الصيام في الأديان .
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
طلبت مني أحد الأخوات المسيحيات المتزوجة من رجل مسلم أن أضع لها بحثا حول الصيام في المسيحية ومع كثرة المشاغل وندرة الوقت فأنا استجيب لها واضع هذا البحث المتواضع الذي لربما لم يستوف شروطه.
الصوم بصورة عامة هو فترة انقطاع عن الشهوات الجسدية (الطعام) والشهوات الروحية (الاعمال السيئة).
ووفي المسيحية ينقسم الصيام إلى عدة اقسام : الصوم الكبير (قبل عيد القيامة) والصوم الصغير قبل (عيد الميلاد). وعندنا في الموصل صوم اسمه (صوم باعوثة) وصوم العذارى وهذين الصيامين في العراق فقط .وهو من المستحبات التي لا أصل لها في الكتاب المقدس.
الصوم الكبير مدتة 55 يوم وهم يتكونوا من(7 ايام كأسبوع للاستعداد + 40 يوم مثال صوم السيد المسيح في البرية قبيل بدء خدمته + 7 ايام اسبوع الالام المقدس + يوم سبت النور وهو برامون عيد القيامة المجيدة) وهذا الصوم يعتبر من الدرجة الأولى في الاصوام المسيحية الأرثوذكسية واقدس ايام واصوام السنة. ولا بد في الصوم من الانقطاع عن الطعام لفترة من الوقت ، وفترة الانقطاع هذه تختلف من شخص إلى آخر بحسب درجته الروحية واختلاف الصائمون في سنهم واختلافهم أيضاً في نوعية عملهم ولمن لا يستطيع الانقطاع حتى الساعة الثالثة من النهار فأن فترة الانقطاع تكون بحسب إرشاد الأب الكاهن.وأيضاً فأن الأب الكاهن هو الذي يحدد الحالات التي تصرح فيها الكنيسة للشخص بعدم الصوم ومن أهمها حالات المرض والضعف الشديد.
حدد الرب انواع الطعام التي يجب الامتناع عنها في الصوم استنادا إلى الكتاب المقدس وهي ما ورد في حزقيا 4 : 9 (( أمر الرب حزقيال النبي بالصوم ثم الافطار على القمح (البليلة)والشعير والفول والعدس والدخن والذرة الرفيعة والكرسنة الكمون)) وكذلك الامتناع عن انواع اخرها كما في صيام دانيال : سفر دانيال 1 : 12 (( الصيام عن أكل اللحوم وشرب الخمر كما صام وافطر آخر النهار على البقوليات )) دانيال 1 : 8 ـ16 وكذلك صام النبي داود عن الزيت كما في المزمور 109 : 24 (( ركبتاي ارتعشتا من الصوم ولحمي هزل عن سمن )) فقد كان الصوم في الامم السابقة قاسيا جدا ومهلكا.
يعترف المفسرون ((أن الإنجيل سُلّم للرسل غير مكتوب (فما لفم)، ولم تدون كل تعاليم يسوع كما يذكر يوحنا في (إنجيل يوحنا 30:20؛ 31،25:21 ) كما أن الإنجيل قد تم تدوينه بعد فترة من صعود السيد المسيح، ويقولون في تبرير الزيادات ونحن نضع تعاليم آبائنا الرسل "كإنجيل شفاهي" يكمل ما حفظ لنا في الإنجيل الكتابي. ونحترم ونطيع ونسمع ونقبل تلك التعاليم كاحترامنا وطاعتنا وقبولنا وسمعنا للرب نفسه ويذكر الإنجيل أن المؤمنون قد تسلموا تعاليم الكنيسة من الرسل وخلفائهم. ومن ثم نتسلم قوانين الآباء البطاركة القديسين الذين رتبوا الأصوام الباقية للآن، ونقول كما قال القديس أغسطينوس أن عادتنا لها قوة القانون لأننا تسلمناها من أناس قديسين)). (1)
فهذا النص للمفسر يعترف فيه بأن الانجيل نُقل شفاها ثم دوّن بعد فترة من رحيل المسيح ، وان بقية ما يتعبدون به هو من وضع الآباء المقدسين ليس له اصل في الكتاب المقدس.
وردت شريعة الصيام في الكتاب المقدس بأشكال مختلفة ففي اليهودية اختلط الحابل بالنابل وضاعت شعيرة الصيام بين اطنان من التشريعات الفردية والجماعية فمثلا في هذا النص من سفر زكريا 8: 19 ((هكَذَا قَالَ الرَبُّ : إِنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ الرَّابِعِ وَصَوْمَ الْخَامِسِ وَصَوْمَ السَّابعِ وَصَوْمَ الْعَاشِرِ يَكُونُ لِبَيْتِ يَهُوذَا ابْتِهَاجًا وَفَرَحًا وَأَعْيَادًا طَيِّبَةً)) فهل هذه الأربعة أشهر من السنة كلها صيام وتستمر كتشريع رباني مُلزم على اليهود ، ولكننا لا نراهم يصومونها في هذا لأيام .
وكذلك لم يُبين الكتاب اسباب بعض أنواع الصيام بل انه ذكر بأنهم صاموا يوما واحدا إلى المساء كما في سفر القضاة 20: 26 ((وَصَامُوا ذلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الْمَسَاءِ، )) ، وأنهم صاموا سبعة أيام كما في سفر صموئيل الأول 31: 13 ((وَصَامُوا سَبْعَةَ أَيَّامٍ)) .(2)
ولكن الغريب أن الإنجيل يقول بأن يسوع صام أربعين يوما ليُجرب من ابليس . فهل هذا الصيام خاص ليسوع أم انه لأمته من بعده ؟كما في إنجيل متى 4: 2 ((ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2 فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا)).(3) ولم يُبين لنا الكتاب المقدس ما نوع هذا الصيام هل هو انقطاع شامل كامل عن الطعام والشراب أم شيئ آخر وهل ان هذا الصيام مستمر بلا انقطاع ليل ونهار لا يأكل ولا يشرب. هذا مستحيل أن يتحمل الجسد كل هذه المدة وإلا سوف يذبل من الجوع ويتيبس من العطش. وقد أخبرنا الانجيل بأن ثلاث أيام صيام متواصلة كفيلة بأن تجعل الانسان يخر إلى الأرض من الضعف كما في إنجيل متى 15: 32 ((وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ)) فكيف صمت أربعين يوما يا يسوع إذا كانت ثلاث أيام كفيلة بأن تجعل الانسان يخر في الطريق من الضعف؟
وهناك آيات كثيرة حول الصيام ولكن كلها لم تبين لنا حقيقة هذا الصوم مثل قوله في سفر أعمال الرسل 13: 2 ((وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ)) او مثل قوله في 5سفر باروخ 1: ((فبكوا وصاموا وصلوا امام الرب)) . اطلاق المعنى من دون بيان نوع هذا الصيام وكم يوم هو وماهو شكله . والتفاسير اكثر غموضا.
ولكن يتضح من خلال النص الآتي أن هذه الأصوام كلها اختيارية وليست تشريعا كما في إنجيل متى 9: 14 ((أَتَى إِلَيْهِ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا قَائِلِينَ: «لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ كَثِيرًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ)) اعرضت عن وضع التفسير لهذا النص لأن التفاسير شرّقت وغربت وأضاعت الحقيقة. ولكن ظاهر المعنى يقول بانهم لا صيام عليهم ما دام يسوع فيهم فإذا مات كُتب عليهم الصيام !
وأما في الديانات الأخرى .
ففي الطاوية عقيدة من المبادئ المشتقة من الديانة الصينية القديمة والصيام في الطاوية طقس ديني خصوصا في احتفال تشاو الذي يتطلب الامتناع عن السمك واللحم والحليب والبيض وذلك خلال فترات الصلاة والتأمل ويمارس هذا الصيام في جميع الأوقات.
السيخ من ديانات الهند الكبرى : لا يحبون الشعائر العمياء لا يصومون ويطلقون على الصيام والحج شعائر عمياء.
الهندوسية اكبر الديانات الهندية يصومون صيام بدايات الفصول: يصومون تسعة ايام من بداية كل فصل من فصول السنه ويصومون من غروب الشمس حتى طلوعها في اليوم التالي وصومون نصف كل شهر قمري وفيه يتناولون الفاكهة والاطعمة النباتية ويمتنعون عن تناول اللحوم ولا يفطرون الا بعد ان يأتي الهلال الجديد.
وأما المندائيون الصابئة فهم :يصومون ثلاثين يوما يشكل الصيام في الصائبة المندائيون ركنا اساسيا ولديهم صومان كبير وصغير وفيهما يمتنعون عن نحر الحيوانات وتناول اللحوم والكحوليات.
البوذية الكبرى فهم يصومون : فرضت البوذية الصيام من شروق الشمس الى غروبها في اربعة ايام من ايام الشهر القمري يسمونها ايام اليوبوذانا وحرمت فيه مزاولة أي عمل حتى اعداد طعام الافطار ولذلك يعمل الصائمون على اعداد طعامهم قبل شروق الشمس.
وأما في الإسلام فهو أكثر وضوحا حيث بين النص نوع الصيام ومدته ومن هم الذين يصومون وماذا يفعلون في الاحوال الطارئة مثل السفر والمرض وكبر السن وغيرها فقد بيّن أولا أن الصيام كتب عليهم مثل بقية الامم السابقة فقال في القرآن المقدس في سورة البقرة آية 183 : ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ))
ثم بين عدد أيام الصيام بوضوح فقال في البقرة (آية:185 ((شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا او على سفر فعده من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) .
الصيام بصورة عامة هو كبح جماح الشهوة لكي لاتُردينا اكثر في مهاوي العذاب والعقاب الأخروي بالعذاب الابدي في النار . والدنيوي بعذاب امراض الجسد وكثافة الروح عن التحليق في آفاق الرب . كما فعلت هذه الشهوة باخراج ابونا وأمنا من الجنة .
تحياتي أختي الطيبة واتمنى أن اكون قد وفيت .
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــ
1- انظر سنوات مع إيميلات الناس! أسئلة روحية وعامة الصوم في العهد القديم والعهد الجديد
2- انظر ، شرح الكتاب المقدس العهد القديم صموئيل الأول 13 القس أنطونيوس فكري يقول : وصاموا سبعة أيام= علامة الحزن والنوح الشديد .
3- يقول القس أنطونيوس فكري في تفسيره لشرح انجيل متى 4 في شرح هذه الآية : الروح يقتاد المسيح وفق خطة إلهية ليهزم إبليس ويربطه، وتحسب إمكانياته إمكانيات البشرية بعد ذلك فجسد المسيح كان جسدًا كاملًا حقيقيًا يجوع ويعطش ويتألم. إذن يسوع ليس الله وليس ابن الله انه بشر حسب تفسير هذا القس.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
إيزابيل بنيامين ماما اشوري


طلبت مني أحد الأخوات المسيحيات المتزوجة من رجل مسلم أن أضع لها بحثا حول الصيام في المسيحية ومع كثرة المشاغل وندرة الوقت فأنا استجيب لها واضع هذا البحث المتواضع الذي لربما لم يستوف شروطه.
الصوم بصورة عامة هو فترة انقطاع عن الشهوات الجسدية (الطعام) والشهوات الروحية (الاعمال السيئة).
ووفي المسيحية ينقسم الصيام إلى عدة اقسام : الصوم الكبير (قبل عيد القيامة) والصوم الصغير قبل (عيد الميلاد). وعندنا في الموصل صوم اسمه (صوم باعوثة) وصوم العذارى وهذين الصيامين في العراق فقط .وهو من المستحبات التي لا أصل لها في الكتاب المقدس.
الصوم الكبير مدتة 55 يوم وهم يتكونوا من(7 ايام كأسبوع للاستعداد + 40 يوم مثال صوم السيد المسيح في البرية قبيل بدء خدمته + 7 ايام اسبوع الالام المقدس + يوم سبت النور وهو برامون عيد القيامة المجيدة) وهذا الصوم يعتبر من الدرجة الأولى في الاصوام المسيحية الأرثوذكسية واقدس ايام واصوام السنة. ولا بد في الصوم من الانقطاع عن الطعام لفترة من الوقت ، وفترة الانقطاع هذه تختلف من شخص إلى آخر بحسب درجته الروحية واختلاف الصائمون في سنهم واختلافهم أيضاً في نوعية عملهم ولمن لا يستطيع الانقطاع حتى الساعة الثالثة من النهار فأن فترة الانقطاع تكون بحسب إرشاد الأب الكاهن.وأيضاً فأن الأب الكاهن هو الذي يحدد الحالات التي تصرح فيها الكنيسة للشخص بعدم الصوم ومن أهمها حالات المرض والضعف الشديد.
حدد الرب انواع الطعام التي يجب الامتناع عنها في الصوم استنادا إلى الكتاب المقدس وهي ما ورد في حزقيا 4 : 9 (( أمر الرب حزقيال النبي بالصوم ثم الافطار على القمح (البليلة)والشعير والفول والعدس والدخن والذرة الرفيعة والكرسنة الكمون)) وكذلك الامتناع عن انواع اخرها كما في صيام دانيال : سفر دانيال 1 : 12 (( الصيام عن أكل اللحوم وشرب الخمر كما صام وافطر آخر النهار على البقوليات )) دانيال 1 : 8 ـ16 وكذلك صام النبي داود عن الزيت كما في المزمور 109 : 24 (( ركبتاي ارتعشتا من الصوم ولحمي هزل عن سمن )) فقد كان الصوم في الامم السابقة قاسيا جدا ومهلكا.
يعترف المفسرون ((أن الإنجيل سُلّم للرسل غير مكتوب (فما لفم)، ولم تدون كل تعاليم يسوع كما يذكر يوحنا في (إنجيل يوحنا 30:20؛ 31،25:21 ) كما أن الإنجيل قد تم تدوينه بعد فترة من صعود السيد المسيح، ويقولون في تبرير الزيادات ونحن نضع تعاليم آبائنا الرسل "كإنجيل شفاهي" يكمل ما حفظ لنا في الإنجيل الكتابي. ونحترم ونطيع ونسمع ونقبل تلك التعاليم كاحترامنا وطاعتنا وقبولنا وسمعنا للرب نفسه ويذكر الإنجيل أن المؤمنون قد تسلموا تعاليم الكنيسة من الرسل وخلفائهم. ومن ثم نتسلم قوانين الآباء البطاركة القديسين الذين رتبوا الأصوام الباقية للآن، ونقول كما قال القديس أغسطينوس أن عادتنا لها قوة القانون لأننا تسلمناها من أناس قديسين)). (1)
فهذا النص للمفسر يعترف فيه بأن الانجيل نُقل شفاها ثم دوّن بعد فترة من رحيل المسيح ، وان بقية ما يتعبدون به هو من وضع الآباء المقدسين ليس له اصل في الكتاب المقدس.
وردت شريعة الصيام في الكتاب المقدس بأشكال مختلفة ففي اليهودية اختلط الحابل بالنابل وضاعت شعيرة الصيام بين اطنان من التشريعات الفردية والجماعية فمثلا في هذا النص من سفر زكريا 8: 19 ((هكَذَا قَالَ الرَبُّ : إِنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ الرَّابِعِ وَصَوْمَ الْخَامِسِ وَصَوْمَ السَّابعِ وَصَوْمَ الْعَاشِرِ يَكُونُ لِبَيْتِ يَهُوذَا ابْتِهَاجًا وَفَرَحًا وَأَعْيَادًا طَيِّبَةً)) فهل هذه الأربعة أشهر من السنة كلها صيام وتستمر كتشريع رباني مُلزم على اليهود ، ولكننا لا نراهم يصومونها في هذا لأيام .
وكذلك لم يُبين الكتاب اسباب بعض أنواع الصيام بل انه ذكر بأنهم صاموا يوما واحدا إلى المساء كما في سفر القضاة 20: 26 ((وَصَامُوا ذلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الْمَسَاءِ، )) ، وأنهم صاموا سبعة أيام كما في سفر صموئيل الأول 31: 13 ((وَصَامُوا سَبْعَةَ أَيَّامٍ)) .(2)
ولكن الغريب أن الإنجيل يقول بأن يسوع صام أربعين يوما ليُجرب من ابليس . فهل هذا الصيام خاص ليسوع أم انه لأمته من بعده ؟كما في إنجيل متى 4: 2 ((ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. 2 فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا)).(3) ولم يُبين لنا الكتاب المقدس ما نوع هذا الصيام هل هو انقطاع شامل كامل عن الطعام والشراب أم شيئ آخر وهل ان هذا الصيام مستمر بلا انقطاع ليل ونهار لا يأكل ولا يشرب. هذا مستحيل أن يتحمل الجسد كل هذه المدة وإلا سوف يذبل من الجوع ويتيبس من العطش. وقد أخبرنا الانجيل بأن ثلاث أيام صيام متواصلة كفيلة بأن تجعل الانسان يخر إلى الأرض من الضعف كما في إنجيل متى 15: 32 ((وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ: إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ)) فكيف صمت أربعين يوما يا يسوع إذا كانت ثلاث أيام كفيلة بأن تجعل الانسان يخر في الطريق من الضعف؟
وهناك آيات كثيرة حول الصيام ولكن كلها لم تبين لنا حقيقة هذا الصوم مثل قوله في سفر أعمال الرسل 13: 2 ((وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ)) او مثل قوله في 5سفر باروخ 1: ((فبكوا وصاموا وصلوا امام الرب)) . اطلاق المعنى من دون بيان نوع هذا الصيام وكم يوم هو وماهو شكله . والتفاسير اكثر غموضا.
ولكن يتضح من خلال النص الآتي أن هذه الأصوام كلها اختيارية وليست تشريعا كما في إنجيل متى 9: 14 ((أَتَى إِلَيْهِ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا قَائِلِينَ: «لِمَاذَا نَصُومُ نَحْنُ كَثِيرًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَنُوحُوا مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ)) اعرضت عن وضع التفسير لهذا النص لأن التفاسير شرّقت وغربت وأضاعت الحقيقة. ولكن ظاهر المعنى يقول بانهم لا صيام عليهم ما دام يسوع فيهم فإذا مات كُتب عليهم الصيام !
وأما في الديانات الأخرى .
ففي الطاوية عقيدة من المبادئ المشتقة من الديانة الصينية القديمة والصيام في الطاوية طقس ديني خصوصا في احتفال تشاو الذي يتطلب الامتناع عن السمك واللحم والحليب والبيض وذلك خلال فترات الصلاة والتأمل ويمارس هذا الصيام في جميع الأوقات.
السيخ من ديانات الهند الكبرى : لا يحبون الشعائر العمياء لا يصومون ويطلقون على الصيام والحج شعائر عمياء.
الهندوسية اكبر الديانات الهندية يصومون صيام بدايات الفصول: يصومون تسعة ايام من بداية كل فصل من فصول السنه ويصومون من غروب الشمس حتى طلوعها في اليوم التالي وصومون نصف كل شهر قمري وفيه يتناولون الفاكهة والاطعمة النباتية ويمتنعون عن تناول اللحوم ولا يفطرون الا بعد ان يأتي الهلال الجديد.
وأما المندائيون الصابئة فهم :يصومون ثلاثين يوما يشكل الصيام في الصائبة المندائيون ركنا اساسيا ولديهم صومان كبير وصغير وفيهما يمتنعون عن نحر الحيوانات وتناول اللحوم والكحوليات.
البوذية الكبرى فهم يصومون : فرضت البوذية الصيام من شروق الشمس الى غروبها في اربعة ايام من ايام الشهر القمري يسمونها ايام اليوبوذانا وحرمت فيه مزاولة أي عمل حتى اعداد طعام الافطار ولذلك يعمل الصائمون على اعداد طعامهم قبل شروق الشمس.
وأما في الإسلام فهو أكثر وضوحا حيث بين النص نوع الصيام ومدته ومن هم الذين يصومون وماذا يفعلون في الاحوال الطارئة مثل السفر والمرض وكبر السن وغيرها فقد بيّن أولا أن الصيام كتب عليهم مثل بقية الامم السابقة فقال في القرآن المقدس في سورة البقرة آية 183 : ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ))
ثم بين عدد أيام الصيام بوضوح فقال في البقرة (آية:185 ((شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا او على سفر فعده من ايام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) .
الصيام بصورة عامة هو كبح جماح الشهوة لكي لاتُردينا اكثر في مهاوي العذاب والعقاب الأخروي بالعذاب الابدي في النار . والدنيوي بعذاب امراض الجسد وكثافة الروح عن التحليق في آفاق الرب . كما فعلت هذه الشهوة باخراج ابونا وأمنا من الجنة .
تحياتي أختي الطيبة واتمنى أن اكون قد وفيت .
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــ
1- انظر سنوات مع إيميلات الناس! أسئلة روحية وعامة الصوم في العهد القديم والعهد الجديد
2- انظر ، شرح الكتاب المقدس العهد القديم صموئيل الأول 13 القس أنطونيوس فكري يقول : وصاموا سبعة أيام= علامة الحزن والنوح الشديد .
3- يقول القس أنطونيوس فكري في تفسيره لشرح انجيل متى 4 في شرح هذه الآية : الروح يقتاد المسيح وفق خطة إلهية ليهزم إبليس ويربطه، وتحسب إمكانياته إمكانيات البشرية بعد ذلك فجسد المسيح كان جسدًا كاملًا حقيقيًا يجوع ويعطش ويتألم. إذن يسوع ليس الله وليس ابن الله انه بشر حسب تفسير هذا القس.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat