صفحة الكاتب : حسين باجي الغزي

البهتان في صحافة الشيطان. 
حسين باجي الغزي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كنت أتابع ليلة أمس حديثًا للزميل هادي جلو مرعي، رئيس مرصد الحريات الصحفية، وهو يتناول موضوع "البهتان في صحافة الشيطان"، واصفًا به الاتهامات الباطلة التي تفتقد إلى الدليل، وتسوِّقها أطراف وكتل سياسية بقصد إسقاط خصومها أو التنكيل بهم في العملية الانتخابية. وهو أيضًا توصيف ساخر أو هجومي يُطلق على الإعلام المأجور أو المنحرف الذي يضلّل الرأي العام، ويعمل على نشر الأكاذيب والتحريض بدلًا من كشف الحقيقة.

إنه نقد لاذع لوسائل إعلامية تتبنى منهج التضليل والافتراء، في مقابل الصحافة الحرة والشريفة. فمنذ أن وُجد الإعلام بوصفه أداةً لنقل الخبر وصناعة الرأي العام، ظلّت هناك حدود دقيقة تفصل بين الحقيقة والبهتان، بين الصحافة التي تُنير الطريق للناس، وتلك التي تُغرقهم في ظلمات التضليل.

ان البهتان ليس مجرد خطأ مهني أو زلة قلم، بل هو جريمة أخلاقية كبرى، إذ يعني الافتراء على الأبرياء وصناعة الأكاذيب وتقديمها في ثوب الحقائق. أما صحافة الشيطان، فهي الوصف الذي يليق بكل وسيلة إعلامية قرّرت أن تكون بوقًا للباطل، ومظلّة للفساد، وسلاحًا مسلّطًا على ضمير الأمة.

ففي عالم اليوم، نرى نماذج من الإعلام الموجَّه الذي يُحوّل الضحية إلى جلّاد، والجلّاد إلى بطل قومي. صحافة تحترف فنون التشويه، وتستبدل المعايير: تُبرّر الاحتلال، وتُجمّل الاستبداد، وتُسخّر أقلام كتّابها لمهاجمة كل صوت حر.  صدقا هذه ليست صحافة بالمعنى النبيل للكلمة، بل مصانع للوهم وورش لتزوير الوعي.

ان الخطر الاكبر في البهتان حينما يُستخدم سلاحًا في الصراعات السياسية والاجتماعية. فبدل أن تكون الصحافة مرآة صافية تعكس الحقيقة، تتحول إلى أداة اغتيال معنوي، تقتل السمعة، وتُشعل الفتن، وتُزيّف التاريخ. وبهذا تصبح صحافة الشيطان أخطر من جيوش مدججة بالسلاح، لأنها تفتك بالعقول والقلوب قبل أن تفتك بالأجساد.

في المقابل، تبقى الصحافة الحرة هي الحصن الأخير للمجتمع، تحرس الحقيقة من التزوير، وتفضح الفساد مهما كان جبروته. فالصحفي الشريف لا يبيع قلمه ولا يصافح الشيطان، بل يختار أن يقف مع الناس، مع الضحايا، مع المظلومين. فالمعادلة واضحة: إمّا أن تكون صحفيًا للإنسان، أو أن تسقط في وحل الشيطان.

إن "البهتان في صحافة الشيطان" ليس مجرد عبارة، بل تحذير من خطر داهم يهدد المجتمعات إذا تُرك الإعلام بلا ضوابط مهنية وأخلاقية. فكما أن الكلمة الصادقة تصنع أمة، فإن الكلمة المضللة قد تهدم حضارة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين باجي الغزي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/12



كتابة تعليق لموضوع : البهتان في صحافة الشيطان. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net