كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

الموالي الجزائري أحمد شعيب: المثقفون أقرب إلى الانفتاح والى الفكر المتحرر من عبودية الأشخاص والأسماء

  ليس ثمة مانع في هذا الزمان الذي باتت فيه وسائل الاتصال وتكنلوجيا المعلومات بين يدي كل إنسان من التحري والبحث عن الحقيقة، ومسلسل التضليل والخداع الذي كتبت الأقلام المأجورة من بطانة السلاطين سيناريوهاته، باتت حلقاته الأخيرة على وشك الانتهاء، فلم تعد تلك الأكاذيب التي يفتريها الناصبون العداء لأهل البيت (ع) تنطلي على أحد, وبقليل من الجهد وأعمال العقل وتحريره من تبعات التقليد الأعمى، أصبح بمقدور المسلمين جميعاً التعرف على المذهب الحق والمنبع الصافي لتعاليم الإسلام الحقة والتي مصدرها الرسول الأكرم (ص).
 الموالي أحمد شعيب من الجزائر طالب في معهد ترميم الأسنان في العاصمة الجزائرية، كان ممن أشرقت عليه شمس الحق، فاستجاب لنداء فطرته النقية، وركب راحلة البحث ليثبت لنفسه أنه لايرتضي أن يكون من المقلدين...
 التقته صدى الروضتين على هامش مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الثامن، حيث حلّ ضيفاً على المهرجان، فكان هذا اللقاء:
صدى الروضتين: على أيِّ مذهب كنت قبل تحولك لأتباع مذهب أهل البيت (ع)؟
كنت على المذهب المالكي، وهو قريب جداً في عقائده من مدرسة أهل البيت (ع) فنحن نحبهم ونذكرهم، ولكن مع ذلك فأن المذهب المالكي يفضل الصحابة على أهل بيت النبي (ص)؛ لأنه يذكرهم أكثر ويروي عنهم الأحاديث في حين لا يروي عن الحسن والحسين (ع)، وهما من أقرب الناس إلى رسول الله (ص)، والى الإمام علي (ع)، ووارثا باب مدينة علم رسول الله (ص)، ولكن حين تنظر إلى الإسلام من زاوية أن حملته من المعصومين، تحس أن هناك ترابطاً واتصالاً بين الإمام المعصوم وبين النبي (ص)، لذلك لا تجد تنافراً واختلافاً في الأحاديث المروية عنهم (ع)، بينما تجد الخلاف والاختلاف بين ما يرويه كل مذهب من المذاهب الاسلامية الأُخَر، وما ذلك الاختلاف إلا لأن الذي هو على رأس هذا المذهب أو ذاك هو إنسان غير معصوم، وكلامه يحتمل الخطأ والسهو والنسيان وغير ذلك فضلاً عن كون بعضهم لا تربطه بالنبي (ص) تلك الرابطة القوية، وهو ليس وارثاً للنبي كما الإمام المعصوم (ع) الذي يرث النبي (ص) مادياً ومعنوياً.
صدى الروضتين: كيف بدأت قصة تحولك الى مذهب اهل البيت (ع)؟
 دعاني والداي اللذان استبصرا قبلي إلى اتباع مدرسة اهل البيت (ع)، وقد رفضت ذلك لأني لا أحب أن اتبعهم اتباعاً أعمى، فكان استبصار والديّ نقطة لبداية البحث؛ لأني كنت أحب أن أعرف ما هو هذا المذهب الذي اتبعاه، فكان لي في الجزائر بعض الأصدقاء من الشيعة، فطلبت منهم أن يعرّفوني بهذا المذهب، وعلى ماذا يقوم، فقد كنا في الجزائر إذا سمعنا بالتشيع، كأننا سمعنا كفراً، والشيعي عندنا كافر، فأعطاني أحد الأصدقاء كتاب (ثم اهتديت) للدكتور التيجاني السماوي التونسي، وقرأته وتولدت عندي بعض الاستفهامات، ثم قرأت كتاب (ليالي بيشاور) وبدأت القناعة بمذهب أهل البيت (ع)، تتسرب إلى نفسي تدريجياً؛ لأن الأمر كان جديداً عليّ.
 وقد استجدت بعض الأمور بيني وبين والديّ، حتى أن أمي رأت فيّ مناماً، وهو أني قد دخلت مذهب اهل البيت (ع)، وصرت موالياً وخادماً للحسين (ع) في الجزائر، ومنذ ذلك الحين صرت شيعياً أعتقد بما يعتقد به الشيعة.
صدى الروضتين: هل كنت تدعو إلى مذهب أهل البيت (ع) بعد استبصارك؟
 مع صعوبة الكلام بعقائد الشيعة إلا أنني كنت مدافعاً عن هذا المذهب بما استطيع، فحين يبدأ الكلام عن اتهام الشيعة بالانحراف، وأن عقائدهم باطلة، كنت دائماً أدعو الى البحث عن الحقيقة، وأرفض أن يردد الإنسان ما يسمعه عنهم بدون أن يثبت بالدليل صحة ما يقوله، مبعداً - وحسب امكانياتي – الشبهات عن مذهب أهل البيت (ع) بدون أن أصرّح بأني صرت شيعياً وأقول لمثل هؤلاء: إن ما تقولونه خطأ، وعليكم بالبحث قبل أن تصدروا حكمكم على مذهب من المذاهب الاسلامية.
 ابتعدت عن الجدال، واكتفيت بالاشارة الى ضرورة البحث والتأكد، وهذا ما جعل بعضهم يبحثون عن الحقيقة، ويقرؤون الكتب لكي يصلوا اليها. أما أصدقائي المقربون، فكنت فضلاً عن دعوتي لهم للبحث، أحدثهم عن أهل البيت (ع)، وأن اتباعهم هو الحق، وأعطيهم بعض الكتب التي في حوزتي؛ لكي يتعرفوا أكثر على هذا المذهب، وكان ذلك مؤثراً، فقد تشيع بعض منهم، وبعضهم الآخر لازال في طور البحث.
صدى الروضتين: هل هناك ردود أفعال معينة بعد علمهم بتشيعك؟
الآن ليس هناك فرق كبير، فالناس بدأوا يفهمون أن الشيعي مسلم يقر بالتوحيد لله تعالى، وبالنبوة لمحمد (ص) على عكس النظرة السائدة فيما سبق من أن الشيعة يقولون بعد أن يسلّموا في الصلاة (خان الامين)..!! وهذا نموذج من افتراءاتهم على الشيعة، ولكن الآن وبفضل تكنلوجيا المعلومات أصبح بمقدور أي إنسان أن يتوصل إلى المعلومة التي يريدها، فلم يعد خافياً على أحد معتقدات الشيعة وممارساتهم، وليس فيما يدعيه أعداء أهل البيت (ع) أي صحة، وليس عليه دليل، ولم يبقَ على هذا الاعتقاد بضلال الشيعة وانحرافهم عن خط الاسلام إلا الذين انغلقوا على فكر متحجر موروث، حبسوا انفسهم معه في دائرة ضيقة، ولم يقبلوا أن ينفتحوا على الفكر والثقافة وقبول الآخر...! لذا تراهم يجترون نفس الكلمات ونفس العبارات التي كان يرددها أسلافهم، ويظنون أن بفكرهم المنغلق هذا سيكسبون الناس. أما المثقفون فأنهم أكثر الذين يبحثون ويدققون ويستفهمون؛ لأنهم أقرب الى الانفتاح، والى الفكر المتحرر من عبودية الأشخاص والأسماء.

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!