صفحة الكاتب : يوسف السعدي

العراق وديمقراطيته تحديات ومرتكزات
يوسف السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تواجه التجربة الديمقراطية العراقية تحديات عميقة، لا تتنحصر بمجرد عقبات سياسية، بل تمتد لتلامس جوهر بناء الدولة والمجتمع..
في رؤيته الأخيرة، خلال كلمته في ذكرى المولد النبوي الشريف، وكعادته اتّسمت بالوضوح والجرأة، وضع السيد عمار الحكيم التجربة الديمقراطية تحت المجهر، مبيّناً أنها وإن كانت فتية، إلا أنها تُختبر يومياً أمام تحديات معقّدة تمسّ بنيتها ومصداقيتها، وثبت أنها ليست ترفاً سياسياً، أو مجرد صندوق اقتراع، بل هي رغيف خبز كريم على مائدة الأسرة، وفرصة عمل تحفظ كرامة الشباب، ومقعد دراسي آمن لأطفال العراق.
الحكيم رسم ملامح دقيقة لواقع التجربة، محدداً خمسة اختبارات كبرى:
1. التعددية والوحدة الوطنية: من خلال التوفيق بين التنوع السياسي والاجتماعي، وبين متطلبات الوحدة الوطنية يظل معادلة صعبة، فالتعددية، وإن كانت سمة إيجابية، يمكن أن تتحول إلى مصدر للشقاق إذا لم تُدار بحكمة، فالحاجة اليوم ليست لإلغاء هذه التعددية، بل لتحويلها إلى قوة دافعة نحو التكامل والتفاهم المشترك، بما يضمن أن تتجه كل المكونات نحو هدف واحد، ببناء عراق قوي ومستقر.
2. التشريع والتمثيل: غياب صياغات قانونية عادلة، يعرقل التعبير الحقيقي عن تعددية المجتمع، ففي مجتمع متنوع كالعراق، قد لا تكون القوانين التي تصدر عادلة للجميع، أو قد لا يشعر البعض بتمثيل حقيقي لهم في مراكز القرار، وهذا يطرح تساؤلاً جوهرياً حول فعالية النظام السياسي الحالي، في استيعاب التنوع وتحقيق العدالة في توزيع الحقوق والواجبات.
3. الفساد والمحاصصة: محاولات إفراغ الديمقراطية من مضمونها، عبر تقاسم المنافع، حولتها لشكل بلا محتوى، فالفساد ينهب موارد الدولة ويضعف مؤسساتها، والمحاصصة تحول المناصب إلى غنائم، وتلغي مبدأ الكفاءة.
4. ضعف المؤسسات: الأداء الإداري المتواضع، وغياب الشفافية في الرقابة والمتابعة، يعمّق أزمة الثقة.
5. التدخلات الخارجية: التأثير الدولي والإقليمي، يضعف استقلالية القرار الوطني، ويزيد تعقيد المشهد السياسي.
هذه العوامل مجتمعة تجعل الديمقراطية مجرد واجهة، بينما السلطة الحقيقية تظل في يد فئة قليلة.
ولكي تستمر الديمقراطية وتترسخ، يطرح الحكيم،ضرورة تثبيت ثلاث دعائم أساسية:
1. الشرعية السياسية: لا تتحقق إلا عبر انتخابات نزيهة، تعكس إرادة الشعب بلا تلاعب.
2. المواطنة الفاعلة: مشاركة كل فرد في القرار، وترسيخ الولاء للوطن فوق أي ولاء آخر.
3. المؤسسات الرصينة: جهاز إداري وقانوني يعمل بكفاءة وشفافية، يضمن الفصل بين السلطات وعدالة توزيع الفرص والخدمات.
إن هذه الرؤية المتكاملة، التي تنتقل من تشخيص الأزمة إلى تقديم الحلول، تضع التجربة الديمقراطية في العراق أمام مرآة الواقع، وتدعو جميع الأطراف إلى العمل الجاد لتجسيد المبادئ الديمقراطية في حياة المواطن..
القيمة الحقيقية لأي نظام سياسي، تكمن في قدرته على تحقيق الأمن والكرامة والازدهار لأبناء شعبه، وهدف لا بديل عنه.. وبعكسه فهناك حاجة حقيقية لإيجاد عقد إجتماعي جديد، يحقق تلك الطموحات..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يوسف السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/19



كتابة تعليق لموضوع : العراق وديمقراطيته تحديات ومرتكزات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net