صفحة الكاتب : علي الخالدي

الانتخابات العراقية 2025 والمدّ الشيعي
علي الخالدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    تُعَدّ الانتخابات في العراق أحد أبرز تجليات المدّ الشيعي بعد عام 2003، وواجهة من واجهات العالمية الشيعية، عبر تعزيز حضورهم في المحافل المحلية والدولية التي حُرموا منها طيلة ثمانين عامًا منذ تأسيس الدولة العراقية.

  المكوّن الشيعي في العراق لا يختلف عن نظرائه في المنطقة من حيث التهميش وضعف التمثيل المكوّناتي، منذ عدة عقود خلافًا لمسار وحركة التجمعات البشرية الأخرى, ومنذ نشأته لم يسجّل التاريخ على التشيّع أي ردّات فعل عدوانية أو تخريبية تجاه المشتركات الإنسانية التي عاش معها واختلط بها؛ بل كان السبّاق دائمًا إلى الدفاع عنها وعن أنظمتها، إيمانًا بالتعايش السلمي رغم الاختلاف العقدي مع تلك الأنظمة. وقد وثّقت العصور المتأخرة، فضلًا عن السابقة، تضحيات جسيمة قدّمها جسد التشيّع، وهو ما شهده الحاضر أيضًا مع السيد نصر الله، وسليماني، والمهندس، دفاعًا عن المسلمين.

    رغما على كل ما قدّم الشيعة من غالٍ ونفيس، طيلة السنين الطويلة, فإنهم كثيرًا ما جُوبِهوا بغير الإحسان، ولم ينالوا ما يستحقون من تقدير أو موقع في القرار، بسبب قلة حجمهم العددي قياسًا إلى باقي المكوّنات السكانية، حتى بدا وكأنهم شيئًا منسيًا. لكنّ نجمهم لمع مع بزوغ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، ثم بروز حزب الله في لبنان عام 1982، والحركة الحوثية في اليمن عام 1992، وصولًا إلى العراق عام 2003 بسقوط آخر المعاقل الأميركية في غرب آسيا، ليبدو الجسد الشيعي وكأنه إمبراطورية مترامية الأطراف.

   أدرك الغرب، بعد خسارته العراق، أنّه وقع في فخّ التمدد الشيعي الذي شق طريق التحرر من الاحتلال الأميركي بأدوات ديمقراطية ناعمة، غرس جذورها المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالإمام السيستاني (دامت بركاته)، عبر آليات دستورية محكمة تمنع سقوط نظام الدولة، وتقوم على اختيار الشعب لممثليه في السلطتين التشريعية والتنفيذية. وبما أنّ المكوّن الشيعي في العراق هو الأكبر، فقد صارت سدة الحكم في متناول يدهم, والشيعة هم في جوهرهم مناهضون لأي نوع من أنواع الاحتلال أو الولاء للغرب الذي يرونه كافرًا، وهو ما لم يَرُق للغرب؛ فلم يجد سبيلًا للسيطرة على البلاد إلا عبر إجهاض نظامهم، من خلال شيطنته وتنفير المجتمع منه، حتى يعزف الناس عن انتخابه، فيبدو حضوره في صناديق الاقتراع وكأنه حضور أقلية، وبذلك يُفقد الحكم لمن هو أكثر ولاءً وطاعة للغرب.

   إذن، فإنّ منع المكوّن الأكبر من المشاركة الفاعلة في الانتخابات إنما يهدف إلى كسر المدّ الشيعي وإيقاف تمدّده العالمي نحو البلدان الأخرى، وهو مدّ تجلّى بوضوح في "طوفان الأقصى"، وحرب الأيام الاثني عشر، وفي أبهى صور الديمقراطية الشيعية التي يمثّلها العراق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الخالدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/22



كتابة تعليق لموضوع : الانتخابات العراقية 2025 والمدّ الشيعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net