صفحة الكاتب : مهند حبيب السماوي

التصريح بالولاية الثالثة...أولوية سياسية خاطئة
مهند حبيب السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحديث الدائرة في الوسط السياسي العراقي، بعد تأجيجه اعلاميا من قبل بعض نواب ائتلاف دولة القانون، حول ترشيح الاستاذ نوري المالكي لرئاسة الوزراء لدورة ثالثة..يكشف لنا بشكل كبير عن حجم افتقار اصحاب التصريح للحنكة والنضج السياسي الذي يمكن صاحبه من امتلاك ادوات قراءة الواقع العراقي على صورته الحقيقة وليس من مرآة اصحاب التصريحات الاعلامية فضلا عن عدم أدراك هؤلاء لطبيعة المرحلة الحرجة والظرف الاستثنائي الذي يمر به العراق.

اذ يصطدم هذا التصريح، للوهلة الاولى، بالواقع الامني الحالي في العراق الذي يعاني من انتكاسة جزئية كما اعترف بذلك المالكي نفسه، فالمنجز الامني الذي كان احد اهم مقومات نجاح حكومة المالكي خلال السنوات السبع الذي تسنم فيها رئاسة الوزراء يتعرض لخطر كبير مُحدق بعد سلسلة العمليات الارهابية التي ضربت بغداد ومحافظات العراق والتي توجتها عملية الهجوم" الكارثية" على سجني ابو غريب والحوت واقتحام الاول منهما واطلاق سراح عتاة الارهابيين في العراق.

هذه العملية التي ليس من المبالغة ان وصفناها بالــ " كارثية" قد كان لها نتائج على مستويين :

1- نتائج تتعلق بهروب عشرات الارهابيين من السجن وهو ماتم التركيز عليه من قبل بعض جهات الاعلام والجهات الامنية والاستخبارية .

2- نتائج كبرى تتركز في قابلية هذه الحركات الارهابية على تنفيذ مثل هكذا عملية كبرى تخطيطا.. وتمويلا.. وتنظيما.. وتنفيذا... في مقابل تفكك امني جلي وغياب تنسيق واضح بين الاجهزة الامنية ووزارات الحكومة التي بدأت بتقاذف الاتهامات فيما بينها محملة كل طرف مسؤولية ماحدث. 

وسط هذه الكارثة الامنية التي استغلتها الاطراف السياسية التي تكن العداء للمالكي للتحشيد ضده وتأليب الشارع ضد حكومته في وقت عصيب تقترب فيه الانتخابات البرلمانية العامة.... يأتي ، وعلى نحو يخلو من الفطنة السياسية ، من يتحدث عن الرغبة في تجديد ولاية ثالثة للمالكي واعتبار الاخير مرشح دولة القانون لهذا المنصب وسط ذهول الاخرين الذي يرون في العراق انفلاتا وتدهورا امنيا منقطع النظير متزامنا مع هذه التصريحات ، مع العلم ، وهذه النقطة مهمة جدا ، ان المالكي لم يصرّح ابدا في هذه الفترة بمثل هذا التصريح، بل حتى السيد واثق الهاشمي الذي التقى المالكي قبل فترة مع نخبة من السياسيين والاكاديميين قد صرّح " باننا لمسنا من المالكي رغبة في ولاية ثالثة"..ولم يقل انه صرّح بذلك.. وهذا ذكاء من المالكي وربما جزعا من فرقاءه السياسيين وسياستهم معه.

ومن الطريف ان هذه التصريحات التي هي في الاصل في غير محلها ولا وقتها تؤدي الى رد فعل يتمثل في تصريحات اخرى للرد عليها ، فتحدث لدينا معارك اعلامية شبيهة بمعارك طواحين الهواء التاريخية التي كان يقوم بها بطل الروائي الاسباني ميجيل دى سيرفانتس الفارس الوهمي دون كيشوت ! مضيعة وقتا يمكن ان يصرفه النواب في عمل أخر قد يعود بالفائدة على المواطن العراقي. 

نعم ..انا ادرك واعلم يقينا ان جميع اعضاء ائتلاف دولة القانون يرغبون بشدة ببقاء صاحب" الفضل الاكبر" في وصولهم لما هم عليه الان من مناصب لم يكن اغلبهم يحلم بالامتيازات التي ترافقها، وهم بذلك يعبرون ويكشفون، بهذه التصريحات،عن هذه الرغبة ...لكن عليهم ان يتوقفوا مؤقتا عن التصريح بهذه الرغبات من اجل المالكي نفسه قبل غيره ان كانوا فعلا يحترمون بوعي وشعور عال هذا الرجل الذي يكن له اعدائه قبل اصحابه الاحترام.

الوقت ليس مناسبا لهذه التصريحات..مع انه لاشك اولوية بالنسبة للكثير من اعضاء دولة القانون..لكنه الان ليس الاولوية الاولى ! فللاولويات سلم تراتبي ارجو ان لايغفله بعضهم ، فالشارع العراقي ينتظر الان التصريحات التي ترتبط بالمساهمة في تهدئة الاجواء السياسية المسمومة من جهة وما يتعلق بالغاء رواتب البرلمانيين من جهة ثانية...فالحكومة تتعرض لنقد واضح من قبل الكتل السياسية والشعب العراقي امام التدهور الامني الحاصل ...والبرلمان واقع تحت مرمى الشعب العراقي الذي يجد فيه منبرا للتشاتم والانتهازية والمصالح الشخصية والحزبية وهدرا للمال العام... والقاعدة تستغل هذه الصراعات والخلافات من اجل تحقيق مآربها الدنيئة ...

ازاء كل هذه المظاهر السيئة للتجربة العراقية في الفترة الحالية نجد من يتبرع بتصريحات عن ولاية ثالثة وحسم الموقع تجاه المالكي في حين ان اي شخص يمتلك حظ بسيط من الثقافة السياسية يعلم ان ائتلاف دولة القانون سوف يرشح المالكي في الانتخابات القادمة كرئيس وزراء بل انهم مرشح الائتلاف الوحيد ولايوجد من يضاهي امكانياته وقدراته بل وحتى شعبيته التي مازالت هي الاعلى بين السياسيين العراقيين، ولاحاجة لذا لهذا التصريح الذي يثبت ولاء صاحبه للمالكي !.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهند حبيب السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/12



كتابة تعليق لموضوع : التصريح بالولاية الثالثة...أولوية سياسية خاطئة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net