خواطر من محرم الحرام . شباب مريم لا يعرفون مريم.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

موكب شباب عيسى بن مريم فيه من المسيحيين اكثر من المسلمين نسبة إلى قياس عدد السكان. وعندما كنت أزور خالي في البصرة في الكنيسة، كنت أرى نشاطهم وحركتهم. فسألت يوما بعض من أسس هذا الموكب. لماذا اخترتم هذا الاسم لتسمية هذا الموكب. فقالوا : لأن مريم تجمعنا فهي مذكورة في الانجيل والقرآن.
قلت جواب جيد. ولكن ماذا تعرفون عن مريم ؟ قالوا : أنها أم ربنا يسوع المسيح. فقلت لهم هذه ديانة بولص وليس ديانة المسيح ولا ما آمنت به القديسة مريم. فمن أين جئتم بذلك. قالوا : من الإنجيل. قلت لهم ولكن أين هو الإنجيل كل ما موجود هي قصص كتبها التلاميذ ثم اعتمدتها الكنيسة على أنها أناجيل بعد يأسها من العثور على إنجيل المسيح.
فقال قسيس صغير من بينهم : وما هو الدليل على أن هذه قصص وليست أناجيل؟
قلت هو ما كتبه التلاميذ فقد كانوا اكثر أمانة من غيرهم فقالوا عن هذه الكتب أنها قصص . وهذا لوقا الطبيب الحواري او التلميذ يذكر ذلك بكل وضوح فيقول في مقدمة إنجيله بأنه كتب قصة لصديقه ثاوفيلوس فيقول : (لما رأيت كثيرين قد قاموا بكتابة قصة ، رأيت أنا ايضا أن اكتب لك أيها العزيز ثاوفيلوس قصة عما ذكروه لنا). لوقا هنا يعترف بأنه لم يكن في زمن المسيح ولا من تلاميذه، وإنما كتب قصص سمعها من غيره.
اخرج القس إنجيله وقرأ النص في مقدمة إنجيل لوقا : 1 . فسكتوا جميعا فقد ثبت لهم من إنجيلهم بأنها قصص وليست اناجيل مقدسة.
قلت لهم أن بولص هو من وصف المسيح بأنه رب وأن مريم أم الرب وأن هذه الأناجيل كلها لم تذكر لنا أين ذهبت مريم بعد أن ذهب ابنها يسوع.
فقال القس : ذهبت إلى بيت زوجها يوسف النجار وعاشت بين أبنائها؟!
قلت له : ايها القس هل تستطيع ان تعطيني دليل من هذا الكتاب الذي تحمله بأن مريم ذهبت لتعيش مع زوجها يوسف النجار بعد رحيل ابنها؟؟
سكت.
قلت له : أن نساء الأنبياء لا يتزوجهن أحد بعد رحيل أزواجهن. والإنجيل الحقيقي مفقود . وهذه الأناجيل لا نعتمد عليها لأن مريم في الحقيقة انجبت بمعجزة من غير زواج فلا زوج لها.
فقال القس : يعني بقيت بلا زواج حتى رحيلها. فما هو السبب بعدم زواجها ؟
قلت له : لا تجد جواب في المسيحية كلها إلا عند المقوقس و عند المسلمين الذين قدموا جوابا منطقيا رفعوا فيه مريم إلى درجة تليق بها ووضعوها بين أربع نساء هن صفوة نساء العالمين فقالوا في رواية نقلها ابن حبان في صحيحه، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ).(1)
فأما خديجة فهي زوجة النبي محمد في الدنيا والآخرة.
وأما آسية بنت مزاحم (آسينات) فلا يُلحقها ربها بفرعون ولذلك عوضها عن ذلك بأن تكون زوجة النبي محمد في الجنة.
وأما مريم العذراء فهي ايضا من زوجات النبي في الجنة والمسيحيين يعلمون ذلك ومن هنا نرى المقوقس ملك الاحباش الاقباط المسيحيين يهدي إلى النبي محمد بنت اسمها (مريم) وبلغة الاحباش (ماريا) المسيحية القبطية، طمعا في أن تكون هي المعنية بالزواج من هذا النبي وقيل أنه اعتنق الاسلام . والمسلمون كذلك عندهم رواية واضحة تؤيد ذلك وهي صحيحة تقول : (أن الله بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب بعيد من اللهب لا نصب فيه ولا صخب وهو لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم وهما من أزواجي يوم القيامة).(2)
انتبهت لما حولي فوجدت أن حشد من شباب المسيحية كان يستمع لي والقس ساكت وسطهم ونظرات شباب الشيعة تحيط بي من كل جانب وهم يرتدون السواد وعلى جباههم عصائب سود وخضراء وحمراء . فالتفت لي شيخ معمم شيعي شاب وقال : وهل تستطيعين ان تعطينا دليل من القرآن على صحة زواج النبي من مريم العذراء؟ قلت له نعم . يقول الرب في القرآن المقدس مخاطبا نساء النبي : (عسى ربهُ إن طلقكن أن يُبدلهُ أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا).(3) وفي تفسير هذه الآية روي عن بريدة في تفسير هذه الآية قوله وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه ، فالثيب : آسية امرأة فرعون ، وبالأبكار : مريم بنت عمران ).(4) وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في الموت فقال
يا خديجة ! إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السلام . فقالت : يا رسول الله ، وهل تزوجت قبلي ؟ قال : لا ، ولكن الله زوجني مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وكلثم أخت موسى ).(5)
فهجم علي شاب مسيحي كان يرتدي السواد أيضا وعصابته حمراء وقال لي : من أنت هل أنت قديسة؟ فسحبني خالي من يدي وخرجنا من وسط الحشد.
المصادر:
1- رواه أيضا احمد في مسنده ، والسنن الكبرى ، والحاكم والذهبي وقال عن الحديث شعيب الأرناؤوط : (إسناده صحيح، ورجاله ثقات، رجال الصحيحين.
2- الرواية نقلها أهل السنة في تاريخ دمشق ج7 ص : 118. وكذلك في البداية والنهاية ج2 ص : 62. وقد رواه الفريقين بأشكال مختلفة.
3- سورة التحريم آية : 5.
4- رواه الطبراني في المعجم الكبير نقلا عن تفسير ابن كثير ج8 ص : 166. وفي رواية عن ابن عمر بن ا لخطاب عن أبي هريرة أنه قال : (دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم بمارية القبطية سريته فذكر حديثا طويلا ، جاء في آخره - :فوعده من الثيبات آسية بنت مزاحم امرأة فرعون وأخت نوح ، ومن الأبكار مريم بنت عمران ، وأخت موسى عليهم السلام ) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط ج 3 ص : 13.
5- رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118) .
وهناك روايات أخرى كثيرة اتفق فيها الشيعة والسنة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat