نفحات جوادية في بناء الشخصية -٣-
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي

روي عن الإمام محمد الجواد "عليه السلام":
((العامِلُ بالظلمِ، والمعينُ له، والراضي، شركاءٌ)).
إنَّ الحديث يؤكد على بيان حقيقة مهمة تتعلق بالظلم من جوانبه المختلفة؛ لما في ذلك من مخالفة للفطرة الإنسانية وتلويثها، والابتعاد عن كمال النفس، فالظلم هو التجاوز على الحدود عمومًا، والتجاوز لا يجتمع مع معاني الإنسانية التي تؤكدها تعاليم الشريعة المقدسة، ولعظمة آثار الظلم فالحديث يبيِّن ما يتعلق بجوانبه الثلاثة (الظالم والراضي والمعين).
ومما ينبغي بيانه في الحديث نذكر الآتي إجمالًا👇🏻:
١- التأكيد على مدى قبح الظلم بأي شكل من أشكاله، وضرورة اجتناب الإنسان -عامة- والمؤمن -خاصة- المشاركة في واحدة من تلك الموارد الثلاثة المتقدمة.
٢- التأكيد على عدم الغفلة عن الأمرين الثاني والثالث (الراضي والمعين) في موضوع الظلم، والاقتصار على القائم به، فكُلٌّ منهم له دور معيَّن في ذلك، ومراقبة النفس بشدة خوف المشاركة أو الإعانة بقول أو كلمة.
٣- إنَّ الحديث يرفض ما يتجه إلى المجتمع عامة في توجيه الاتهام إلى الظالم نفسه، وعدم الاكتراث بالآخرَيْنِ في الحديث، وقد يكون هو من المشاركين برضاه عن ذلك الظلم؛ لأنه لم يصبه شخصيًّا بل أصاب غيره، فلا يصدر منه أي استنكار ونهي عن الظلم، وخصوصًا أتباع الظالم الذين يوجِدون المبررات لتلك المظالم، والتاريخ فيه شواهد على ذلك.
٤- إنَّ المجتمع الإيماني يجب أنْ يؤدي دوره في الأمة، من خلال التعريف بالظلم وأنواعه ومصاديقه، وبيان آثاره في سلوك الفرد والمجتمع إذا استحكم فيه، وأداء الرسالة الإصلاحية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم الاكتفاء بالتسليم للواقع.
٥- إنَّ للظلم آثارًا كبيرة آنية ومستقبلية، وعلى الأمة أنْ تحذر آثاره التي تؤدي إلى دمار مادي ومعنوي للنفوس والمجتمع، وما قام به الطغاة من إهلاك الحرث والنسل على مر التاريخ لشاهد على ذلك، وما قام به البعث الإجرامي تجاه المؤمنين في العراق أعظم شاهد، وليس ببعيد، من خلال طاغيتهم، وأعوانه، والمصفقين واللاهثين حوله (بالروح بالدم نفديك يا ..!!).
إنَّ الحديث المبارك له أثر في بناء الشخصية العادلة، وبيان مقامها في المجتمع من جهة، وتحذير الأمة من عواقب ذلك من جهة ثانية، وعدم نسيان ما قام به الطغاة والمجرمين وآثارهم من جهة ثالثة، وضرورة تطهير المجتمع منهم وخصوصًا الأعوان والراضين من جهة رابعة، والابتعاد عن الأنانية والتفكير بالأمة وقضاياها من جهة خامسة .💐
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat