دكّت بها قواعد ومواقع عسكرية إسرائيلية شمال ووسط وجنوب فلسطين ( النقب) فضلا عن تل أبيب وحيفا ويافا مطارات ومباني وموانئ ومعامل مختلفة ومصانع رافائيل العسكرية ومعامل تكرير نفط ومعامل كيماوية، وميناء حيفا الذي دمّرته الصواريخ الإيرانية تقريبا بشكل كامل، فلم يعد يصلح لإرساء سفن شحن ولا نقل بضائع، مشاهد مروّعة ومرعبة لقطعان المستوطنين الذين لم يعد لهم من أمل في البقاء ولولا إجراءات القوات الأمنية الصهيونية في منع هروبهم، لما بقي فيها من يأمل عيشا داخلها، بعدما صدمهم ما يشاهدونه من انهيار كامل.
تلك المشاهد المحبطة لعزائم لقطاء بني صهيون والمثلجة لصدور أهل الايمان، بذل دولة الكيان الغاصب جهودا من أجل أن لا تنقل للعالم الخارجي، فيقف على بداية هزيمته المدوّية، فقاموا بمنع التصوير في مناطق إصابات الصواريخ، وهددوا كل من يقوم بذلك بالاعتقال، لم تكن محاولاتهم ليائسة، في منع التصوير ونقل الأحداث، سوى اخفاء لما أسفرت عليه الإصابات الدقيقة من خسائر، لمنع تداولها إعلاميا داخل الكيان وخارجه، فقد مارست القوى الأمنية الصهيونية في هذا الشأن أقصى درجات التشدد، اتخذت فيه الرقابة العسكرية تدابير صارمة، خصوصا فيما يتعلق بالتقارير الإعلامية، وبالأخص ما هو مبثوث على الهواء مباشرة، بشأن الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بذرائع شتى منها منع استفادة القوات الإيرانية من نتائجها(1) بحيث لم يعد العالم يشاهد اثار ونتائج الضربات الجوية للقوات الصهيونية.
على مدى 45 عاما، لقيت إيران في سبيل مشروعها الداعم لمقاومة العدو الصهيوني، من مؤامرات من عاداها من قوى الغرب والمتآمرين عليها من الدول العربية، خصوصا منها دول الخليج الشيء الكثير، فلم تثنها العقوبات الأمريكية، ولا غيّرت من مبدئها في التصدّي لجبهة الاستكبار العالمي، المؤلفة من أمريكا والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، فلم تأبه لتلك التكتلات الباطلة، ايمانا منها بأنّ حل القضية الفلسطينية لا يكون بغير المقاومة العسكرية من أجل استئصال تلك الغدّة السرطانية، التي وصفها الامام الخميني بتلك الصفة المعبّرة، على انها حالة شاذّة على ارض فلسطين، يجب انهاء وجودها وتطهير القدس من رجسها، وها أن الفخّ الذي نصبوه لإيران قد انطبق على أصحابه، وبه بدأ فصل جديد من المواجهة مع هذا العدو الغاصب الخبيث، ولا يهمّ ايران اليوم سوى تنفيذ وعيدها، مهما بلغت التضحيات، ولو دخلت أمريكا الحرب مشتركة فيها بقواتها، بعدما اشتركت فيها بأسلحتها، فكل شيء يهون من أجل فلسطين.
المصادر
1 – الجيش الإسرائيلي يصدر تعليمات بخصوص تصوير الهجمات على اسرائيل
https://almashhad.com/article/773112298002792-News/320055727019243-/
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat