يعود تاريخ مدينة العزيزية إلى منتصف القرن التاسع عشر في عهد السلطان (عبد العزيز العثماني)، إذ جاءت تسميتها نسبة إليه، ولموقعها المميز على الجانب الأيسر من نهر دجلة أثر كبير في تطورها واتساعها لوجود نقطة أو ميناء لتحميل البواخر وتزودها بالوقود أثناء ازدهار نشاط النقل النهري في ذلك الوقت. وأنشئت قائمقامية قضاء العزيزية، وعين (فتح الله بيك) أول قائمقام فيها عام (1865م)، واستحدث مركز للقضاء ترتبط به ناحية سلمان باك (المدائن حالياً) حتى نهاية الحكم العثماني، ثم فصلت عنها وألحقت ببغداد عام (1928م) مع بيان ظروف نشأتها، وتخطيطها مشابه لمدينة الناصرية، وفي نفس المدة الزمنية والتي اعتبرت مدينة عصرية آنذاك؛ لأنها مدينة خالية من الأزقة.
وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، ونتيجة المعارك بين العثمانيين والانكليز بقيادة (الجنرال طاوزند) والذي اتخذها مقراً لقواته، رحل أهلها عنها إلى القرى المحيطة بالمدينة، وبعد احتلال الانكليز قاموا بإعادة بنائها، وطلبوا من شيخ عشائر (شمّر) آنذاك (الشيخ جلوب طرفة الصبر)، إعادة الأهالي لبناء دورهم، وأنشئت مدينة العزيزية الحديثة، إذ مدت سكة حديدية تربط مدينة العزيزية بمنطقة الهنيدي سابقاً (معسكر الرشيد حالياً)، وأنشئ فيها معسكر ودار للحكم السياسي في عام (1978م)، وقد مدت إليها خطوط الهاتف عام (1920م) وشيدت أول مدرسة ابتدائية في عام (1928م)، وأول مصرف زراعي في المحافظة في عام (1932م)، قامت بتشييده شركة ألمانية نتيجة ازدهار النشاط الزراعي، ونشاط حركة البواخر في مدينة العزيزية.
العزيزية مدينة أثرية
تعد مدينة العزيزية من المناطق التاريخية القديمة لاحتوائها على أكثر من (100) موقع وتل أثري (ايشان)، ومنها (تل الضباعي) الموجود حالياً جنوب المدينة بمسافة (12كم) والذي يخترقه طريق (بغداد – الكوت)، وهناك تلال أثرية أُخَر مثل: (ابو دبس)، (تل الدير)، (تل الدوهان) و(تل مياح)، وهذه الآثار تنتمي لحقب مختلفة من الزمن، يعود أكثرها لفترة الحكم الساساني مع بعض الآثار التابعة للعهد العباسي مثل: بقايا نواظم سدة النهروان بعد استفادتهم من قناة النهروان القديمة لإرواء مزروعاتهم.
أهمية موقع المدينة جغرافيا
تمتاز مدينة العزيزية بموقع إستراتيجي جيد، إذ تقع جنوب شرق مدينة بغداد، وتبعد عنها بمسافة (85كم) بمحاذاة نهر دجلة (الجانب الأيسر) وسط العراق بين مدينتي الكوت وبغداد على الطريق الرئيسي الذي يربط العاصمة بالمحافظات الجنوبية، وترتبط مع مدن أُخَر بشبكة طرق عامة وسريعة تسمح لمدينة العزيزية بالتمتع بحركة نشاط وظيفي واقتصادي واجتماعي مهم، إذ يحد المدينة من الشمال الغري (قضاء الصويرة) ومن الجنوب (قضاء النعمانية)، ومن الشرق حدود محافظة ديالى مع قضاء بدرة، وتحيط بالمدينة (العزيزية) أراض زراعية تبلغ مساحتها (428000 دونم) وبساتين على امتداد نهر دجلة، وتكون هذه البساتين مكثفة على الجانب الآخر من النهر، وتسمى (قصبة برينج)، وترتبط اداريا بقضاء العزيزية نواحي الحفرية والدبوني.
النمو الحضري والسكان
شهدت المدينة في مراحل نموها التاريخي تغيرات عديدة لتأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية، وتفاعل هذه الأوضاع مع موقع المدينة، مما جعل شكل المدينة وتخطيطها يتغير من مدة زمنية إلى أخرى طوال فترة نمو المدينة... ولابد من الاشارة الى التنوع الاثني لمدينة العزيزية الذي يعكس ازدهار النشاط الاقتصادي وفي العقود الاولى من تأسيسها، واستقطابها الخبرات الفنية والأيدي العاملة والتجار من مناطق مختلفة، كونت نسيجاً اجتماعياً متعدد الأطياف، يمثل نموذج التعايش السلمي عبر الزمن، والى يومنا هذا...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat