قصة النبي موسى مع الخضرعليهما السلام
محمد فرج الله الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد فرج الله الاسدي

بسم الله الرحمن الرحيم
إن قصة النبي موسى مع العبد الصالح عليهما السلام وهو ( الخضرعلى أغلب الروايات ) نستنتج منها أمور جديرة بالاهتمام في فهم المعنى القرآني للتدّبر والتأمل.
النبي موسى عليه السلام كما هو معلوم من الأنبياء ومن أولي العزم وهو كليم الله قد آتاه الله تعالى من المعاجز الساطعة التي لم يعطها لغيره من الأنبياء باعتبار أن كل نبي أتى بمعاجز تختلف عن غيره ؛ لكن قصة موسى مع العبد الصالح وماجرى فيها من أحداث ماهي إلا أمنية يتمناها كل الأنبياء والمرسلين لو أتيحت لهم وهي التعامل مع البشر بالأمور الغيبية والأحكام بالعلم اللدّني ، لكن الله تعالى ألهم بعضا من ذلك العلم لهم - أي الأنبياء عليهم السلام - وفي مواقف خاصة ومعينة تقتضيه المرحلة كما في قصة العبد الصالح ( الخضر عليه السلام) التي نحن بصددها .
نحاول أن نبين أهداف هذه القصة بخمس نقاط مختصرة :
1) إن الخضرعليه السلام تعامل مع الأحداث - التي صحب فيها موسى عليه السلام - بعلم لدني غيبي من الله تعالى ؛ أما النبي موسى عليه السلام كان ينظر إليها بالأمور الطبيعية العيانية لا الغيبية .
2) العبد الصالح الخضر عليه السلام كان يعلم جيدا أن موسى عليه السلام لا يدرك هذه الأحداث غيبيا لذا قال له قبل أن يصحبه ( قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًۭا ) و (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِۦ خُبْرًۭا) وطلب من موسى أن يصبر على ما سيكون وكان النبي موسى صادقا بأنه سيصبر وقال للخضر (قَالَ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًۭا وَلَآ أَعْصِى لَكَ أَمْرًۭا) إذ لم يكن يدرك موسى بأن الأحداث ستسير بالأمور غير الطبيعية والحكم بما أنزل الله تعالى كما هو المعهود من عدالة الأنبياء عليهم السلام في الأحكام والقوانين الموكلة إليهم في الأرض أو ربما كان يعلم أن هناك أمورا غيبية لكن وبالتالي هذه الأحداث تحتاج إلى فهم وتوضيح من الخضرعليه السلام لأن تكليفه كان تكليفا غيبيا من عند الله سبحانه ( وَعَلَّمْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًۭا) .
3) طلب الخضر من موسى عليهما السلام بأن لا يسأله عن شيء حتى يخبره بعد انقضاء تلك الأحداث التي سيراها وقد وافق موسى على ذلك ( قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِى فَلَا تَسْـَٔلْنِى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًۭا)
4) طلب الخضر عليه السلام من موسى عليهما السلام وبعد تلك الأحداث أن يفارقه لأنه لم يستطع الصبر كما وعده ( قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ ) .
5) قال الخضر عليه السلام بعد تلك الأحداث بأنه قد أمره الله تعالى بذلك وهو تعالى من علمه العلم بالغيب ( وَمَا فَعَلْتُهُۥ عَنْ أَمْرِى ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًۭا ) .
الخلاصة :
( يستفاد من هذه القصة القرآنية أن الإنسان لايتسرع في الحكم والصبرعلى قضية من القضايا إلا بعد الإلمام بتفاصيلها وعليه أن يصبر مع من يصحبه - خصوصا إذا ما كان الرفيق من أصحاب العقل والحكمة - حتى تتبين معالم الأحداث واضحة أثناء السفر أو المسير ).
ولابد من الإشارة هنا إلى أن الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف سيكلف بالتعامل والحكم غيبيا وتعتبر هذه المرحلة من التكليف الخاص له عليه السلام وحتى قيل أنه سيحقق حلم الأنبياء عليهم السلام .
بسم الله الرحمن الرحيم(... فَوَجَدَا عَبْدًۭا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَـٰهُ رَحْمَةًۭ مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًۭا ٦٥ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًۭا ٦٦ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًۭا ٦٧ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِۦ خُبْرًۭا ٦٨ قَالَ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًۭا وَلَآ أَعْصِى لَكَ أَمْرًۭا ٦٩ قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِى فَلَا تَسْـَٔلْنِى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًۭا ٧٠ فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِى ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْـًٔا إِمْرًۭا ٧١ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًۭا ٧٢ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًۭا ٧٣ فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا لَقِيَا غُلَـٰمًۭا فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًۭا زَكِيَّةًۢ بِغَيْرِ نَفْسٍۢ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْـًۭٔا نُّكْرًۭا ٧٤ ۞ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًۭا ٧٥ قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَىْءٍۭ بَعْدَهَا فَلَا تُصَـٰحِبْنِى ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْرًۭا ٧٦ فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْا۟ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًۭا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُۥ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًۭا ٧٧ قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ٧٨ أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَـٰكِينَ يَعْمَلُونَ فِى ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌۭ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًۭا ٧٩ وَأَمَّا ٱلْغُلَـٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَـٰنًۭا وَكُفْرًۭا ٨٠ فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًۭا مِّنْهُ زَكَوٰةًۭ وَأَقْرَبَ رُحْمًۭا ٨١ وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَـٰمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُۥ كَنزٌۭ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَـٰلِحًۭا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةًۭ مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُۥ عَنْ أَمْرِى ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًۭا )٨٢.
صدق الله العلي العظيم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat