الشيخ أبوالقيس كهية في وجدان الشعر العراقي: قصيدة "فخر البيات" ليشار البياتي أنموذجًا
محمد زيد ابوالقيس كهية
محمد زيد ابوالقيس كهية
مَنحَ اليَتيمَ حَنانَهُ طَلبَ الفَقيرُ دِيارَهُ
نبذة عن الشيخ
هذا البيت المعبر احد أبيات قصيدة فخر البيات للشاعر العراقي يشار علي البياتي الذي جسد فيه شخصية عراقية كريمة ومعطاءة وهو الشيخ ابوالقيس كهية(1910_2012) المعروف بلقب "حاتم قبيلة البيات " لكرمه وشهامته وكان أحد اعلام القبائل والعشائر العراقية وكان رمزا للسلم الأهلي وملاذا للفقراء ورائد الإصلاح الاجتماعي
من هو الشاعر يشار البياتي
صاحب القصيدة هو الشاعر المبدع صاحب القلم الإيماني ذو القصائد الهادفة الشاعر يشار علي البياتي الذي ولد سنة 1958 وينحدر من عشيرة قرناز البياتية ويعد البياتي من شعراء العراق المعاصرين يمتاز شعره بالرونق الجميل والعبارات الفخمة والاسلوب الواضح وقصيدته تعد فريدة في بابها لأنها تتناول شخصية عشائرية واجتماعية بأسلوب مؤثر ..
مطلع القصيدة
بَلغَ الشُّموسَ مَنارُهُ غَلبَ الفَخارَ فَخارُهُ
وهذا البيت فيها صورة رمزية مؤثرة ويشير الى علو مكانته وانتشار اياديه البيضاء كما يبين الشاعر ان فخره يفوق ويتجاوز كل فخر
فَخرُ البَياتِ خِصالُهُ هُوَ إِذْ حَكيمٌ فارِهُ
هذا بيت القصيد وعنوانه فالشاعر يعبر ان البيات تفتخر بالشيخ ابوالقيس كهية وهو زينة البيات كما انه متميز بالحكمة والفكر الواعي
رَزِنٌ نَبيلٌ صالِحٌ حُبُّ الوِئامِ خيارُهُ
صفات أخلاقية من مكارم الأخلاق واسناها يتحلى به الشيخ يذكرها الشاعر في هذا البيت الرزانة والنبل والصلاح وحبه للسلم وتقديمه الصلح على اي خيار آخر..
حب الفقراء واليتامى والكرم
مَنحَ اليَتيمَ حَنانَهُ طَلبَ الفَقيرُ دِيارَهُ
يشير إلى الدور الريادي الذي كان يقوم به الراحل من رعاية الأيتام واكرامه لهم وأن مضيفه كان ملجئ الفقراء والمساكين..
في الجّودِ قَلَّ نَظيرُهُ ما خابَ مَن قد زارَهُ
الجود والكرم من أهم صفاته وبه اشتهر حتى لقب بحاتم البيات إشارة إلى ما كان يتحلى به من جود وكرم وكل من زاره نال مراده وخرج راضيا
قال الشاعر الدكتور إبراهيم مصطفى الحمد البياتي عنه
" نعم وتشهد له المنطقة والعشيرة بالكرم والسخاء وحسن الخلق طيب المعشر فقد كان يحبه الكبار والصغار والنساء والرجال على حد سواء
رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته ."
الدور القيادي للشيخ
وإِلى الإخاءِ ميولُهُ ولَدى الشِّدادِ جِوارُهُ
تعبير صادق من الشاعر عن ميل الشيخ ابوالقيس كهية إلى التآخي في منطقة طوزخورماتو وامرلي واطرافهما فكان هو رائد السلام في المنطقة برمتها بتنوعها العربي والتركماني والكردي فكان اخا للجميع..
اما في الشدائد فهو الحامي والمجير إشارة إلى شجاعته ولعل الشاعر هنا يشير إلى دوره الكبير في حماية الناس من مختلف الفتن التي كانت تحصل في المنطقة فكان صمام أمان القبيلة والمنطقة وهو الذي قاد الإنتصار البياتي في سنة 1954 عندما تعرض قبيلة البيات لهجمة قبلية..
كما في البيت إشارة إلى إجارة الشيخ للنازحين من قضاء طوزخورماتو سنة 1991 ولنازحي ديالى سنة 2006 فكان هو المكان الآمن لهم جميعا
يقول الاستاذ حسين جلال طوزلو " اللهم اني اشهد له بكل صفات الرجولة والكرم والشهامة فقد استضاف هو وعشيرته عشرات العوائل التركمانية في أحداث ١٩٩١ وقاسموهم المسكن والمأكل والمشرب وباشرافه وتوجيهاته المباشرة ورفض ان يسلم اي فرد من هذه العوائل للنظام السابق عندما طلبوا منه ذلك ....اللهم طيب مثواه وارزقه جنتك انك سميع مجيب الدعاء"
صَدرُ المَجالِسِ ضَمَّهُ ذاكَ القليلُ ذرارُهُ
وصف حي عن الدور الاجتماعي الكبير الذي كان يقوم به الشيخ الراحل فكان كلامه مسموعا ورأيه ممدوحا وهو الموجود في صدر كل مجلس خلال مشاركته بآلاف المجالس العشائرية والاجتماعية في عموم مناطق العراق ولا يزال ذكره ساريا في المجالس العشائرية..
ذاكَ السَّرارُ أُصولُهُ نَشرُ السَّلامِ شِعارُهُ
الاصل الطيب والمنبت الكريم فهو من عائلة عرفت بمكارم الأخلاق فوالده الشيخ رضا كهية الحمدان الزعيم القبلي الذي كان أحد ابرز زعماء لواء كركوك في القرنين التاسع عشر والعشرين إضافة إلى ذلك فالشيخ ابوالقيس الكهية كان شعاره نشر السلام والوئام بين مكونات وعشائر المنطقة ويحمل البيت تصويرا رائعا يربط بين الأصل الكريم والتصرف النبيل ..
ذاكَ المُهابُ حُضورُهُ ذاكَ الشَّديدُ عِذارُهُ
مهابة الشيخ وشخصيته كانت حاضرة في قلوب الناس فهو الشيخ المبجل المهاب والمحترم
في التَّواضُعِ سِرُّهُ ذاكَ البَهيُّ مَسارُهُ
هذه إحدى أهم الصفات النبيلة الذي كان يتحلى به الشيخ وهو التواضع الذي جعل الناس يحبونه كثيرا من مختلف توجهاتهم وكان طريقه رائعا مضيئا وجميلا
قد وَدَّهُ كُلّ الوَرى صِغارُهُ وكِبارُهُ
احبه الناس جميعا كبارا وصغارا ومن طبقات المجتمع جميعا لصفاته الإنسانية الرائعة وفي البيت إشارة واضحة إلى انتشار صيته وشعبيته التي كانت حديث الناس والى يومنا الحاضر..يقول الأستاذ حاتم كريم السلطان البياتي مدير تربية قضاء الطوز
" الله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته ....فعلا كان بألف رجل الرجل كان يمتلك العقل والحكمة أنا طفل وأتذكر كان يأتي إلينا والى حد وفاته .... الف رحمه ونور على روحك الطاهرة عمي ابو القيس كهية "
مَحرومُه وغَنيُّهُ حتى كَذاكَ شِرارُهُ
نال محبة الفقراء والمساكين والمحرومين وكذلك الاغنياء كانوا يبجلونه ويحترمونه ويشير الشاعر هنا ان الناس جميعا قد احبه حتى السيئين منهم لما جمعه الراحل من خلق كريم وسخاء وجود وعفو وتسامح وصفات حميدة كثيرة فهو شخصية جامعة لا تبغض..
رَغمَ الأَذى مِنهُمْ إِذا أَحَدٌ أَتاهُ أَجارَهُ
في هذا البيت يشير الشاعر إلى خلق كريم آخر وهو مقابلة الإساءة بالإحسان فيقول حتى المسيئين له والذين سببوا له الأذى اذا لجأوا إليه آواهم لان خلقه العفو الجميل والتسامح .
لا عَنْ حُمَيّا قَدَّروهُ أَو أَهابوا نارَهُ
يشير الشاعر يشار البياتي هنا ان حب الناس للشيخ ابوالقيس كهية لم يكن خوفا منه ولا رهبة
بَلْ إِنَّما حُبّاً لَهُ جَعلوا القلوبَ مَدارَهُ
وإنما عن حب واحترام صادقين وعن اخلاص ووفاء اصبحت القلوب تحبه وتأنس به
رّبّي حَناهُ وسَرَّهُ جَعلَ الجِّنانَ ديارَهُ
وفي هذا البيت يدعو الشاعر ربه ان يسكن الشيخ ابوالقيس كهية في فسيح جناته ويجعله في عليين
ذاكَ المُحَمَّدُ فِعلُهُ ومَقالُهُ وقَرارُهُ
ويختم الشاعر قصيدته في رثاء الشيخ ابوالقيس كهية ومدحه ويشير إلى أن الشيخ كان افعاله أفعال العظماء وكذا كلماته الطيبة وقراراته المصيرية التي حفظت السلم الأهلي في قضاء الطوز وقبيلة البيات عموما ...
الخاتمة
بهذه القصيدة المؤثرة نرى كيف يتحول الوفاء الإنساني إلى شعر خالد وكيف ان الشعر يكرم المثل العليا ويحفظ القيم الإنسانية النبيلة كما فعل شاعرنا المبدع يشار علي البياتي في قصيدته فخر البيات عندما جسد الخصائل الحميدة للشيخ ابوالقيس كهية في نص أدبي جميل حيث خلده في وجدان الشعر كما كان مخلدا في قلوب الناس ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat