صفحة الكاتب : راجي سلطان الزهيري

نتنياهو وإمبراطورية الشرق الأوسط القادمة.
راجي سلطان الزهيري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل فترة ليست بالبعيدة وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة يحمل خريطة غريبة الشكل أثارت حينها سخرية البعض وذهول البعض الآخر. تلك الخريطة لم تكن عرضًا جغرافيًا عبثيًا بل كانت إعلانًا سياسيًا استراتيجيًا عن طموح إسرائيلي غير مسبوق. أشار نتنياهو وقتها بوضوح إلى ما أسماه "حدود إسرائيل" وإذا ما تمعّنا في تلك الحدود المرسومة سنجدها تتجاوز الأراضي الفلسطينية بل وتضم أجزاء من دول عربية وإسلامية أبرزها العراق وسوريا ولبنان والأردن والسعودية وحتى مصر.

ولم يكتفِ بالإشارة إلى "حدود الحلم الإسرائيلي" بل صنّف بوضوح الدول "العدوة" وهي: إيران وسوريا ولبنان والعراق واليمن ومصر وتركيا. هذه ليست مجرد قائمة عابرة بل خارطة طريق للصراع المقبل وخطة ممنهجة للهيمنة على الشرق الأوسط.

إن انتصر نتنياهو على إيران فلن تقف حدود طموحه عند طهران بل ستكون تلك الخطوة مفصلية تُسقط معها ما تبقى من النظام العربي الرسمي. جامعة الدول العربية؟ إلى زوال. مجلس التعاون الخليجي؟ إلى تفكك. لأن اللعبة سيتغير عنوانها وستولد حينها جامعة جديدة اسمها: "جامعة الشرق الأوسط" تكون فيها إسرائيل القائد والدول العربية التابعة.

سنجد أنفسنا أمام واقع أكثر مرارة مما نتصور. سنُجبر على دفع الجزية لتل أبيب لا مجازًا بل فعليًا وسيتحوّل الإسرائيلي إلى سيد مُرحّب به في كل عاصمة عربية بينما يُهان المسلم ويُضيّق عليه في بلده.

هذا السيناريو ليس مبالغة خيالية بل تحليل واقعي مبني على مؤشرات ميدانية وتصريحات رسمية. ولسنا بحاجة للرجوع بعيدًا في التاريخ. فالتطبيع مع إسرائيل تسارعت وتيرته ولم تعد القضية الفلسطينية عقبة أمام العلاقات الدبلوماسية أو حتى الأمنية والاقتصادية. بعض الدول العربية باتت ترى في إسرائيل حليفًا استراتيجيًا وتتعامل مع المقاومة على أنها تهديد داخلي يجب سحقه.

ولأكون واضحًا: أنا لست مدافعًا عن إيران وقد كتبت ضد سياساتها كثيرًا بل وأنتقد تدخلاتها . لكن الخطر اليوم أكبر من خلاف سني-شيعي أو عربي-فارسي. الخطر اليوم هو أن نُسلّم مستقبلنا بالكامل إلى دولة استعمارية توسعية تضع نفسها مركزًا للحضارة وتضعنا نحن في الهامش أو تحت القدم.

خذوها مني واحفظوها: إن لم تُهزم إسرائيل سياسيًا، أو تُرغم عسكريًا على التراجع فستكون هي الإمبراطورية القادمة وسيكون نتنياهو أول أباطرتها. حينها لن نكون شعوبًا حرة بل عبيدًا بأوراق رسمية مختومة بختم "جامعة الشرق الأوسط".

هذا التحليل لا يُبنى على الكراهية بل على قراءة ما بين السطور وعلى رؤية الصورة الكبرى. وأول خطوات الخلاص تبدأ بأن نرى الحقيقة كما هي لا كما يُراد لنا أن نراها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راجي سلطان الزهيري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/19



كتابة تعليق لموضوع : نتنياهو وإمبراطورية الشرق الأوسط القادمة.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net