صفحة الكاتب : راجي سلطان الزهيري

القمة العربية الإسلامية في الدوحة اتفاق على ألاّ يتفقوا !
راجي سلطان الزهيري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بحضورٍ سياسي رفيع، توافد ملوك ورؤساء وقادة الدول العربية والإسلامية الى العاصمة القطرية الدوحة لعقد القمة، على اثر وقع العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف الأراضي القطرية، في سابقة خطيرة تعكس حجم التمادي الصهيوني وجرأته على ضرب أي عاصمة عربية دون حساب أو رادع.

غير أنّ المشهد لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان محبطاً، فخلاصة هذا الاجتماع يمكن تلخيصها في العبارة الشهيرة: "اتفق العرب على ألا يتفقوا". خطابات ألقيت وكلمات رنانة تكررت منذ عقود، لكنها بدت وكأنها صيغت في مكاتب أجهزة المخابرات الأمريكية وسُلّمت جاهزة للحاضرين، ليقرأوها أمام الشاشات والجماهير، دون روح أو نية حقيقية للتنفيذ.

في ظاهر الأمر، جاء الاجتماع للتشاور والبحث في سبل الرد على العدوان، لكن في باطنه، بدا وكأنه تفويض جديد لإسرائيل لمواصلة حربها المفتوحة على غزة، بل وتوسيعها إلى عواصم عربية أخرى تحت ذرائع مختلفة. إنها رسائل ضمنية بأن العواصم العربية لا تزال رهينة الحسابات الضيقة، وغير قادرة على بناء موقف موحد أو ردع فعلي.

لقد كنا نعرف مسبقاً أن الخضوع سيبقى السمة الغالبة على هذه اللقاءات-لكننا-على الرغم من ذلك ـ تمسكنا بخيط رفيع من الأمل؛ أن يشكل استهداف قطر، بما تمثله من دولة خليجية ذات ثقل سياسي وإعلامي، منعطفاً يغير قواعد اللعبة. لكن سرعان ما تبدد هذا الأمل تحت سقف القاعة، حيث تلاشت الشعارات عند الاصطدام بواقع المواقف المترددة.

الأمير تميم بن حمد آل ثاني دعا إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل. كلمات تحمل نبرة صدق، لكن السؤال: هل كان الأمير يدرك أنّ من حوله لا يملكون القدرة ولا الإرادة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات.

أما الكلمة الأكثر إثارة للسخرية فكانت للعاهل الأردني، الذي شدّد على أن الرد يجب أن يكون "واضحًا وحاسمًا ورادعًا". رد على من؟ وكيف؟ أليست الطائرات التي قصفت قطر قد عبرت الأجواء الأردنية بأمان تام؟ أليس الأجدى أن تبدأ الجرأة من هناك، من حيث كان يمكن صدّها أو على الأقل تسجيل موقف عملي.

إنّ هذه القمة لم تأت بجديد. جلّ ما قدمته هو إعادة إنتاج العجز العربي بعبارات جديدة، وفتح الباب أمام مرحلة أكثر خطورة، عنوانها إسرائيل تملك القرار، والعرب يملكون الخطابات.

التاريخ سوف يسجل أن اجتماع الدوحة لم يكن سوى محطة أخرى في مسلسل طويل من الاجتماعات التي لا تتجاوز حدود القاعات الفاخرة، ولا تترك أثرًا في الميدان حيث تسيل دماء الفلسطينيين وتُقصف المدن العربية.

اذن الخاتمة، أثبتت قمة الدوحة بأنّ الرهان على الحكومات العربية خاسر، وأنّ الخطابات المكرّرة لا توقف حربًا ولا تحمي وطنًا. إسرائيل ماضية في عدوانها، مدعومة بصمت رسمي وتواطؤ دولي، وما يُسمى "الردع العربي" لم يعد سوى نكتة سياسية باهتة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راجي سلطان الزهيري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/16



كتابة تعليق لموضوع : القمة العربية الإسلامية في الدوحة اتفاق على ألاّ يتفقوا !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net