حادثة الأفك بين روايتين
د . حميد حسون بجية
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يقصد بكلمة(افك)كل ما هو مصروف عن وجهه الذي يحق له أن يكون عليه، ثم أطلقت على كل كلام منحرف عن الحق ومجانب للصواب، ولذا يُعبر عن الكذب على أنه افك. ويرى البعض أنه لا يطلق على كل كذبة بل على الكذبة الكبيرة التي تبدل الموضوع عن حالته الأصلية(الشيرازي، الأمثل في كتاب الله المنزل، ج9: 2006: 33).
ورد في سورة النور المباركة، الآيات 11-26 ما يسمى بحديث الافك. وهو عبارة عن قضية قَذف بإحدى أمهات المؤمنين من زوجات الرسول الكريم(ص). ويقول أهل السنة أن السيدة عائشة هي المقصودة بذلك. بينما يقول الشيعة أنها مارية القبطية التي أهداها المقوقس ملك مصر إلى النبي(ص)، وهي أم إبراهيم(رحمه الله).
رواية أهل السنة: ولنبدأ بما لدى أهل السنة من رواية. فيروى عن السيدة عائشة أنها كانت في إحدى الغزوات مع النبي(ص). وقد فقدت عقدها، فرجعت تبحث عنه. وعندما وجدت العقد، كان الجيش قد ابتعد عنها، وبينما هي جالسة بانتظار أن يرجعوا إليها، نامت. ووجدها على تلك الحال صفوان بن المعطل السلمي فحملها على راحلته حتى لحقا بالجيش. وبدأ بعض المنافقين مثل عبد الله بن أبي سلول ومسطح بن أثاثة و حسان بن ثابت وغيرهم يخوضون في التحدث عن تلك الحادثة. وظهر لها أن الرسول(ص) كان قد غير طباعه معها, فكان يسلم عليها ويخرج دون ذلك اللطف الذي كان يغدق به اتجاهها. وقد اشتكت لوالديها من ذلك. وبعدها استدعى الرسول(ص) عليا بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فأشار أسامة إلى براءة عائشة، بينما قال علي: يا رسول الله لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثيرة، وان تسأل الجارية تصدقك. فسأل الرسول(ص) إحدى نسائها، فأكدت له براءتها. وكانت هناك أزمة بين الأوس والخزرج اثر نقاشهم للأمر. وقد نزل قرآن برأها الله به من ذلك، وهي إشارة إلى الآيات المذكورة من سورة النور.
رواية أهل البيت: عن الإمام الباقر(ع)، قال: لما توفي إبراهيم بن الرسول، حزن عليه رسول الله حزنا شديدا. فلما رأت ذلك عائشة، قالت: ما يحزنك عليه؟ ما هو إلا ابن جريح. فأمر الرسول عليا بقتل جريح هذا. فلما ذهب علي(ع)، وجد جريحا في بستان له. طرق علي باب البستان، واقبل جريح، لكنه لما رأى الغضب في وجه علي، ولى هاربا ولم يفتح الباب. فوثب علي من الحائط وتبعه. فلما يئس الرجل من النجاة، صعد في نخلة. وتبعه علي(ع). فما كاد أن يصل إليه حتى رمى الرجل بنفسه، فبدت عورته، وإذا هو ليس له ما للرجال ولا ما للنساء. فذهب الإمام(ع) إلى النبي وأخبره بالأمر. فقال الرسول(ص): الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت.
نسوق الروايتين لهذه الحادثة دون تعليق. ولمن أراد التحري عن أسباب النزول، أو التعليق على الروايتين، فسيجد ضالته في تفاسير المسلمين من الطرفين. فقد أفاضت تلك التفاسير بالتفاصيل. كما أن سياق الآيات سيساعده في تحديد ذلك. للمراجعة: تفسير ابن كثير وتفسير الجلالين عن الطرف الأول، وتفسير الميزان والأمثل عن الطرف الثاني.
أ د حميد حسون بجية
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . حميد حسون بجية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat