سيدي رسولَ اللٰهِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه):
السلامُ عليكم ورحمةُ اللٰهِ وبركاتُه:
يكفيكَ عزًّا وكرامةً من اللٰهِ تعالى أَنه حَبَاكِ بشرفِ الوصفِ الفرْدِ الذي لم يصِفْ به مَن أَرسله قبلَكَ ، ولا مَن نالَ مِن الكراماتِ من الصالحين الذين أَخذوا أَدوارَهم بعدكَ ؛ فقال بحقِّكَ: ﴿وإِنَّكَ لَعلىٰ خُلُقٍ عظيمٍ﴾ [القلم/٤] نِلتَ به وصفَ حالِكَ الرساليِّ ﴿وما أَرسَلناكَ إِلَّا رحمَةً لِلعالَمينَ﴾ [الأنبياء/١٠٧] ؛ فصِرتَ برحمتِكَ الرساليةِ هذه قرينًا للاستغفارِ ، مرفوعًا بوجودِكَ العذابُ عنِ المذنبِين بمصداقِ أَمرِه تعالى: ﴿وما كانَ اللٰهُ لِيُعَذِّبَهُم وأَنتَ فيهِم وما كانَ اللٰهُ مُعَذِّبَهُم وهُم يَستَغفِرونَ﴾ [الأنفال/٣٣] ؛ فاستحققتَ بهذه الحِظوةِ أَنْ تُؤمَرَ الأُمةُ باتِّباعِكَ كي تنالَ رضا اللٰهِ وتأمَنَ عِقابَه بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿...وما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وما نَهاكُم عنهُ فانتَهوا واتَّقُوا اللٰهَ إِنَّ اللٰهَ شديدُ العِقابِ﴾ [الحشر/٧] ؛ لأَنَّ قولَكَ قولُ اللٰهِ الذي حدَّد للخلقِ رسالتَكَ ببيانِه: ﴿وما يَنطِقُ عَنِ الهَوى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحيٌ يوحى ، عَلَّمَهُ شَديدُ القُوى﴾ [النجم٣-٥]. ومِن هذا التعليمِ الربَّانيِّ أَلزمتَ أُمَّـتَكَ بالصوابِ الفردِ الذي لا بديلَ عنه ﴿وَأَنَّ هذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ...﴾ [الأنعام/١٥٣] ، وجزاكَ اللٰهُ تعالى عمَّا جاهدتَ لإِقرارِه وهِدايةِ العالَمين به وله بما لم يَنلْه رسولٌ إِلهيٌّ قبلَكَ بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿ولَسَوفَ يُعطِيكَ ربُّكَ فتَرضَىٰ﴾ [الضحى/٥] إِذ إِنَّ اللٰهَ هو مَن يَرضَى عن عبدِه إِلَّا مع الحبيبِ المصطفىٰ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) فقد رضِيَ عنه وأَرضاهُ في الوقتِ نفسِه ؛ فكان هذا العرضُ القرآنيُّ منارًا لِمَا تفضَّل به أَميرُ المؤمنين عليٌّ (عليهِ السلامُ) وهو يُخبِرُ البشريةِ عن ماهيَّتِكَ بقولِه:
((حتَّى أَفضَتْ كرامةُ اللٰهُ سُبحانَه إِلى محمدٍ (صلَّى اللٰهُ عليه وآلِه) ؛ فأَخرجَه من أَفضلِ المعادنِ مَنبِتًا ، وأَعزِّ الأُروماتِ مَغرِسًا ، من الشجرةِ التي صَدَعَ منها أَنبياءَه ، وانتجَبَ منها أُمناءَه. عِترتُه خيرُ العِتَرِ ، وأُسرتُه خيرُ الأُسَرِ ، وشجرتُه خيرُ الشجَرِ ، نبتَتْ في حَرَمٍ ، وبسقَت في كَرَمٍ ، لها فُروعٌ طِوَالٌ ، وثمرٌ لا يُنالُ. فهو إِمامُ منِ اتَّقى ، وبصيرةُ منِ اهتدَى ، وسِراجٌ لَمَعَ ضَوؤُه ، وشِهابٌ سَطَعَ نورُهُ وزنْدٌ بَرَقَ لَمعُه ، سيرتُه الْقَصْدُ ، وسُنتُه الرُّشدُ ، وكلامُه الفصْلُ ، وحُكمُه العدلُ ، أَرسله على حينِ فترةٍ من الرُّسُلِ ، وهفْوةٍ عنِ العملِ ، وغباوةٍ منَ الأُممِ)).
هكذا أَنتَ سيدي أَيُّها النبيُّ الرسولُ معظَّمًا وعظيمًا ؛ فهل مِن نعمةٍ حُبِيتْ بها أُمَّـةٌ مِن الأُمَمِ في العالَمين كما حُبِينا نحن بكَ ؟!
طِبْتَ وطاب مُقامُكَ بعد أَنْ أَدَّيتَ ناصحًا صابرًا هاديًا مُبشِّرًا ونذيرًا ؛ فطاب هَدْيُكَ ونُصحُكَ وأَداؤُكَ ، واستمررْتَ أَنتَ أَنتَ بالقرآنِ وبالعِتْرةِ أَوصيائِكَ (عليهِمُ السلامُ) نجِدُكَ كلَّما رجَونا اللٰهَ ؛ فطابَ استمرارُكَ ووجودُكَ وبقاؤُكَ.
اللهُـمَّ صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ كما صلَّيتَ على إِبراهيمَ وآلِ إِبراهيمَ في العالَمين إِنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.
التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!