من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه... شهادة بقيت وأقوام تبدّلت !!
زيد الحسن
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زيد الحسن

في الثامن عشر من ذي الحجة، على مشارف ماءٍ يُدعى غدير خم ، وفي الهجير اللاهب، أوقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الركب، ونادى: الصلاة جامعة، ثم خطب فيهم خطبة الوداع الكبرى، وحين أخذ بيد ابن عمّه عليّ بن أبي طالب، رفعها أمام الجمع الغفير، وقال: من كنتُ مولاه، فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه .
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، والنسائي في الخصائص، والذهبي في سير أعلام النبلاء، وابن حجر في فتح الباري، وغيرهم من أئمة الحديث والرجال.
وما طُعن فيه أحدٌ إلا وكان الطعن في قلب النبوة قبل أن يكون في سيرة الإمام.
إنه يومٌ اختلط فيه الوحي بالعَرق، والوصاية بالنقاء، ويكاد المؤمنون فيه يرون جبريل واقفًا على أطراف الغدير، يصفق بأجنحته فرحًا بما بلّغ الرسول. كيف لا، وقد سمعوا من أفواههم الطاهرة: بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل، فما بلغت رسالته؟
هذا اليوم، عيد عند من ثبت، ومحنة عند من انقلب، واختبار لمن ادّعى المحبة ثم جعلها مجرد شعار.
عتابٌ على المتردّين في بئر الفساد ،
وإنّا، في يوم الغدير، لا ننسى أن نمدّ يد السؤال، لا إلى السماء وحدها، بل إلى الذين خانوا الأرض باسم السماء.
إلى الذين باعوا أوطانهم وأطفالهم ومستقبل أمتهم، وراحوا يتغنون بولاء عليّ بن أبي طالب وهم غارقون في دنس الأموال، وتحت طاولاتهم رائحة الخيانة أقوى من البخور.
يا من تزعم أن عليًا وليّك... فهل وليّك كان يأكل من موائد السلاطين؟
هل عليٌّ من جعل السلطة سلعة، والدم طَرِيدَ مناقصات؟
هل هو من لبس عباءة التُقى على جسدٍ عفن بالفساد؟
كُفّوا عن التمثيل بالولاء، فإن عليًا لا يبتسم في وجوهكم، ولا يقرّ لسانًا يتغنّى بحبه ثم يطعن الناس من الظهر.
عليّ كان ميزان عدل، لا شعار حزب.
كان صوت المستضعف، لا مكبرات المهرجانات الفارغة.
كان بئرًا من نور، لا "بئر فساد" سقطتم فيه، ورفضتم الخروج منه لأنكم وجدتم فيه راحتكم.
عيد الغدير ليس يومًا في الروزنامة، بل موقف في الضمير.
هو اللحظة التي تقول فيها: عليٌّ مولاي لا بلسانك، بل بسلوكك، بعدلك، بحربك للظلم، وبخشيتك من الله، كما كان يفعل ابن أبي طالب، لا كما يفعل أدعياؤه من أصحاب الرايات المُزيفة.
ويا من خان العهد وغيّر الوجهة... لا ترفع اسم علي، بل ارفعه من طريقك، فطريقك ليس له.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat