المواطنة بين التحزب وسلطة الدين
احمد الخالدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد الخالدي

هناك مجتمعات يحكمها الدين، أي أن الدستور وقوانين الحكم التي تسيّر الناس وتنظم شؤونهم، هي في الأساس نابعة من الدين وتعاليمه وأحكامه التي أخذت أشكالاً ومضامين متعددة منذ بدء الخليقة، وليس كل دين بالضرورة هو سماوي، فالأديان عند بعض الشعوب ربما نشأت لسدِّ حاجات معينة، إما لدرء خطر، أو لطلب الأمطار والنماء والخصوبة، لذا تعددت الآلهة إلى إله الحرب، وإله الحب، وإله الفيضان...
نشأت تدريجياً عند الإنسان ونمت غريزة ومخاوف الإنفلات من المنظومة الدينية، فبات محكوماً ومقيّداً بسلسلة من التعاليم، تبقيه في مساره الإصلاحي في مجتمعه، إما عن طريق المصلحين، وإما بوقوعه في حيرة وضلال بعد عن ذلك المسار، ليكتشف بعدها – بالمعايشة - أهمية الدين في حياة الفرد والمجتمعات، لقوة ومتانة تلك المنظومة السماوية، وتأصلها في المجتمعات البشرية.
ولكن ظهرت تيارات أُخَر مرادفة لسلطة الدين، ألا وهي الأحزاب السياسية، الغاية والهدف الذي تشكلت من أجله الأحزاب هي لرفاهية الفرد، وتحقيق أمنياته وأحلامه الرغيدة في العيش السوي بكرامة ودعة، في مجتمع تسوده القوانين، وتُطبق فيه الأنظمة على الجميع، ولا يأكل القوي منهم الضعيف... وهناك من يرى أنه لا مسوّغ لزجّ المنظومة الدينية وخلطها بالتيارات السياسية، وهذا الاختلاط – حسب مفهومهم - يؤدي إلى الإرباك في المفاهيم الفكرية، بمعنى أن السلطات المتعددة على هذا المواطن المسكين قد تجعله مقيداً بلا حراك، ولا يعرف لحرية التوجه والتعبير معنى.
لكن ما نفهمه نحن، أنه من خلال الدين يتم تشذيب الفرد وتهذيبه، وتعليمه الحرام والحلال؛ ليكون إنساناً صالحاً لنفسه ومجتمعه، أي خلق نواة وبذرة صالحة لها قابلية النماء والتعايش في المجتمع. وأيضاً ينبغي من خلال الحزب السياسي تعريف المواطن بسياسة الحزب ومنهاجه الإصلاحي نحو القضاء على المفاسد... ولعل الطامة الكبرى في مجتمعاتنا المعاصرة هي مسألة الولاءات المتعددة للحزب والعشيرة، والانتماءات الأُخَر المستجدة مع تيارات العولمة والغزو الثقافي: كالتعصب الرياضي والفني... ووضع الوطن في رفوف متأخرة من الاهتمام إن وجد!! ولعل هذه القضية بحاجة الى تثقيف لسنين طويلة قبل ان تؤتي أكلها، وإلا فهناك توجهات كثيرة ونصائح لا حصر لها، خاصة في خطب الجمعة المباركة، والتي حثت على ضرورة جعل الخدمة خالصة للبلد، وتقديم مصلحته على كلّ المصالح الأُخَر؛ لكي نرى بصيصاً من أمل لغد أفضل لأبنائنا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat