الكبش المذبوح، من هو؟
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

قبل ثلاث أيام ذهبت إلى ملتقى ديني يأتي فيه رجل دين مسيحي عربي من مصر أو لبنان، وهذه المرة أتى من العراق من القوش. بعد أن القى عضته تلقى الأسئلة وكان من بينها أن أحدهم سأله عن ذبيحة إسماعيل ــ طبعا هم يرونه اسحاق ــ هل تعني شخص. فأجاب القس قائلا: لذلك أطلقوا على يسوع المسيح (الفادي) لأنهُ هو الكبش الذي ذُبح عنّا لغفران خطايانا. فقلت له : لا ليس كذلك ، لأن يسوع لم يُذبح ولم يُصلب بشهادة الإنجيل نفسه. وإنما الأناجيل المتأخرة هي التي ادخلت الصليب. اما الأناجيل المتقدمة فلم تذكر الصلب بل ذكرت بأنهُ ارتفع عن الأرض وأخذته سحابة وهم ينظرون.
فقال : وبماذا تثبتين ذلك ما هو دليلك؟
قلت : الكتب المقدسة في وصفها للشخصيات ذات النفوذ والشأن تُشير لهم عبر تشبيههم ببعض المخلوقات ،شخصيات دينية او شخصيات وثنية او عاصية. فقد أشارت هذه الكتب إلى بعض الضحايا بأنهم كبش او خروف مذبوح أو حمّل او نسر مثل وصفها للملوك بأنهم كباش وهذا نراه عند العرب والمسلمين أيضا حيث تتم الاستعارة فيُقال عن البطل العظيم بأنه (كبش الكتيبة) أو كبش الفداء. كبش القوم : كبيرهم وسيدهم. ويُقال في المثل : (أمرٌ لا يتناطح فيه كبشان). أي أمرٌ متفق عليه لا يتناقش فيه عالمان.
وتستخدم الكتب المقدسة كذلك رموز الحيوانات للاشارة إلى شخصيات اي حدث. والامثلة على ذلك كثيرة ومنها مثلا ما ورد في سفر دانيال (ظهر لي أنا دانيال رؤيا ، فرأيت في الرؤيا كبش واقف عند النهر وله قرنان ، رأيت الكبش ينطح غربا وشمالا وجنوبا ولا منقذ من يده، أما الكبش فهو ملوك مادي وفارس).(1) وكذلك رمزت التوراة إلى اليونان برمز التيس (المعز). (رأيت أنا دانيال الرؤيا إذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض.فتعظم تيس المعز جدا..التيس ملك اليونان).(2) وكذلك وصف القرآن لأمم كاملة بانهم قردة وخنازير.
من ذلك لا نستغرب إذا رأينا علماء المسيحية يفهمون أن كبش إبراهيم إنما هو رمز لشخصية عظيمة جدا ستكون بمثابة تضحية عن القيم والمبادئ ومن اجل الإنسانية ،فيزعم كل علماء المسيحية أن (كبش إبراهيم) إنما هو اشارة إلى يسوع المسيح الذي أحيا بتضحيته البشرية.
فقال: هل هناك مصدر لكلامك؟
قلت نعم : يقول الأنبا رفائيل : (قصة ذبح إسحاق هي إشارة واضحة جدا لصليب المسيح،وقد تغنّت الكنيسة بها على مر الأجيال،خصوصا في الصلاة.الكبش الذي قُدّم بدلا عن إسحاق يرمز إلى المسيح الذي مات نيابة عن كل البشر). (3)
هذا الكلام متفق عليه بين علماء المسيحية لربما أنت لم تطلع عليه ، ولكن هناك عقبة كأداء يجب تجاوزها وهي المشكلة الكبرى التي تهدم مزاعم المسيحية. وهي أن يسوع المسيح لم يُذبح حسب العقيدة المسيحية نفسها ، فهو مات على الصليب لا بل أن هناك نص في الإنجيل يقول بأنه لم يُصلب بل ارتفع إلى السماء. (ارتفع ـ يسوع ـ وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم. وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق، إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض، وقالا: أيها الرجال، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء).(4) ومع كل هذه المغالطات لا تزال المسيحية تصر على أن الكبش او الخروف هو يسوع المسيح. فتخالف بذلك إنجيلها.
المسيحية ترددت في بعض تفاسيرها حول ذبيحة المسيح المزعومة باستخدام كلمة (كأنهُ). وهي تفيد لعدم التأكد كما يقول تفسير العهد الجديد : (خروف قائم كأنه مذبوح، الكلام هنا عن السيد المسيح وفدائه لنا كذبيحة حيّة ومستمرة والخلاصة فعن الخروف المذبوح هو المسيح الفادي).(5) سبب هذا التردد هو أن يسوع المسيح صُلب أو ارتفع ولم يُذبح.
فقالت بنت تعرفني ، يا ابة هذه إيزابيل التي كتبت موضوع قتيل الفرات.
ابتسم ولم يجب.
المصادر:
1- سفر دانيال 8 : 1 ــ 20.
2- سفر دانيال 8: 8.
3- كتاب المسيح في سفر التكوين، الأنباء رفائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، قصة ذبح إسحاق 21.
4- سفر أعمال الرسل 1: 9 .
5- شرح الكتاب المقدس ، الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد تفسير سفر الرؤيا .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat