المدينة تقرأ.. فهل أبناؤك يقرأون؟
عبد العزيز ال زايد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد العزيز ال زايد

زيارتي للمدينة المنورة لم تكن سياحة دينية فقط، في نفس اليوم الذي تشرفت فيه بالصلاة في الروضة الشريفة، استمتعنا بزيارة معرض الكتاب. المدينة تقرأ، والأضواء هنا لا ينبعث فقط من رحاب المسجد النبوي، بل من رفوف الكتب أيضًا.
كان يمكن لزائرٍ للمدينة أن يكتفي بالصلاة في الروضة والتبرك بالمكان، لكن ما أجمل أن يُقرن النور الروحي بنور الفكر. ما أجمل أن يجتمع الركوع مع القراءة، والدعاء مع التأمل، حينها ستشعر أن للزيارة طعمًا ومذاقًا مختلفًا.
في أروقة المعرض، رأيت وجوهًا مشرقة تتصفح الكتب كما لو كانت تبحث عن كنز. أطفال، شباب، كهول، نساء… الكل يسعى نحو ما يُشبع عقله وقلبه. وهذا مشهد يبعث على الأمل بأن للكتاب روحًا لم تمت.
على الرغم من أن البعض يظن أن الكتاب لم يعد سوقًا رائجة، إلا أن هناك كتبًا حتمًا ستشدك إليها. كتب تجبرك أن تتوقف أمامها، وكأنها تناديك: “هل ستغادر دون أن تصحبني معك؟”.
رغم أن في المعرض قسمًا للكتب المخفضة ذات القيمة الجيدة، إلا أن البعض يمتنع عن اقتناء الكتاب بحجة أن أسعار بعض الكتب غالية. قلت لأحدهم مازحًا: ضع ميزانًا بينك وبين نفسك. كم صرفت هذا الشهر من أجل بطنك؟ فلماذا لا تضع في كفة العقل بعض الرصيد؟
كان الجواب هروبًا للأمام: لكن أسعار الكتب غالية! فقلت له: كذلك أسعار بعض الوجبات. فلماذا نقبل دفع الغالي للبطن ونمتنع عن دفع ما يخصّ العقل؟ قد ندفع ثمن كوب قهوة فاخر دون تردد، ونبخل بثمن كتاب يمكن أن يغيّر حياتنا!
قلت لأحد أصدقائي: الطفل الذي يعتاد على اقتناء كتاب كل شهر، سيصعب أن يُستغفل حين يكبر. من قرأ عرف، ومن عرف نجا. فمع أي فريق أنت؟ القراءة ليست ترفًا، بل هي وسيلة دفاع عن الوعي وسط ضجيج المشتتات وأمواج المغريات الترفية.
بعض الكتب تُشبه الصحبة الطيبة؛ لا تملّها، ولا تُسيء إليك، بل ترفعك كلما قرأتها. فما أجمل أن نهدي أبناءنا كتابًا، بدل أن نهديهم فقط هاتفًا أو لعبة. ما نزرعه اليوم، سنجنيه وعيًا غدًا.
نصيحتي: جميل أن تحظى بزيارة المدينة المنورة، والأجمل أن تستثمرها في تنوير عقلك. لا تُوثّق حضورك فقط بصورة من داخل المعرض، بل عد إلى منزلك بكتاب نافع، تقرأه وتُهديه. فبعض الكتب لا تستحق أن تُعرض فقط، بل أن تُحتضن وتُفتح وتُقرأ.
اصطحبتُ معي إلى المعرض فلذات أكبادي، وتركت لهم حرية الاختيار أولًا. اختاروا ما يشتهون، ثم جلسنا معًا نتصفح ونفاضل، حتى انتقينا الأفضل لهم. بعد العودة، وجدت كل واحد منهم قد استغرق في قراءة كتابه الجديد، وشعرت بسعادة غامرة.
من المهم - عزيزي الأب - أن تربط أبناءك بالكتاب. قد لا تتمكن من زيارة بعض المعارض، لكنك تستطيع أن تجعل الكتاب قريبًا من أبنائك كما تحرص على أن يكون الطعام قريبًا من موائدهم. كذلك العقل أيضًا يحتاج لغذائه، فهل وفرته لهم؟
نحرص - نحن الآباء - على قراءة الكتب المدرسية مع أبنائنا، وقد نتهاون في الحثّ على قراءة الكتب الحرّة. فلماذا لا نشجع على القراءة منذ نعومة الأظفار؟ لماذا نغفل عن هذه البوابة التي يدخل منها النور إلى قلوبهم؟
ما لاحظته أن القراءة تولّد في النفس بوادر العظمة. هناك عظماء نعرفهم، ونغفل عن أن الكتاب كان أحد أسرار تميزهم. فلماذا لا نجرب بأنفسنا؟
ربما لم أكن أبحث عن كتاب بعينه حين دخلت المعرض، لكن الكتاب الجيد لا يُطلب دائمًا، بل أحيانًا هو من يطلبك. والمواعيد كثيرة… لكن متى يكون للكتاب موعد؟ المدينة تقرأ… فهل أبناؤك يقرأون؟
عبدالعزيز آل زايد
المدينة تقرأ.. فهل أبناؤك يقرأون؟
زيارتي للمدينة المنورة لم تكن سياحة دينية فقط، في نفس اليوم الذي تشرفت فيه بالصلاة في الروضة الشريفة، استمتعنا بزيارة معرض الكتاب. المدينة تقرأ، والأضواء هنا لا ينبعث فقط من رحاب المسجد النبوي، بل من رفوف الكتب أيضًا.
كان يمكن لزائرٍ للمدينة أن يكتفي بالصلاة في الروضة والتبرك بالمكان، لكن ما أجمل أن يُقرن النور الروحي بنور الفكر. ما أجمل أن يجتمع الركوع مع القراءة، والدعاء مع التأمل، حينها ستشعر أن للزيارة طعمًا ومذاقًا مختلفًا.
في أروقة المعرض، رأيت وجوهًا مشرقة تتصفح الكتب كما لو كانت تبحث عن كنز. أطفال، شباب، كهول، نساء… الكل يسعى نحو ما يُشبع عقله وقلبه. وهذا مشهد يبعث على الأمل بأن للكتاب روحًا لم تمت.
على الرغم من أن البعض يظن أن الكتاب لم يعد سوقًا رائجة، إلا أن هناك كتبًا حتمًا ستشدك إليها. كتب تجبرك أن تتوقف أمامها، وكأنها تناديك: “هل ستغادر دون أن تصحبني معك؟”.
رغم أن في المعرض قسمًا للكتب المخفضة ذات القيمة الجيدة، إلا أن البعض يمتنع عن اقتناء الكتاب بحجة أن أسعار بعض الكتب غالية. قلت لأحدهم مازحًا: ضع ميزانًا بينك وبين نفسك. كم صرفت هذا الشهر من أجل بطنك؟ فلماذا لا تضع في كفة العقل بعض الرصيد؟
كان الجواب هروبًا للأمام: لكن أسعار الكتب غالية! فقلت له: كذلك أسعار بعض الوجبات. فلماذا نقبل دفع الغالي للبطن ونمتنع عن دفع ما يخصّ العقل؟ قد ندفع ثمن كوب قهوة فاخر دون تردد، ونبخل بثمن كتاب يمكن أن يغيّر حياتنا!
قلت لأحد أصدقائي: الطفل الذي يعتاد على اقتناء كتاب كل شهر، سيصعب أن يُستغفل حين يكبر. من قرأ عرف، ومن عرف نجا. فمع أي فريق أنت؟ القراءة ليست ترفًا، بل هي وسيلة دفاع عن الوعي وسط ضجيج المشتتات وأمواج المغريات الترفية.
بعض الكتب تُشبه الصحبة الطيبة؛ لا تملّها، ولا تُسيء إليك، بل ترفعك كلما قرأتها. فما أجمل أن نهدي أبناءنا كتابًا، بدل أن نهديهم فقط هاتفًا أو لعبة. ما نزرعه اليوم، سنجنيه وعيًا غدًا.
نصيحتي: جميل أن تحظى بزيارة المدينة المنورة، والأجمل أن تستثمرها في تنوير عقلك. لا تُوثّق حضورك فقط بصورة من داخل المعرض، بل عد إلى منزلك بكتاب نافع، تقرأه وتُهديه. فبعض الكتب لا تستحق أن تُعرض فقط، بل أن تُحتضن وتُفتح وتُقرأ.
اصطحبتُ معي إلى المعرض فلذات أكبادي، وتركت لهم حرية الاختيار أولًا. اختاروا ما يشتهون، ثم جلسنا معًا نتصفح ونفاضل، حتى انتقينا الأفضل لهم. بعد العودة، وجدت كل واحد منهم قد استغرق في قراءة كتابه الجديد، وشعرت بسعادة غامرة.
من المهم - عزيزي الأب - أن تربط أبناءك بالكتاب. قد لا تتمكن من زيارة بعض المعارض، لكنك تستطيع أن تجعل الكتاب قريبًا من أبنائك كما تحرص على أن يكون الطعام قريبًا من موائدهم. كذلك العقل أيضًا يحتاج لغذائه، فهل وفرته لهم؟
نحرص - نحن الآباء - على قراءة الكتب المدرسية مع أبنائنا، وقد نتهاون في الحثّ على قراءة الكتب الحرّة. فلماذا لا نشجع على القراءة منذ نعومة الأظفار؟ لماذا نغفل عن هذه البوابة التي يدخل منها النور إلى قلوبهم؟
ما لاحظته أن القراءة تولّد في النفس بوادر العظمة. هناك عظماء نعرفهم، ونغفل عن أن الكتاب كان أحد أسرار تميزهم. فلماذا لا نجرب بأنفسنا؟
ربما لم أكن أبحث عن كتاب بعينه حين دخلت المعرض، لكن الكتاب الجيد لا يُطلب دائمًا، بل أحيانًا هو من يطلبك. والمواعيد كثيرة… لكن متى يكون للكتاب موعد؟ المدينة تقرأ… فهل أبناؤك يقرأون؟
عبدالعزيز آل زايد
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat