الفساد سرطان ينهش كل مفاصل حياتنا
وليد الطائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وليد الطائي

الفساد لم يعد حالة استثنائية في العراق، ولم يعد حكرًا على الحكومات أو السياسيين كما يحب البعض أن يتصور. الحقيقة المؤلمة أن الفساد تسلل إلى كل مفاصل حياتنا اليومية، حتى أصبح جزءًا من ثقافتنا الاجتماعية، يُمارس أحيانًا بلا خجل وكأنه حق مكتسب.
الفساد اليوم موجود بين الأصدقاء، حين يصبح معيار العلاقات مبنيًا على المصالح الشخصية لا على القيم. موجود في العشيرة، عندما تتحول مفاهيم النخوة والحمية إلى وسيلة للتغطية على الجرائم أو حماية الفاسدين بدلاً من نصرة الحق. موجود في محال التجارة والصناعة والزراعة، حين يغشّ التاجر بضائعه، ويستغل الصناعي ضعف الرقابة، ويتلاعب المزارع بالأسعار على حساب المواطن. موجود في المدرسة، حين تُباع الأسئلة أو يُهمل التعليم ليخرج جيل ضعيف الفكر والوعي.
وهنا علينا أن نكون صريحين مع أنفسنا: نحن جميعًا ـ بدرجات متفاوتة ـ شركاء في استمرار هذا الخراب. صمتنا هو مشاركة، وسكوتنا عن الخطأ هو تواطؤ، وتبريرنا للفساد الصغير هو ما أعطى الشرعية للفساد الكبير. من الذي أوصل السياسي الفاسد إلى السلطة؟ من الذي يركض وراء الواسطة؟ من الذي يغض الطرف عن الغشّ لأنه "ابن عمّ" أو "قريب"؟ إننا نحن من صنعنا هذا الوحش بأيدينا، ثم جلسنا نتباكى على نتائجه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat