المسيح في الأناجيل:صور متضاربة ومتناقضة ![المسيح ينفي عن نفسه الصلاح كي لايشكُّو في بشريته]الجزء الرابع
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مير ئاكره يي

على رغم ما مرَّت به الأناجيل من أطوار وتطورات تاريخية كثيرة ، وذلك على صعيد التأليف والتدوين والدسِّ والتحريف والبتر والنقص ، أو الزيادة والإضافة من لدن الكثير من الأشخاص يوجد فيها كمية من العبارات والكلام الذي يمكن الوثوق به وتصديقه وآعتباره من بقيَّة الوحي الإلهي المتبقَّى ، أو إنه من كلام نبي الله وعبده عيسى المسيح – عليه السلام - . حتى إن إنجيل لوقا بنفسه يعترف بذلك ، وفي بدايته ، فقال : [ لما أنَّ أخذ كثير من الناس يُدَوِّنون رواية الأمور التي تَمَّتْ عندنا ...] ينظر كتاب [ الكتاب المقدس ] ، دار المشرق ش . م . م . بيروت / لبنان ، التوزيع : المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، ط 6 ، 2000 ، إنجيل لوقا ، ص 186
ذلك أحد أوجه التناقضات التي تُعَدُّ بالمئات الموجودة في الأناجيل المعتبرة حاليا لدى الديانة التاريخية المسيحية . وأقول الديانة التاريخية المسيحية ، لأن هذه إنشطرت وآنحرفت عن أصل ديانة المسيح التوحيدية الطابع كجميع الديانات السماوية ، وكجميع الأنبياء الذين أول ما بشَّروا به ودعوا اليه كان التوحيد الخالص من أية شائبة من شوائب الشرك ، منهم كان عيسى المسيح – ع - .
جاء في إنجيل لوقا ، أو الأنجيل المنسوب اليه مايلي كلاماً في غاية الدقة والروعة عن عيسى المسيح . وذلك بعدما توجَّه اليه أحدهم بالسؤال والكلام التالي : [ وسأله أحد الوجهاء : أيها المعلِّم الصالح ، ماذا أعمل لأِرِثَ الحياة الأبدية ؟ ] ينظر كتاب [ الكتا المقدس ] دار المشرق ش . م . م . بيروت / لبنان ، التوزيع : المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، ط 6 ، 2000 ، إنجيل لوقا ، ص 255 ، فردَّ عليه عيسى : [ لِمَ تدعوني صالحاً ؟ لا صالح إلاّ الله وحده . أنتَ تعرف الوصايا : لاتزن ، لاتقتل ، لاتسرق ، لاتشهد بالزور ، أكرم أباك وأمَّك ] ينظر نفس المصدر والدار والتوزيع والجمعيات والزمان والمكان والطبعة والإنجيل والصفحة .
لقد أراد عيسى المسيح عبر جوابه أن يعلِّمَ السائل وغيره أيضاً محدوديته ونسبيته وبشريته ، وذلك مثلهم سواءً بسواءٍ ، لذا قال له : [ لا صالح إلاّ الله ] الذي أرسله كنبي الى قوم بني إسرائيل فقط بشيراً ونذيراً ، مضافاً تعليمه بأن الصالح فقط هو الله تعالى ، حيث هو سبحانه له كل الصلاحية والصالحية المطلقة ، وبالمطلق المطلق . ثم بعدها أرشد السائل الى أتباع الوصايا الإلهية لنبي الله موسى – ع – كي يبلغها لقومه ، وقد بلَّغها موسى وأدَّ الأمانة بكل أمانة وصدق ، مثل عيسى وسائر الأنبياء – عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام - .
وهكذا أراد نبي الله عيسى أن يعلِّمَ السائل وغيره بأن يكونوا على حذر شديد من مغبَّة رفعه فوق بشريته ، وذلك بالإطراء والتطرُّف في شخصيته وبشريته ورفعه فوقها ، لأنه بالحقيقة كان من حيث الخِلْقة بشراً كسائر البشر ، لكنه آمتاز عنهم بالنبوة والرسالة الإلهية التي كلَّفه الله تعالى بها لإيصالها الى بني قومه ، وذلك كجميع الأنبياء . لهذا قال للسائل : [ لا صالح إلاّ الله ] سبحانه .
بعدها قال نبي الله عيسى للسائل الذي كان ثريا جداً : [ واحدة تنقصك بعد : بِعْ جميع ما تملك ووزِّعْهُ غلى الفقراء ، فيكونَ لك كنز في السماوات وتعال فآتبعني . فلما سمع ذلك آغتمَّ لأنه كان غنيا جدا ] ينظر نفس المصدر السابق والدار والتوزيع والجمعيات والزمان والمكان والطبعة والإنجيل والصفحة .
عقب ما قال عيسى النبي للسائل محدوديته البشرية دعاه الى الإيمان به وآتباعه وتوزيع مايملك من الأموال على الفقراء ، حينها يكون له كنز من الحسنات والصالحات من الأعمال في السماوات ، أي عند الله سبحانه الذي لا تضيع عنده أجر من أحسن عملا . وربما كان ذلك الغني قد جمع ثرواته من طرق إستغلالية وغير مشروعة ، لذا قال له النبي عيسى – عليه السلام - بأن يوزِّع أمواله على الفقراء ، ومن ثم آتباع طريقه ودينه وسنتَّه كنبي ! .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat