بمناسبة تطوير الشعبة الخامسة في الكاظمية (لا ينال عهدي الظالمين) (ح 2)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

كان مكان الشعبة الخامسة أحد أقسى الأماكن للتعذيب في العالم زمن الظالم صدام فهو وزمرته المجرمة لا عهد لهم مع رب العباد رب الرحمة الله جل جلاله، جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن الظالمين "وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" ﴿البقرة 124﴾ لا حرف نفي، ينال فعل، عَهْدِي: عَهْدِ اسم، ى ضمير. الظَّالِمِينَ: ال اداة تعريف، ظَّالِمِينَ اسم. الإِمامة قمة مفاخر إبراهيم عليه السلام هذه الآية وما بعدها تتحدث عن بطل التوحيد نبي الله الكبير إبراهيم على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام، وعن بناء الكعبة وأهمية هذه القاعدة التوحيدية العبادية. والهدف من هذه الآيات ـ وعددها ثماني عشرة آية ـ ثلاثة أُمور: أوّلا: أن تكون مقدمة لمسألة تغيير القبلة التي ستطرح بعد ذلك، كي يعلم المسلمون أن هذه الكعبة من ذكريات إبراهيم محطم الأصنام، ولكي يفهموا أن التلويث الذي طرأ على الكعبة إذ حولها المشركون إلى بيت للأصنام، إنما هو تلويث سطحي لا يحط من قيمة الكعبة ومكانتها. ثانياً: لفضح ادعاءات اليهود والنصارى بشأن انتسابهم لإِبراهيم، وأنهم ورثة دينه وطريقته، ولتوضيح مدى ابتعاد هؤلاء عن ملة إبراهيم. ثالثاً: لتفهيم مشركي العرب أيضاً ببعدهم عن منهج النّبي الكبير محطم الأصنام، والرّد على ما كانوا يتصورونه من ارتباط بينهم وبين إبراهيم. الآية الكريمة تقول أوّلا: "وَإِذَ ابْتَلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ". هذه الفقرة من الآية تشير إلى الإختبارات المتتالية التي اجتازها إبراهيم عليه السلام بنجاح، وتبين من خلالها مكانة إبراهيم وعظمته وشخصيته. وبعد أن اجتاز هذه الإختبارات بنجاح استحق أن يمنحه الله الوسام الكبير "قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً". وهنا تمنّى إبراهيم عليه السلام أن يستمر خط الإِمامة من بعده، وأن لا يبقى محصوراً بشخصه "قَالَ وَمِنْ ذُرّيَّتِي". لكن الله أجابه: "قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ". وقد استجيب طلب إبراهيم عليه السلام في استمرار خط الإِمامة في ذريَّته، لكن هذا المقام لا يناله إلاّ الطاهرون المعصومون من ذريّته لا غيرهم.
جاء في کتاب الحسين ريحانة النبي للشيخ كمال معاش: قال الله تعالى: "وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (البقرة 124) فإنّه دالّ على كون الإمامة من عهد الله تعالى وعلى اعتبار عصمة الإمام حين الإمامة وقبلها، لأنّ كلّ عاصٍ ظالم لقوله تعالى: "وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (البقرة 229). عن ابن عباس قال: معناها أنّه كائن لا ينال عهده مَنْ هو في رتبة ظالم ولا ينبغي أن يوليه شيئاً من أمره. وعن مجاهد في قوله لا ينال عهدي الظالمين قال: لا أجعل إماماً ظالماً يُقتدى به. فالإمام يجب أن يكون معصوماً عن الضلال والمعصية وإلاّ كان غير مهتد بنفسه كما يدلّ عليه قوله تعالى: "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ" (الأنبياء 73) فأفعال الإمام خيرات يهتدي إليها لا بهداية من غيره بل باهتداء من نفسه بتأييد إلهي وتسديد ربّاني ومَنْ ليس بمعصوم فلا يكون إماماً هادياً إلى الحقّ. والمراد بالظالمين مطلق مَنْ صدر عنه ظلم، من شرك أو معصية وإن كان منه في برهة من عمره، سواء في الجاهليّة أو الإسلام ثمّ تاب وصلح فلا بدّ أن لا يكون ظالماً في جميع عمره. وإبراهيم عليه السلام حينما سأل الإمامة لبعض ذرّيتّه أجابه المولى سبحانه: إنّه لا ينال عهدي الظالمين مَنْ عبد صنماً أو وثناً لا يكون إماماً للناس ولو تاب بعد ذلك وأصلح. وفي الدرّ المنثور عن النبي صلى الله عليه وآله يقول: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
جاء في موقع صوت الجالية العراقية عن بأدوات التعذيب لنظام صدام السوداني يعلن إنشاء متحف بالشعبة الخامسة في بغداد: أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، تحويل مديرية الاستخبارات العسكرية للنظام السابق بقيادة الرئيس المخلوع صدام حسين أحد أشهر السجون في تلك الحقبة الى متحف يتضمن أدوات التعذيب التي كانت تُستخدم بحق المعتقلين في ذلك المكان السيء الصيت الذي يقع بمدينة الكاظمية التابعة للعاصمة بغداد. وقال السوداني في كلمة له خلال مراسم إطلاق الأعمال التنفيذية لمشروع جسر الكريعات، ضمن حملة إعمار مدينة الكاظمية، إنه آن الأوان بأن يلمس المواطن الخدمات في بلد يمتلك كل المقومات، مردفا بالقول "منذ الأيام الأولى من تسلمها مهامها كانت للحكومة جانب خاص للخدمات من خلال رؤية واقعية وعلمية ومنهجية وشاملة تأخذ بالاعتبار كل مدينة ومحافظة ومنطقة وقضاء وناحية". وأضاف أنه "طيلة عقود لم يُبنَ جسر على نهر دجلة منذ الحكم الملكي في بغداد التي لم تشهد اي عملية تأهيل للخدمات منذ خمسينيات القرن المنصرم"، مشددا على أنه "رؤيتنا للخدمات رؤية متكاملة للمدن العراقية كافة". ولفت السوداني إلى أن "الشعبة الخامسة اسم مرعب واذا اردت ان تهدد شخصا في الحقبة السابقة فتهدده بها، والتي تضمنت كل أدوات التعذيب والتنكيل والقتل التي مرت على أبناء شعبنا في فترات زمنية مظلمة". كما أعلن رئيس مجلس الوزراء منطقة (الشعبة الخامسة)، بمساحة 400 دونم، ضمن الفرص الاستثمارية أمام جميع الشركات، مؤكداً أنها ستعلن بشكل شفاف وواضح. وقال السوداني إنها لن تحتوي على أي مشروع سكني، إضافة إلى تميز موقعها الستراتيجي، والقريب من ضريح الإمامين الكاظمين، حيث سيشيد فيها متحف بمساحة 12500 م2، ليكون شاهداً على الحقبة الدكتاتورية المظلمة، وممارسة أبشع الانتهاكات، مؤكدا أن المتحف بمثابة ضمانة لعدم تكرار المآسي، حيث سيطلع المواطنون على بشاعة تلك الحقبة.
جاء في موقع بنت الرافدين عن نزيل في الشعبة الخامسة للكاتب محمد السعدي: في يوم 7- 6 – 1987 وقعت في قبضة الاستخبارات العراقية في ظهيرة صيف حار في الطريق ما بين كركوك وطوزخورماتو وبعد تسعة ايام كنت مربوطا في زنزانة رقم ثلاثة وهي واحدة من زنزانات ذلك المبنى المستطيل. هكذا يوحي للمارة من على جسر الائمة. والمطل على نهر دجلة حيث تخفي بعض معالمه اشجار بساتين الكاظمية التي يؤدي احد فروعه الى طريق منطقة التاجي. تلك الزنازين البيضاء اللون والمختلفة الاحجام.. زنزانتي كانت لاتتسع الا لشخص واحد حالكة الظلام لا ترى الضوء الا عندما تقف وترى من خلال فتحة صغيرة واقعة في اعالي الباب بحجم قبضة اليد ومع هذا مشبكة بالحديد منفذ الضوء بحجم القلم لتتمكن من خلاله ان ترى بصيصا من الضوء.. وقد يعرضك هذا البصيص الى جعلك في قائمة الموتى فيما لو شاهدك احدهم وهو يجوب الممرات جيئة وذهابا. فرشت الزنزانة ببطانية سوداء رثة تنتشر منها رائحة دم. دهشتي الاولى بدأت مع دبيب القمل لكن بعد فترة وبحكم التعود باتت حركة النمل لهوي الوحيد في قضاء الوقت وحساب المستقبل من خلال اصطياده لكنه بدا يزداد يوما بعد يوم. في كردستان العراق أيام النضال في الكفاح المسلح ومقارعة الدكتاتورية كان يجمعنا موقد النار الساحر وانفجارات اصوات البلوط لاجل اعدادها للأكل في ليالي الشتاء القارص ورغم قساوتها لكنها تبقى الامثل في حياتي لاهدافها النبيلة وكان لدبيب القمل حصته ايضا في البحث عنه في مثل هذه الاجواء من اوقات فراغنا بين عقد وزوايا ملابسنا ورميه في النار لنستمتع بأصوات انتحاره. عندما كان يطرق سمعي بقربهم من زنزانتي ومن ذلك الباب الحديدي الموصد بسلاسل واقفال ينتابني الخوف ببداية مشوار جديد للتعذيب والالام للموت الذي كنت انتظره بحكم أهانة الحياة هناك يصبح مألوفا ولا عليك الا انتظاره بل تمنيته وحاولت الاسراع بموتي ولكن بدون ان اتمكن منه في تلك اللحظات المرة والمفجعة في حياة الانسان. كنت احاول الحفاظ على ما املك من اسرار وما احمله من امانة لكي لا ارغم على البوح بها مستعينا بقوة الاعتداد والاصرار. فانا احتفظ لاولئك البشر مواقفهم الشجاعة والنبيلة في الاستعداد والنضال . للناس الذين فتحوا بيوتهم لي سيبقون خالدين في ضميري.. وساحميهم حتى لو ارادوا قطع رقبتي وهذا عهد قطعته على نفسي في لحظة وقوعي بين ايديهم. كانت كلما تطول الفترة يزداد التعذيب وحشية وخوفي يتفاقم من المجهول وما تخفيه الايام القادمة.. لانه في كل جولة من التعذيب يفاجئونك بمعلومات جديدة ربما بعضها تخمينية اكثر مما هي حقيقيه. لكن كاي جهاز استخباراتي يبني احتمالات لاجل الوصول الى نتيجة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat