اختلاف التفاسير (بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" ﴿الأحقاف 24﴾ "فلما رأوه" أي فلما رأوا ما يوعدون والهاء تعود إلى ما تعدنا في قوله "فأتنا بما تعدنا" "عارضا" أي سحابا يعرض في ناحية من السماء ثم يطبق السماء "مستقبل أوديتهم قالوا" كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما فساق الله إليهم سحابة سوداء خرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم استبشروا وقالوا "هذا عارض ممطرنا" أي سحاب ممطر إيانا هذا تقديره لأنه نكرة بدلالة أنه صفة لعارض فقال هود عليه السلام "بل هوما استعجلتم به" أي ليس هو كما توهمتم بل هو الذي وعدتكم به وطلبتم تعجيله ثم فسره فقال "ريح فيها عذاب أليم" أي هو ريح فيها عذاب مؤلم.
وعن تفسير الميسر: قوله تعالى "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" ﴿الأحقاف 24﴾ مستقبل اسم، فلما رأوا العذاب الذي استعجلوه عارضًا في السماء متجهًا إلى أوديتهم قالوا: هذا سحاب ممطر لنا، فقال لهم هود عليه السلام: ليس هو بعارض غيث ورحمة كما ظننتم، بل هو عارض العذاب الذي استعجلتموه، فهو ريح فيها عذاب مؤلم موجع. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا " بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ " رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" (الأحقاف 24) "فلما رأوه" أي ما هو العذاب "عارضا" سحابا عرض في أفق السماء "مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا" أي ممطر إيانا، قال تعالى: "بل هو ما استعجلتم به" من العذاب "ريح" بدل من ما "فيها عذاب أليم" مؤلم.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" ﴿الأحقاف 24﴾ صفة نزول العذاب إليهم بادىء ظهوره عليهم. والعارض هو السحاب يعرض في الأفق ثم يطبق السماء وهو صفة العذاب الذي يرجع إليه ضمير "رأوه" المعلوم من السياق، وقوله: "مستقبل أوديتهم" صفة أخرى له، والأودية جمع الوادي، وقوله: "قالوا هذا عارض ممطرنا" أي استبشروا ظنا منهم أنه سحاب عارض ممطر لهم فقالوا: هذا الذي نشاهده سحاب عارض ممطر إيانا. وقوله: "بل هوما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم" رد لقولهم: "هذا عارض ممطرنا" بالإضراب عنه إلى بيان الحقيقة فبين أولا على طريق التهكم أنه العذاب الذي استعجلتم به حين قلتم: "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين" وزاد في البيان ثانيا بقوله: "ريح فيها عذاب أليم". والكلام من كلامه تعالى وقيل: هو كلام لهود النبي عليه السلام.
جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" ﴿الأحقاف 24﴾ "فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا". الهاء في رأوه للعذاب، وعارضا أي عرض في الأفق، ومستقبل أوديتهم متوجها إليها، والمعنى ظنوا العذاب سحابا من الغيث، ففرحوا به، وبشر بعضهم بعضا بالخصب والرخاء. فقال لهم هود أو لسان الحال والواقع: "بَلْ هُومَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها". رأوا سحابا في الأفق، ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، فانخدعوا بالظاهر، وذهلوا عما وراءه من المخبآت والمفاجئات، فأخذهم العذاب، وهم في سكرة من كواذب الأماني والآمال.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" ﴿الأحقاف 24﴾ قال المفسّرون: إنّ المطر انقطع مدّة عن قوم عاد، وأصبح الهواء حاراً جافاً خانقاً، فلمّا وقع بصر قوم عاد على السحب المظلمة الواسعة في الأفق البعيد، وهي تتجه صوبهم فرحوا لذلك جدّاً، وهبّوا لإستقبالها، وجاؤوا إلى جوانب الوديان والسهول ومجاري السيول والمياه. ليروا منظر نزول المطر المبارك ليحيوا من جديد، وتسر بذلك نفوسهم. لكن، قيل لهم سريعاً بأنّ هذا ليس سحاباً ممطراً: "بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم". والظاهر أنّ المتكلم بهذا الكلام هو الله سبحانه، أو أنّ هوداً لمّا سمع صرخات فرحهم واستبشارهم قال لهم ذلك.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat