اليوم الثالث من الحرب: إسرائيل تهاجم وإيران ترد... فأين الأمة؟
راجي سلطان الزهيري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
راجي سلطان الزهيري

دخلنا اليوم الثالث من التصعيد العسكري الأخطر في تاريخ المنطقة منذ عقود حيث تواصل إسرائيل هجماتها المكثفة على إيران مستهدفة مواقع عسكرية وعلماء بارزين وقادة من الصف الأول في الحرس الثوري. الهجمات جاءت دقيقة ومدمرة ووفق تقارير إعلامية واستخباراتية فقد أسفرت عن مقتل شخصيات حساسة في البنية الدفاعية والعلمية الإيرانية.
إيران وكما هو متوقع لم تلتزم الصمت. ردت بقصف صاروخي طال العمق الإسرائيلي مستهدفة مواقع في تل أبيب وحيفا في رسالة واضحة بأنها لن تقبل أن تكون ساحة مستباحة دون ثمن. ومع ذلك يظل ميزان القوى مختلًا لأن ما من أحد يجهل أن إسرائيل لا تتحرك وحدها بل من خلفها تقف الولايات المتحدة بثقلها العسكري والسياسي ومعها تحالف غير معلن من الدول الغربية.
لكن السؤال الأكثر إيلامًا... أين الدول العربية والإسلامية؟
إدانات باهتة... وتواطؤ صامت
لم نسمع إلا بيانات إدانة خجولة لا ترتقي لمستوى ما يحدث. لم نرَ تحركات دبلوماسية طارئة ولا قِممًا عاجلة ولا حتى جهود وساطة. بل الأسوأ من ذلك أن بعض الدول العربية والإسلامية بدل أن تقف على الحياد – إن لم تقف إلى جانب إيران المظلومة – اختارت الاصطفاف الصريح أو الضمني مع الكيان الإسرائيلي.
خذ الأردن مثلًا: أغلقت أجواءها أمام الصواريخ الإيرانية التي كانت تعبر نحو فلسطين المحتلة وساهمت في إسقاط بعضها وفتح أجوائها للطيران الاسرائيلي للذهاب لضرب ايران. أليس هذا انحيازًا واضحًا؟ ألم يكن الأجدر أن تتخذ موقفًا سياديًا يراعي وجدان الشعوب؟
ودول الخليج؟ صمت مريب. لا بيانات قوية ولا تحركات جادة ولا مواقف شعبية مسموح بها. وكأن المعركة تدور في كوكب آخر. هل باتت المصالح الاقتصادية والتحالفات الأمنية مع "الكيان" أهم من قضايا الأمة؟
خذلان لا يليق بأمة تملك أكثر من مليار مسلم
ما يحدث ليس فقط خذلانًا لإيران كدولة بل خذلان لفكرة المقاومة والاستقلال والسيادة. حين تُستباح أرض دولة إسلامية وتُقتل قياداتها وعلماؤها ويُصمت العالم عن ذلك فالأمر يتجاوز الحسابات الجغرافية والتحالفات السياسية. نحن نتحدث عن ضرب صريح لهيبة أمة بأكملها.
ماذا تبقّى من مفهوم "الأمن القومي العربي"؟ ألم تكن إيران في هذه اللحظة تخوض المعركة التي طالما تهرّب منها الجميع؟ معركة الكرامة في وجه دولة تحتل شعبًا وتتباهى بترسانتها النووية وتفرض إرادتها على الإقليم بقوة السلاح؟
ليس دفاعًا عن إيران بل عن كرامتنا الجماعية
لا أحد يدّعي أن إيران دولة مثالية أو خالية من الأخطاء. ولكن في لحظة كهذه يتوجب على الشعوب الحرة والنخب الواعية والإعلام المستقل أن يفرّق بين الموقف السياسي والموقف الأخلاقي.
فمن يسكت اليوم عن استباحة سيادة إيران سيسكت غدًا عن استباحة أي دولة أخرى. ومن يبرر العدوان تحت حجج طائفية أو سياسية إنما يُمهد الطريق للعدو ليُكرّر فعلته في بغداد أو دمشق أو صنعاء أو حتى الرياض والقاهرة.
إلى متى؟
إلى متى هذا الصمت؟ إلى متى نظل أسرى حسابات ضيقة نخاف من غضب واشنطن أكثر مما نخاف من لعنة التاريخ؟
إلى متى نظل عاجزين عن تشكيل موقف موحد أو حتى شعبي ضاغط يعيد بعض الاعتبار لقضايانا الكبرى؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat