قميصٌ كان فَيْصَلًا ؛ فبُنِيت في ظلِّه دولةٌ عُظمَى:
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

إِنَّ المتبصِّرَ ذا الفِطنةِ والفِراسةِ والحكمةِ المتابعَ الأَحداثَ الآنيةَ في العالمِ بعامةٍ ، وفي العراقِ بخاصةٍ - ولا سيما ما جرى في السبعةَ عشرَ عامًا المنصرمةِ - يستحضِرٌ قراءاتٍ تكادُ تكونُ صحيحةً جدًّا عن تلكَ الأَحداثِ (الاعتياديةِ ، أَوِ المتوسطةِ ، أَوِ الكبيرةِ ، أَوِ الكارثيةِ) التي وقعت سابقًا مُذ كان الإِنسانُ الأَولُ على أَرضِنا هذه حتى يومِنا هذا ؛ فهو - إِذًا - يرى الحقيقةَ ؛ فيحكُمُ في ضوئِها ، ويرى الافتراءَ ؛ فيحكُمُ ضدَّه. أَي لم يعُد يَخفى عليه استنتاجٌ ، أَو احتمالٌ.
من هذه المقدِّمةِ أَقولُ: ما بالُ العراقِ تتعاورُ عليه الأَمزِجةُ تُسيِّرُ مقدَّراتِ أَرضِه ، وتَطيشُ بكرامةِ شعبِه ؟ أَمزِجةُ جماعةٍ (لم يدَّخروا كنوزَهم المختصَّةَ بهم في هذه الأَرضِ كي يحتكروها لهم ، ولم يَخلُقوا عراقيًّا بأَيديهِمُ (المخلوقةِ) كي يَستعبِدوه ؛ فقد كانوا على خَيرمَّا عندما كانوا مظلومين صادقين ، وصاروا على شرٍّ مستطيرٍ بعدما تنفَّذوا وسَكِروا فيما شَخصَت له أَبصارُهم ، وعَمِيت منه عيونُهم ، وماتت به قلوبُهم فغَدَوا ظالمين كاذبين.
وهنا يأتي المقالُ: أَليس منكم رجلٌ رشيدٌ يمتطي صهوةَ التحدي ، ويدخلُ حلْبَةَ النزالِ يكشفُ بالحُكْمِ القاطعِ عوراتِ أُولئكَ الظالمين ؟
إِنه قميصٌ فحسْبُ ، قطعةُ قماشٍ مَخيطةٌ للسَّتْرِ ، والحِفظِ ، والتجميلِ صار:
١- دليلًا لبريءٍ على (جماعةٍ كاذبين) ؛ فأحرق ورقتَهم ، وسفَّه أَحلامَهم ، وفضح جُرمَهم ، ومكَّنَ من الحُكمِ عليهم ﴿وجاءوا على قميصِهِ بِدَمٍ كذِبٍ قال بل سَوَّلَت لكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فصَبرٌ جميلٌ واللٰهُ المُستَعانُ على ما تَصِفونَ﴾ [يوسف/١٨].
٢- ودليلًا لبريءٍ على (كاذبةٍ) ؛ فأَحرق ورقتَها ، وكشفَ حيلتَها ، وكبَح شهوتَها ، ومكَّنَ من الحُكمِ عليها ﴿فلَمَّا رأى قميصَهُ قُدَّ من دُبُرٍ قال إِنَّهُ من كَيدِكُنَّ إِنَّ كيدَكُنَّ عظيمٌ﴾ [يوسف/٢٨].
٣- ودليلًا من ابنٍ (مظلومٍ مُنعَّمٍ) إِلى والدٍ عاش كابوسًا ظُلِم به وذاق مراراتِه ، وعاشقٍ منتَظِرٍ بشغَفٍ ريحًا يَطيبُ بها عيشُه على (كاذبين سابقين ومُراوغين مُحتالين) ؛ فأَعاد له بصرَه ، وسلامةَ قلبِه ، وراحةَ بالِه ؛ وكشف مؤامرةً للمتحالفين بالباطلِ تمتعوا هم بعذاباتِها طوالَ عقودٍ خَلَت ﴿اذهَبوا بِقَميصي هذا فَأَلقوهُ عَلى وَجهِ أَبي يَأتِ بَصيرًا وَأتوني بِأَهلِكُم أَجمَعينَ﴾ [يوسف/٩٣]
فهل عَدِمَ المظلومون السابقون - الذين ارتدَوا الآنَ أَفضلَ القُمصانِ ؛ فعرفوا خيوطَها ، ونسجَها ، ناعمَها وخَشِنَها ، ضيِّقَها وعريضَها - قميصًا واحدًا طاهرًا يُسقِطُ منظومةَ الكاذبين ؟!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat